أكد الدكتور عمر مسعود رئيس قسم أمراض الكبد في مستشفى كليفلاند كلينك أن جميع حالات الإصابة بعدوى فايروس التهاب الكبد “ج” قابلة للشفاء تقريبا، مع ضرورة الالتزام بالتشخيص المبكر للمرض ومعالجة الأضرار التي يمكن أن تصيب الكبد بعد علاج الالتهاب الفايروسي؛ نظرا للتأثير السلبي الذي يمكن أن يلحقه الفايروس بصحة الكبد. ويشير مرض التهاب الكبد إلى إصابة الكبد بعدوى التهاب الكبد الفايروسي، والذي ينتج عن إحدى السلالات الخمس لفايروسات التهاب الكبد المسماة من A إلى E. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يعيش ما يقدر بنحو 354 مليون شخص في جميع أنحاء العالم مع التهاب الكبد “ب” أو “ج”، واللذين ينتقلان عن طريق الدم ويُعدّان السبب الأكثر شيوعا للإصابة بتليف الكبد وسرطان الكبد والوفيات المرتبطة بالتهاب الكبد الفايروسي. وفي الوقت الذي يوجد فيه لقاح للوقاية من التهاب الكبد “ب”، لا يوجد حتى الآن لقاح لالتهاب الكبد “ج”. وأشار الدكتور مسعود إلى أن علاجات التهاب الكبد الفايروسي “ج” شهدت تحسنا ملحوظا خلال العقد الماضي؛ حيث أن الأدوية المضادة للفايروسات وذات المفعول المباشر أثبتت فعاليتها في القضاء على فايروس التهاب الكبد “ج” في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر فقط. وقد أظهرت الدراسات أن معدل الشفاء الذي تحققه هذه الأدوية يصل إلى 98 في المئة – 99 في المئة، كما أنه يمكن بشكل عام للأشخاص الذين يتناولونها تحمل تأثيراتها جيدا. كلما كانت الفترة التي لا يتم فيها اكتشاف المرض أطول، تزيد احتمالية أن يتعرض الكبد للضرر ولفت إلى أن التحدي يكمن في أن مرضى التهاب الكبد الوبائي “ج” لا تظهر عليهم أعراض في كثير من الأحيان، وبالتالي لا يقومون بزيارة الطبيب لإجراء الاختبارات التشخيصية اللازمة أو العلاج. لهذا السبب من المهم للغاية أن يخضع كل شخص فوق سن 18 عاما لفحص التهاب الكبد “ج” ولو لمرة واحدة على الأقل، وإلا قد يؤدي التأخر في الكشف المبكر عن المرض إلى فوات الأوان، ولاسيّما بعد أن تبدأ الأعراض بالظهور وتتطور الحالة إلى الإصابة بتليف الكبد. وشدّد الدكتور مسعود على أهمية أن يدرك المرضى أن رحلة العلاج لا تنتهي بالأدوية المضادة للفايروسات، بل يتعين عليهم إجراء المزيد من اختبارات الدم بعد ثلاثة أشهر للتأكد من أنه تم القضاء على الفايروس بشكل كامل. والأهم من ذلك، يجب أن نتذكر دائما أن هذه الأدوية في حين يمكنها القضاء على فايروس التهاب الكبد “ج”، إلا أنها لا تستطيع علاج الضرر الذي يحدث بالفعل في الكبد. وأضاف الدكتور “كلما كانت الفترة التي لا يتم فيها اكتشاف المرض أطول، تزيد احتمالية أن يتعرض الكبد للضرر. وبينما قد لا يعاني الشاب الذي أصيب بالتهاب الكبد لمدة عام من أي أضرار في الكبد، فإن الشخص الذي يعيش مع الالتهاب لعقود من الزمن قد يُصاب بمرض كبدي خطير”. وفي ما يتعلق بتقييم شدة الضرر الذي يلحق بالكبد، يمكن تصنيف تندب أو تليف الكبد ابتداء من المرحلة الأولى الأقل خطورة إلى المرحلة الرابعة الأشد خطورة وهي تليف الكبد. المرضى الذين يتم تشخيص إصابتهم بتليف الكبد من المرحلة الرابعة يجب أن يعرفوا أن هذا التشخيص لا يعني نهاية العالم وتتطلب المرحلتان الأولى والثانية أقصر فترات المتابعة ويمكن خلالهما علاج الأضرار التي تلحق بالكبد. وعادة ما يُنصح المرضى المصابين بتندب أو تليف الكبد في المرحلتين الأولى والثانية بتعديل أنماط حياتهم من خلال تجنب المشروبات الكحولية وتناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة بانتظام والحفاظ على وزن صحي. أما في المرحلتين الثالثة والرابعة، قد لا يكون الضرر الذي يصيب الكبد قابلا للعلاج، وقد يحتاج المريض إلى مراقبة مستمرة مدى الحياة للتحقق من مضاعفات أمراض الكبد، وسيحتاج أيضا إلى تبني خيارات نمط حياة صحية على الدوام. ونوّه الدكتور مسعود إلى أن المرضى الذين يتم تشخيص إصابتهم بتليف الكبد من المرحلة الرابعة يجب أن يعرفوا أن هذا التشخيص لا يعني نهاية العالم؛ حيث يعتقد الكثير من الناس خطأ أنه إذا تم تشخيص إصابتهم بتشمع الكبد، فهذا يعني أنهم سيحتاجون تلقائيا إلى عملية زرع كبد. وهذا ليس صحيحا؛ لأنه حتى مع الإصابة بتليف الكبد من المرحلة الرابعة، لا يزال بإمكان المريض أن يعيش حياة طبيعية لفترة من الوقت. وبيّن أن هناك مجموعة قليلة من مرضى التهاب الكبد الفايروسي “ج” الذين يتم تشخيص إصابتهم بتليف الكبد المتقدم أو المعقّد، المعروف أيضا باسم مرض الكبد في المرحلة النهائية، وسيحتاجون إلى زراعة كبد بالإضافة إلى علاج التهاب الكبد “ج”. واختتم قائلا “بشكل عام، هناك الكثير من الأمور، التي يُنظر إليها على أنها إيجابية بالنسبة إلى مرضى التهاب الكبد الفايروسي هذا العام وخاصة مع اللقاحات ضد بعض الفايروسات إضافة إلى تطوير أدوية واعدة لمساعدة الناس على الوقاية من مختلف أشكال مرض التهاب الكبد والتعامل معه وعلاجه”.
مشاركة :