إذا ظلت أسواق الاتحاد الأوروبي موحدة سواء داخليا أو مع بقية العالم، يشير منهجنا القائم على السوق الموحدة إلى أن السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال ستساعد على تخفيف التأثيرات الاقتصادية. ويرجع هذا إلى أن تخفيض الاستهلاك موزع على كل البلدان المتصلة بالسوق العالمية. وعلى طرف النقيض، ومع افتراض عدم وجود دعم من إمدادات الغاز الطبيعي المسال، يتضخم التأثير، فيتعين أن تعمل أسعار الغاز بالغة الارتفاع عن طريق تأثيرها الكابح للاستهلاك في الاتحاد الأوروبي فقط. وإذا كانت هناك قيود مادية تعوق تدفقات الغاز، فإن منهج الأسواق المفتتة يشير إلى أن التأثير السلبي في الناتج الاقتصادي سيكون كبيرا للغاية، يصل إلى 6 في المائة بالنسبة لبعض البلدان في أوروبا الوسطى والشرقية، حيث يستخدم الغاز الروسي بكثافة كبيرة وتشح الإمدادات البديلة، ولا سيما في هنغاريا والجمهورية السلوفاكية والجمهورية التشيكية. وستواجه إيطاليا تأثيرات كبيرة أيضا بسبب ارتفاع مستوى اعتمادها على الغاز في إنتاج الكهرباء. وستكون الآثار في النمسا وألمانيا أقل حدة، لكنها تظل كبيرة، تبعا لمدى توافر مصادر بديلة ومدى القدرة على تخفيض استهلاك الغاز من جانب الأسر، وستكون الآثار الاقتصادية معتدلة، ربما أقل من 1 في المائة، بالنسبة لبلدان أخرى تمتلك سبلا كافية للوصول إلى الأسواق الدولية للغاز الطبيعي المسال. وحول مدى التعرض للمخاطر بالنسبة لألمانيا، أجرينا بحثا أكثر تعمقا لفهم الآفاق وخيارات السياسات في ألمانيا حال حدوث وقف كامل للإمدادات. وبدءا بآفاق التوقعات الأساسية الواردة في مشاورات المادة الرابعة ـ التي تتضمن بالفعل وقف الإمدادات الجزئي الجاري ـ وسعنا نطاق التقييم حتى نهاية 2027 وأدخلنا فيه تأثيرات إضافية متعلقة بالطلب تنشأ من عدم اليقين الذي يواجه الأسر والشركات وتخفض الاستهلاك والاستثمار الكليين. وتشير تقديراتنا إلى أن قنوات عدم اليقين ستضيف عبئا ملحوظا من التأثيرات الاقتصادية الناجمة عن الوقف الكامل. ويتوقع أن تبلغ التأثيرات ذروتها العام المقبل، ثم تنحسر مع توافر إمدادات غاز بديلة. ويمكن أيضا أن يؤدي ارتفاع أسعار الغاز بالجملة إلى زيادة كبيرة في التضخم، وهو ما نقوم بدراسته بشكل مباشر في عملنا المعني بألمانيا. وتوضح نماذج المحاكاة أيضا أن حفظ الطاقة الاختياري من جانب المستهلكين يمكن أن يخفض الخسائر الاقتصادية بمقدار الثلث، وأنه يمكن تخفيضها بما يصل إلى ثلاثة أخماس أيضا باتباع خطة جيدة التصميم لتحديد حصص الغاز، ومن ذلك، على سبيل المثال، خطة يتحمل بموجبها المستخدمون النهائيون والصناعات كثيفة الاستخدام للغاز جانبا أكبر من نقص الإمدادات. وبشأن تخفيف الاستهلاك، فإن البلدان التي تشجع الأسر ومنشآت الأعمال بالفعل على توفير الطاقة تتضمن إيطاليا، حيث تفرض الحكومة مستويات دنيا وقصوى للتدفئة والتبريد. كذلك تتضمن خطة المفوضية الأوروبية REPowerEU تدابير لحفظ الطاقة والحد من الاعتماد على الوقود الروسي. غير أن الفجوة بين الطموح والواقع لا تزال قائمة. ويوضح بحث للصندوق قيد الإصدار أن كثيرا من البلدان اختارت سياسات تحد بقوة من انتقال أسعار الجملة إلى المستهلكين. وهناك بديل أفضل يتمثل في السماح بتمرير الأسعار بدرجة أكبر لتحفيز حفظ الطاقة مع تقديم تعويض موجه إلى الأسر التي لا قبل لها بتحمل ارتفاع الأسعار. لمعالجة التحديات، يوضح بحثنا إمكانية تخفيف جانب من التداعيات الاقتصادية لوقف الغاز الروسي. فبخلاف التدابير المتخذة بالفعل، ينبغي اتخاذ إجراءات أخرى تركز على تخفيف المخاطر والتأهب للأزمات. ويجب على الحكومات أن تعزز الجهود لتأمين الإمدادات من الأسواق العالمية للغاز الطبيعي المسال والمصادر البديلة، ومواصلة تخفيف اختناقات البنية التحتية لاستيراد الغاز وتوزيعه، والتخطيط لمشاطرة الإمدادات عبر الاتحاد الأوروبي في حالة الطوارئ، والتحرك الحاسم لتشجيع وفورات الطاقة مع حماية الأسر الضعيفة، والتأهب للبرامج الذكية التي تحدد حصصا للغاز. إنها اللحظة المناسبة لكي تبني أوروبا على ما تحقق من تحرك حاسم وعمل تضامني أثناء الجائحة للتعامل مع اللحظة العصيبة التي تواجهها اليوم.
مشاركة :