أشاد السعوديون بأرقام القوى العاملة التي تكشف عن الدور المتنامي للمرأة في الاقتصاد الوطني كجزء من رؤية 2030. وتشكل النساء السعوديات الآن 33.6 في المئة من القوى العاملة السعودية اعتبارًا من مارس 2022، وفقًا للهيئة العامة للإحصاء. هذا الرقم ارتفع من 17.4 في المئة قبل خمس سنوات فقط. وأصبح معدل بطالة النساء هو الأدنى منذ 20 عامًا اعتبارًا من الربع الأول من عام 2022، حيث انخفض إلى 20.2 في المئة من 22.5 في المئة خلال الربع الرابع من عام 2021. إرادة سياسية وتعكس رؤية 2030 إرادة سياسية لتطوير وضع المرأة، وتمكينها، ورفع مستوى مشاركتها الاقتصادية، والبناء على قدراتها ومعرفتها. 39 في المئة نسبة النساء في المناصب الإدارية العليا والمتوسطة في السعودية وقالت الأمينة التنفيذية للإسكوا الدكتورة رولا دشتي إنّ التوقعات تشير إلى أن مشاركة المرأة بكامل طاقاتها قد تزيد الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2025 بنسبة تناهز الـ26 في المئة، ما يعادل 28 تريليون دولار. وأضافت أنّ المملكة بدأت تترجم هذه الأرقام إلى إصلاحات ملموسة على أرض الواقع. وسلّط السفير وليد البخاري الضوء على النظرة البعيدة للمرأة السعودية التي تضمنتها الرؤية، التي منحت للسعوديات دوراً قيادياً في المجتمع وفي التنمية. وعرضت آمال يحيى المعلمي، ممثلةً هيئة حقوق الإنسان ومجلس شؤون الأسرة في المملكة العربية السعودية، لخطط رؤية السعودية 2030 وأهدافها المتعلقة بالمرأة، مؤكدة أنّ ما يحصل في بلدها ستمتد آثاره إيجابًا على المنطقة. وتعزز رؤية 2030 مكانة المرأة السعودية كجزء مهم من قوة المملكة. إذ تهدف إلى تنمية مواهبهن واستثمار طاقاتهن وتزويدهن بالفرص المناسبة لبناء مستقبلهن والمساهمة في تنمية المجتمع. ويقول الخبراء إن تدفق النساء إلى سوق العمل يرجع إلى الإصلاحات والتشريعات والقوانين التي تعزّز بيئة شاملة في مكان العمل. وقال سعد الحماد المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لصحيفة “عرب نيوز” السعودية “نفذت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية سياسات ومبادرات تدعم الشمولية والتنوع في سوق العمل من خلال تقديم حوافز متنوعة. لتعزيز الصورة الإيجابية للمرأة في مكان العمل، وخلق بيئة داعمة وشاملة لتسهيل دخول المرأة إلى سوق العمل”. وأضاف الحماد أن نسبة النساء في المناصب الإدارية العليا والمتوسطة ارتفعت من 28.6 في المئة في 2017 إلى 39 في المئة في الربع الأول من 2022. ووفقًا لبيانات سوق العمل، تم توظيف 27.7 في المئة من النساء السعوديات في قطاع التعليم و17.7 في المئة في قطاع التجزئة والجملة اعتبارًا من مارس 2022. وقالت الدكتورة نوير صالح الشمري، نائب عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إن المرأة السعودية تقدمت بسبب القرارات التاريخية التي اتخذت في عهد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، والتي مكنت المرأة السعودية من أن تكون شريكة فاعلة في التنمية الوطنية، وحجر الزاوية في برنامج التحول الوطني ورؤية السعودية 2030، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بكفاءة. وأضافت الشمري، التي كانت رئيسة اللجنة الإعلامية في مؤتمر حول تمكين المرأة في نوفمبر 2021 “شهدت التحولات في السنوات الأخيرة حضورا هائلا للمرأة السعودية في سوق العمل والغرف التجارية ومجلس الشورى والعمل الدبلوماسي، وغيرها من المناصب القيادية الهامة. ومُنحت المرأة الصلاحيات اللازمة للاضطلاع بمسؤولياتها تجاه البلاد بسبب قدراتها بدعم من الحكومة”. تدفق النساء إلى سوق العمل يرجع إلى الإصلاحات والتشريعات التي تعزّز بيئة شاملة في مكان العمل وقالت الدكتورة أمل الدعيج، مستشارة العلاقات الدولية والشراكة الاستراتيجية للغطاء النباتي “لقد مكّن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المرأة في سوق العمل وبسببه أصبحت المرأة اليوم شريكًا حقيقيًا للرجل في تنمية البلاد”. وأضافت الدعيج أن المرأة اليوم تتمتع بمكانة متميزة في المجتمع بسبب القيادة التي رأت أهمية زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة، باعتبار أن المرأة تمثل نصف المجتمع. وأوضحت الدعيج أن المرأة اليوم تستطيع شغل مناصب قيادية والمشاركة في الوفود الرسمية في المحافل الدولية. وقالت المستشارة، التي كانت عضوًا في الوفد السعودي إلى مؤتمر COP15 للأمم المتحدة لمكافحة التصحر، “من المثير رؤية زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة في السنوات الأخيرة. هذا التمكين يعزز الاقتصاد الوطني”. وأحرزت المرأة السعوديّة تقدمًا غير مسبوق بالانضمام إلى سوق العمل في بلدها بفضل العديد من الإصلاحات الجديدة التي نفّذتها الحكومة منذ عام 2019. وظهرت فرص عمل جديدة للمرأة في صناعاتٍ لطالما كانت حكرًّا على الرجال فيما سبق. ووفقاً لما أورده “تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون” الصادر عن البنك الدولي فإن المرأة السعوديّة تشكل عنصرًا حيويًّا لنجاح رؤية عام 2030 حيث تمّ تنفيذ إصلاحات عدّة من أجل تحفيز المرأة لدخول سوق العمل وحمايتها. وشملت هذه الإصلاحات إدراج حق المرأة المتساوي في اختيار مكان إقامتها. وحظرت التمييز على أساس الجنس في الوظيفة، وفصل النساء الحوامل من العمل، والتمييز على أساس الجنس في الحصول على الائتمان. وطبقت المراسيم الملكية المساواة بين الرجل والمرأة في سن المعاش التقاعدي وألزمت أصحاب الأعمال بمنح المرأة إجازة وضع بأجر كامل وأن تحسب ضمن مدة خدمتها لأغراض التقاعد. وتُفيد هذه الاصلاحات بالفعل حوالي ستة ملايين امرأة سعودية تجاوزت أعمارهنّ 21 عامًا وستؤثّر أيضاً على العديد من الأجيال القادمة. وارتفعت نسبة عمالة المرأة في القطاعات التي لطالما سيطر عليها الرجال. ففي عام 2020 وحده دخلت 7782 امرأة إلى قطاع البناء – بينما كانت عمالة المرأة في هذا القطاع محظورةً في السابق بموجب القانون – وتبوّأت 6662 امرأة مناصب جديدة في قطاع التصنيع. تحول مشهود ☚ إصلاحات ستؤثر على الأجيال القادمة ☚ إصلاحات ستؤثر على الأجيال القادمة قالت كريمان الغامدي، وهي أمّ في العقد الرابع من عمرها، إنها قرّرت كسر الحواجز والعمل كسائقة (كابتن) توصيل لصالح شركة “كريم”، وهي إحدى شركات النقل. وقد عملت كريمان في وظائف أخرى، أكثر روتينيّة ومكتبيّة في مجال الموارد البشريّة، لكن، متى سُمح للمرأة السعوديّة بالقيادة، قرّرت كريمان أن تقدم طلبًا لشغل وظيفة سائقة بما أنها كانت تعرف أنها ستنجح في مثل هذه الوظيفة. وقالت “يترافق هذا النوع من العمل مع عدد كبير من الصعوبات. لكن، إذا ما فكرّنا في هذه الصعوبات وحدها، فلن نغادر منزلنا ولن نقوم بعمل أيّ شيء. فالآخرون يتجاهلونني عندما يرون امرأة تقود سيارة. ويعتبر البعض بما أنّني سائقة توصيل، يُمكنهم إساءة معاملتي. كما أن ساعات العمل الطويلة تُبعدني عن ابنتي. لكن، أسعى كأمّ لأن أحقّق أهدافي وأسلّم البضائع في الوقت المُحدّد”. وأضافت أنّها استفادت الكثير من عملها، فاكتسبت خبرة أكبر كسائقة، وتعلّمت الصبر، والتقت أشخاصًا من خلفيّات مختلفة، وتعلّمت أن العالم ليس بالضرورة مكانًا ودودًا. تقول كريمان “كنت شخصًا طيبًا، وأنهزم بسهولة، ولا أعرف كيفية التعامل مع الناس. لكن، بفضل هذه الوظيفة الجديدة، اكتسبت القوّة والحزم وتعلّمت كيفيّة مواجهة المواقف الصعبة”. وترى كريمان أن المرأة السعودية اليوم في موقف تنافسي وقوي جدًا لتبوّؤ المناصب بفضل دعم الحكومة ورؤية عام 2030 التي تمكّنها. وتابعت “أخيرًا حلمي أن أرى المرأة السعودية نموذجًا للعالم ومثلاً يُحتذى، وأن ينظر العالم إليها وأن يقول: هذا ما يجب أن نتوق إليه”. من جانبها تقول ابتهاج البُخاري، وهي سعودية في العقد الثالث من عمرها، إنها قضت مسيرتها المهنيّة في مجال العلوم. وهي عالمة أبحاث تعمل في المختبر المركزي للتصوير والتوصيف في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. وابتهاج حائزة على شهادة البكالوريوس في العلوم من جامعة الملك عبدالعزيز حيث تخصّصت في علم الأحياء الدقيقة “الميكروبيولوجي” وشهادة ماجستير من جامعة ماكجيل في مونتريال، كندا، في علم الوراثة البشري. وبعد تخرّجها من الجامعة، عملت ابتهاج كموظفة متخصصة في التقنيات الطبية بأحد المستشفيات الخاصة، ثم عملت كأخصائية أولى بمختبر الأمراض المعدية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث. فرص عمل جديدة ظهرت للمرأة السعوديّة في صناعات لطالما كانت حكرا على الرجال فيما سبق وقالت “العلوم شغفي. ساعدتني على دراسة المشاكل، وتحليلها، وحلّها! ولأنني لا أحب العمل في وظيفة نمطية حيث الأعمال متكرّرة وروتينيّة، فقد سعيت إلى العمل في وظيفة بحثيّة. وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هي أفضل مكان للقاء الخبراء والعلماء المهنيّين والتعاون معهم”. وأوضحت ابتهاج أن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية تتوافر لديها مجموعة من الأساتذة والطلاب والموظّفين ممن يتّسمون بالتنوّع الثقافي والدولي. وقد مكّنها هذا التجمع، وهو مصدر وحي وإلهام، من تطوير ذاتها وإثبات نفسها كامرأة سعودية في صفوف زملائها ونظرائها. ودعمتها الجامعة للمنافسة في وظيفتها على مستوى رفيع من خلال إعطائها الفرص لاكتساب المزيد من الأدوات والمهارات للنمو، مثل إرسالها للمشاركة في ورش عمل في المملكة المتحدة، وألمانيا، والولايات المتحدة الأميركيّة، حيث التقت خبراء عالميّين وتعلّمت تقنيات التصوير المتطورة. وعلى مدى أكثر من خمسة أعوام تقوم ابتهاج بتعليم طلاب المعهد السعودي للعلوم البحثية أحدث التطبيقات الطبية الحيويّة وتدعمهم وتشكل مصدر وحي للجيل المقبل من العلماء السعوديّين، لاسيما النساء العاملات في مجالٍ غالبًا ما يسيطر عليه الرجال. وتقول ابتهاج في هذا السياق “هدفي أن ألعب دورًا مهمًّا في فريقي وتدريب الطلاب والعلماء من الجامعات السعوديّة وأن أكون نموذجاً يُحتذى به ومؤثرة في أعين العالمات الشابات”. بالإضافة إلى ما سبق فإن ابتهاج تؤمن بأن رؤية السعوديّة لعام 2030 وضعت تمكين المرأة من بين أوجب أولويّاتها. وتقول ابتهاج “المرأة اليوم أكثر انخراطاً من أيّ وقتٍ مضى في المجتمع، والحكومة، وقطاعات الأعمال”. وأشارت إلى أنّه في عام 2019، تمّ تعيين الأميرة ريما أول امرأة سفيرة للمملكة العربية السعوديّة في الولايات المتحدة”. وتضيف “إنني أؤمن بشدّة بأن المرأة السعوديّة سترسم مستقبل المملكة من خلال طموحاتها، وتفانيها في العمل، ومساهماتها العديدة”. وتقول ولاء سنبل، وهي أمّ في العقد الثالث من عمرها وتعمل رئيسة طهاة معجنات وحصلت على شهادتها في فنون الطهي من مدرسة “لو كوردون بلو” بلندن “بدأت مسيرتي المهنيّة عندما اكتشفت شغفي وأنا خارج المملكة العربية السعوديّة. عشت خارج المملكة لمدة 15 عامًا وعملت في مطاعم عديدة عبر العالم حيث سنحت لي الفرصة لأحسّن مهاراتي وأكتسب الخبرة من خلال التتلمذ على يد أفضل الطهاة من الطراز العالمي الذين لم يساعدوني للاستمتاع بعملي فحسب، وإنّما لكسب عيشي أيضًا”. ومن بين أبرز التحديات المهنيّة التي قابلتها ولاء هو التوفيق بين دورها كأمّ وإدارة فريق عمل كبير في الوقت نفسه. وتُضيف “وضع جديد تمامًا للمرأة السعوديّة أن تكون في مناصب قياديّة وإتاحة الفرص لها لتكون في صفوف المديرين. لذا، أنا فخورة لأنّني تمكّنت من القيام بهذا الدور الجديد بكل ثقة، وتجاوزت حتى توقّعاتي وحقّقت العديد من أهداف شركتي”. وتركّز ولاء على المطاعم الناشئة، والعلاقات العامة، وتطوير المؤسسات في الوقت الحاضر. وهدفها المساهمة في إدارة مطاعم دولية في المملكة العربية السعوديّة. وقالت “المرأة السعودية يتم تمكينها اليوم بشكل لم يسبق له مثيل وأكثر من أيّ وقتٍ مضى. والفرصة التي لطالما انتظرناها سانحة الآن وتأخذ أشكالاً لفرص مختلفة ومتعددة. ويسرّني أن أكون جزءًا من الحركة الحالية للمرأة السعودية ولديّ النية أن أبذل قصارى جهدي لتحويل أحلامي إلى حقيقة”.
مشاركة :