أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، اليوم (الجمعة) على أهمية رأس المال البشري في بلاده، مُرجعا هجرة الكفاءات من بلاده إلى محدودية الآفاق في تونس. وقال الرئيس سعيد، في كلمة خلال احتفال تونس بيوم العلم لسنة 2022، إن "رأس المال البشري في تونس هو عبارة عن ثروة حقيقية لا تنضب لما له من قدرة على التجديد والاختراع في كل الميادين رغم محدودية الإمكانات المادية". واعتبر أن "الجهل الفكري لا يقل أثرا عن الجهل والبؤس الاقتصادي والاجتماعي"، مُرجعا هجرة الكفاءات إلى محدودية الآفاق، قائلا إن "المتخرجين من الحاصلين على شهادات جامعية عليا يُبادرون إلى الهجرة للخارج بسبب محدودية الآفاق في تونس وعدم توفر المناخ الملائم للعمل البحثي". وأضاف في كلمته التي ألقاها بحضور رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وأعضاء الحكومة وعدد من التلاميذ المتفوقين وأولياء أمورهم، أن من أسباب هذه الهجرة أيضا حصول هذه الكفاءات "على حوافز مشجعة بالخارج الأمر الذي يفرض فتح الآفاق وتذليل صعوبات العمل". ورأى أن تونس "تُقرض العديد من الدول كفاءات وعقول لا تُقدر بمال في بنوك العالم"، مؤكدا في هذا الصدد، على أهمية إصلاح التعليم "للنأي بالناشئة والطلبة والباحثين عن الحسابات السياسية". وحذر في هذا السياق، مما أسماه "التسلل المُبطن للسياسة" في المعاهد والمدارس، معتبرا أن "من أخطر الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب هي إفراغ العقول من ملكة التفكير والنقد". يُشار إلى أن السلطات التونسية تُقر بخطورة ظاهرة هجرة الكفاءات حتى أن رئيسة الحكومة نجلاء بودن، لم تتردد في القول في تصريحات سابقة، إن "من أكبر المشاكل التي تواجهها تونس اليوم هي هجرة الكفاءات". وأشارت بودن إلى أن مسألة هجرة الكفاءات "تُثير قلق تونس خاصة من نسب هجرة المهندسين والمتخرجين في قطاع تكنولوجيا المعلومات"، لافتة إلى أن هذه المسألة "تمثل خسائر كبرى في مجال استثمار الدولة في تكوين الكفاءات التي تتمتع بتعليم عمومي ثم تغادر تونس للعمل في دول أخرى". ويرى مراقبون أن استفحال ظاهرة هجرة الكفاءات في تونس أصبح يمثل نزيفا حقيقيا للثروة البشرية للبلاد. وكشف المرصد الوطني للهجرة بتونس الحكومي عن مغادرة أكثر من 42 ألف مهندس وطبيب لبلادهم خلال السنوات الخمس الماضية. وبحسب بيانات إحصائية كشف عنها المرصد الوطني للهجرة بتونس في وقت سابق من الشهر الماضي، فإن 39 ألف مهندس وثلاثة ألاف و300 طبيب غادروا البلاد خلال الفترة الممتدة بين 2015 و2020 من أجل فرص عمل بالخارج. ولم يستبعد المدير العام للمرصد الوطني للهجرة بتونس عبد الرؤوف الجمل، أن تشهد تونس خلال الفترة القادمة ارتفاعا في عدد المهاجرين من الكفاءات بسبب الامتيازات التي تقدمها البلدان المستقطبة لهذه الفئات مقابل عديد الصعوبات في تونس، على حد قوله في تصريحات سابقة. وأوضح الجمل أن التوقعات تُشير إلى أن هجرة الكفاءات ستشمل اختصاصات الهندسة الرقمية والطب، فيما أكد عميد المهندسين التونسيين كمال سحنون بأن 39 ألف مهندس غادروا تونس خلال الـ 5 سنوات الماضية، أي بمعدل 6500 مهندس سنويا و20 مهندسا يوميا. واعتبر كمال سحنون في تصريحات سابقة أن الدولة التونسية تنفق على تكوين 6500 مهندس آلاف المليارات سنويا، ثم تهديهم إلى اقتصاديات دول أخرى.
مشاركة :