قائمة المنقولات الزوجية حجر عثرة أمام الزواج والطلاق في مصر

  • 8/5/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

“لا يجوز توثيق عقد الزواج إلا بإثبات قائمة المنقولات الزوجية في مصلحة الشهر العقاري، كشرط لتوثيق الزواج”. هكذا جاء نص التعديل التشريعي الذي تقدم به عدد من نواب البرلمان في مصر لحسم الجدل الدائر حول ضرورة إلغاء القائمة وعدم الاعتراف بها عند الزواج أو الطلاق كي لا تصبح سيفا على رقاب الرجال. ويتضمن التعديل التشريعي المقترح على قانون المأذونين عدم جواز توثيق واقعة الطلاق الرجعي أو البائن إلا بعد مراجعة إثبات المأذون لموقف الزوجة من تسلمها المنقولات الزوجية من عدمه، أي أن الزواج أو الطلاق يبدأ بعد تأكد المأذون من إثبات حق الزوجة في ملكية قائمة المنقولات بأوراق رسمية. وعكس الجدل الأسري في مصر حول قائمة المنقولات الزوجية استمرار قناعة الكثيرين بأنها من أهم وسائل الحفاظ على حقوق المرأة بعد الطلاق في ظل مخاوف تطارد الآباء والأمهات طوال الوقت على بناتهن من وصول علاقاتهن بالأزواج إلى الانفصال الرسمي، وبالتالي يبحثن عن حقوقهن مبكرا وقبل زواجهن. إيمان العوضي: توثيق قائمة المنقولات مطلوب، لكن لا يجب أن تكون فوبيا الطلاق مهيمنة على تفكير الأسر ويرتبط النقاش الدائر بانتشار “تريند” بشكل مفاجئ من بعض الشباب على شبكات التواصل الاجتماعي دعا إلى إلغاء قائمة المنقولات الزوجية بحيث لا تتم كتابة القائمة أصلا ورفض الزوج التوقيع عليها، في حين ردت الفتيات بعدم ممانعتهن إلغاء القائمة شريطة أن يقوم الشاب بتجهيز منزل الزوجية دون أن تدفع أسرة العروس شيئا. وتحولت “القائمة” بلا مقدمات إلى قضية رأي عام في مصر، وعلى إثر ذلك تدخل الأزهر لحسم الجدل المحتدم بين المؤيدين لإلغائها والمعارضين، وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى “لا حرج في التنازل عن القائمة إذا توافرت الثقة بين العائلتين”، ورأت دار الإفتاء أنه “طالما قامت الزوجة بتجهيز بيت الزوجية، فهو ملك لها”. ولا تزال قائمة المنقولات الزوجية عند العديد من الأسر المصرية من الأمور المقدسة قبل إتمام العلاقة الزوجية، ويقوم الشاب بالتوقيع عليها قبل الزواج، وتتضمن محتويات شقة الزوجية من أثاث وأجهزة كهربائية ولوازم للمطبخ، ويتم اللجوء إليها إذا انتهت العلاقة بالطلاق لتحصل الزوجة على جميع ما وقّع الزوج عليه في القائمة. ويستهدف التعديل التشريعي توثيق قائمة المنقولات الزوجية لدى مصلحة الشهر العقاري (جهة التوثيق الحكومية)، بغرض الحفاظ على حقوق المرأة عند الانفصال، ومنع تعنت الرجل وحرمانه من حقها، حيث يتعمّد بعض الأزواج تبديد محتوى القائمة أو بيعها ولا تستطيع الزوجة إثبات ذلك أمام القضاء عند المطالبة بحقوقها. ويكون توقيع الرجل على قائمة المنقولات في العرف المصري من أساسيات إتمام العلاقة، وقد تفشل زيجات قبل العُرس بأيام قليلة لاختلاف أسرتي الشاب والفتاة على بعض بنود القائمة، لكن التعديل المقترح يرفع هذا العبء عن أسرة الفتاة ويجعل توثيق ورقة القائمة في الشهر العقاري من شروط توثيق عقد الزواج نفسه. وتتشدد بعض الأسر في تضمين قائمة المنقولات أشياء خيالية، مثل الأبواب والنوافذ والأجهزة الكهربائية وكل قطعة ملابس اشترتها الزوجة ليجد الشاب نفسه مجبرا على التوقيع على مبلغ مالي كبير، فيرفض الإقرار بالموافقة على بنود القائمة لخوفه من حدوث أزمة مستقبلا مع زوجته يضطر بموجبها إلى دفع هذه الأموال عند انهيار العلاقة. ويرى متخصصون في العلاقات الأسرية أن توثيق قائمة المنقولات الزوجية في جهة حكومية يؤمّن حقوق المرأة بعد الطلاق ولا يجعلها عرضه للقهر أو الإذلال على يد زوجها السابق كي تحصل على مستحقاتها التي كفلها لها القانون والشرع، لأن مثل هذه القضايا تظل معطلة في المحاكم لوقت طويل لعدم استطاعة الزوجة إثبات حقها. وتعج محاكم الأسرة في مصر بدعاوى قضائية مرتبطة بقائمة المنقولات الزوجية، وطوال فترة التقاضي تصبح العلاقة بين الرجل والمرأة أقرب إلى حلبة مصارعة، كلاهما يسعى لهزيمة الآخر وقهره وابتزازه، ويدفع الأبناء وحدهم فاتورة وصول العلاقة بين الطرفين إلى قمة التدهور، وتأتي الأحكام غالبا في صالح النساء بحصولهن على قائمة المنقولات. ◙ التعديل التشريعي المقترح على قانون المأذونين يتضمن عدم جواز توثيق واقعة الطلاق الرجعي أو البائن إلا بعد مراجعة إثبات المأذون لموقف الزوجة من تسلمها المنقولات الزوجية من عدمه ◙ التعديل التشريعي المقترح على قانون المأذونين يتضمن عدم جواز توثيق واقعة الطلاق الرجعي أو البائن إلا بعد مراجعة إثبات المأذون لموقف الزوجة من تسلمها المنقولات الزوجية من عدمه ويُقابل بعض الأزواج ابتزاز أسرة الزوجة بنوع من العناد والامتناع عن تسليم قائمة المنقولات الزوجية برفض توثيق الطلاق، وترك الزوجة معلقة، لا منفصلة رسميا أو متزوجة، ما يدفعها إلى رفع قضية خُلع في المحكمة ليأتي الحكم لصالحها، لكنها تخسر كل شيء بما فيه محتويات سكن الزوجية (القائمة). وقالت رحاب العوضي استشارية العلاقات الأسرية بالقاهرة إن اهتمام الأسر بالتعامل مع القائمة باعتبارها الوسيلة الأهم لتأمين مستقبل المرأة بعد الانفصال تفكير خاطئ، فلا يجوز أن تتم محاصرة الزوج بورقة ومساومته بها عند حدوث خلاف بين الشريكين، لأن التفكير في الطلاق مبكرا يهدم كيان الأسرة بشكل يصعب ترميمه. ويبرر المؤيدون لتوثيق قائمة المنقولات في جهة حكومية كشرط للزواج والطلاق أيضا بأن نسب الانفصال في مصر وصلت إلى مستويات قياسية ومن الطبيعي أن تتخوف الأسرة والفتاة من إهدار حقوقها مستقبلا، فهناك حالة طلاق كل دقيقتين و11 ثانية، ما جعل مصر تحتل المرتبة الأولى عالميا في معدل الطلاق. وانعكس ذلك على طقوس الزواج وعاداته وتقاليده وصارت أكثر صعوبة، لأن الأسرة أصبحت تفكر في كيفية الحفاظ على حقوق الفتاة وتأمين مستقبلها قبل أن تتزوج رسميا، وهو الأمر ذاته الذي برره بعض نواب البرلمان المتقدمين بتعديلات خاصة على لائحة المأذونين، بحيث لا يوثقون عقود الزواج أو الطلاق دون ثبوتية القائمة. إجراءات الزواج أو الطلاق لا تبدأ إلا بعد تأكد المأذون من إثبات حق الزوجة في ملكية قائمة المنقولات بأوراق رسمية وأضافت العوضي لـ”العرب” أن توثيق قائمة المنقولات مطلوب، لكن لا يجب أن تكون فوبيا الطلاق مهيمنة على تفكير الأسر، لأن الثقة بين الطرفين أساس بناء العلاقة الزوجية السوية بحيث يكون هناك تفاهم، مؤكدة أن تصرفات بعض الرجال هي التي دفعت البرلمان إلى التفكير في وقف إذلال المرأة بالقائمة. وأشارت إلى أن الرجل الأمين على زوجته لن يتعامل مع توثيق القائمة بامتعاض ولن يخاف من الابتزاز، حيث يفكر في تكوين أسرة مستقرة وتأسيس علاقة راسخة مع شريكته، بالتالي فطريقة التوقيع على القائمة وتوثيقها يمكن اعتبارها مرحلة تكشف نوايا الرجل تجاه زوجته مستقبلا، فمن ينوي الاستقرار لا يخشى ورقة القائمة. وبعيدا عن تمرير البرلمان لتلك التعديلات من عدمه، يعكس الجدل الدائر حول القائمة أزمة عميقة عند بعض الأسر ترتبط بأنها تتعامل مع قائمة المنقولات كسبيل لضمان حقوق المرأة بعد الطلاق وسلعة تُباع وتُشترى، مع أن العائلات لو ركزت جهودها على وضع الأسس السليمة للعلاقة بين الشريكين لن يستمر هاجس الطلاق أو الخوف من المستقبل لتصبح العلاقة قائمة على الود والثقة والاحترام.

مشاركة :