تسعى الحكومة الأردنية إلى بلورة خطة طموحة ضمن سياق الإصلاحات الاقتصادية من أجل دعم سوق العمل في القطاع الصناعي، الذي يعد أحد المجالات الحيوية للاقتصاد إلى جانب السياحة والاستثمارات الخارجية المباشرة. ويعاني البلد الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية من صعوبات اقتصادية منذ سنوات، وهو ما يتطلب وصفة تضمن الإبقاء على استمرارية الوظائف ودعمها لمكافحة البطالة. وأكد وزير العمل نايف استيتية، خلال لقاء نظمته غرفة صناعة عمّان الخميس الماضي حول مقترحات تحقيق أهداف برنامج "تشغيل"، أهمية تمكين الشباب وتأهيلهم وتوفير بيئة عمل ملائمة لهم ولظروفهم، لتقليل نسبة عزوف الأردنيين عن العمل بالقطاعات الصناعية المختلفة. وأشار إلى أن الوزارة بدأت بإنشاء أربعة مجالس قطاعية جديدة بإدارة القطاع الخاص وبإشراف القطاع العام، لإدماج أكبر عدد من العمال الأردنيين. نايف استيتية: أنشأنا 4 مجالس قطاعية لإدماج أكبر عدد من العاطلين وإلى جانب رفع مستوى التنافسية في سوق العمل الأردنية، يعتبر القطاع الصناعي رافدا مهما للاقتصاد المحلي، كونه يحرك التجارة الخارجية عبر زيادة الصادرات. وتظهر الأرقام الرسمية أنّ مساهمة الصناعة تصل إلى أكثر من 24 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر أكثر من 200 ألف فرصة عمل للمواطنين، أي ما يعادل 20 في المئة من القوى العاملة بالبلاد. وقال استيتية إن الوزارة “جاهزة للتعاقد مع المؤسسات والمصانع لتدريب عمالة محلية على خطوط الإنتاج، بهدف توليد فرص عمل مؤهلة للأردنيين، وإعادة تفعيل مراكز التدريب المهني بالشراكة مع القطاع الخاص”. وتعكف الوزارة على إعداد البرامج التدريبية والتوجيهية اللازمة لرفد سوق العمل بالعمالة الماهرة والمؤهلة، لتمكينها في سوق العمل وإحلالها مكان العمالة الوافدة. ووفق بيانات دائرة الإحصاءات العامة، فقد تراجع معدل البطالة خلال الربع الأول من العام الجاري بواقع 2.2 في المئة، ليصل إلى نحو 22.8 في المئة على أساس سنوي. ويؤكد اقتصاديون أهمية برنامج التشغيل الذي أعلنت عنه الحكومة في تحفيز القطاع الخاص على توفير فرص العمل، واستمرار توليد الوظائف واستدامتها على المدى البعيد دون ارتباط بفترة زمنية معينة. ويرون أن من الضروري التركيز على العمالة الموجودة حاليا في الأسواق وتثبيتها واتخاذ حزمة متكاملة من السياسات، وانتهاج خطط عمل تستهدف حل التحديات المرتبطة بسوق العمل وأنظمة التعليم. وكانت الحكومة قد أطلقت مؤخرا برنامجا يهدف إلى توفير 60 ألف فرصة عمل في القطاع الخاص، من خلال التشبيك بين أصحاب العمل بناء على احتياجاتهم من العمال. ◙ اقتصاديون يؤكدون على أهمية برنامج التشغيل الذي أعلنت عنه الحكومة في تحفيز القطاع الخاص على توفير فرص العمل، واستمرار توليد الوظائف واستدامتها وأرفقت ذلك بمتابعة القضايا والتحديات التي تواجه قطاع الأعمال في مسألة التوظيف، ومحاولة سد الفجوة الكبيرة بين احتياجات سوق العمل والمهارات والقدرات الوظيفية. وبحسب التقرير السنوي لعام 2021 والذي أصدرته الأمم المتحدة مؤخرا، فقد تقهقر ترتيب الأردن في مؤشر البطالة العالمي بواقع 15 مرتبة، ليقبع في المركز السادس عربيا والرابع والثلاثين عالميا من أصل 208 بلدان. ويعزو خبراء الأمم المتحدة هذا التراجع إلى وجود فوارق في الرواتب السائدة في سوق العمل، بالإضافة إلى غياب العدالة في العرض والطلب على العمل. ويقول رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمّان فتحي الجغبير إن الصناعة هي الأكثر تشغيلا للأيدي العاملة المحلية في القطاع الخاص. ولفت خلال اللقاء إلى أن أي قرار يعزز تنافسية القطاع سيزيد من قدرته على توليد المزيد من فرص العمل، وبالتالي التخفيف من نسب البطالة. ويحمل البطء في معالجة بعض السياسات الاقتصادية، رغم إطلاق الحكومة مطلع يونيو الماضي استراتيجية تنويع تمتد لعشر سنوات، في طياته أثرا مباشرا على الطبقة المتوسطة، حيث سيكون وقع ذلك أشد وأكبر لاعتبارات متعددة تتعلق بالتركيبة الاجتماعية ومصادر دخلها وطبيعة إنفاقها. كما أن مستوى قدرة هذه الفئة على التعامل مع مؤشرات التضخم وارتفاع الأسعار وتراجع الدعم الحكومي للسلع والخدمات، نتيجة للإجراءات التقشفية وسياسات الإصلاح المختلفة، سيكون أقل مع مرور الوقت.
مشاركة :