بعد سنتين من عمر المجلس المنحل لم تتنوع مصادر الدخل، ولو بدينار واحد، ولم يقل الاعتماد على النفط بل زاد، ولم ينجح المجلس في إيصال قضية فساد واحدة ناجحة للقضاء، وكل القضايا التي اكتُشفت كانت من خارج المجلس، ولم يعدل هيكل الرواتب ليحقق العدالة بين الكويتيين، ولم يوقف الهدر، بل تم صرف المليارات للإطالة في عمر الحكومة، ولو مؤقتاً. كان يفترض على المجلس المنحل أن يتصدى لأكبر قضايا ومشكلات البلاد التي برزت في السنوات الأخيرة، فقد كان يفترض أن يحارب الفساد بإجراءات ملموسة وينوِّع مصادر الدخل، بحيث يقل الاعتماد على النفط الذي يبلغ أكثر من 90 في المئة من إيرادات الدولة، وأن ينصف الكويتيين غير الحاصلين على الكوادر بإقرار هيكل جديد للرواتب، وأن يبدأ الإصلاح الاقتصادي وتحرير الأراضي، وأن يشّرع قوانين من الشريعة الإسلامية، وأن يحافظ على كرامات الناس التي تهدر يومياً في وسائل التواصل، وأن يوقف الهدر في الميزانية، وأن يضع قانوناً جديداً للإسكان، وأيضا قانوناً يمنع هدايا النواب، ويوقف تدخلهم في أعمال الوزارات، وكذلك قانوناً عادلاً بضوابط لا تقبل الاستثناء للتعيين والترقية والوظائف القيادية وتنظم المقابلات الشخصية، وأن يقر لجان تحقيق وإجراءات لملاحقة مزوري ومزدوجي الجنسية، وأخيراً أن يبدأ بالعمل وبقرارات فعالة لتعديل التركيبة السكانية وإحلال الكويتي مكان الوافدين في سوق العمل. ولكن بعد سنتين من عمر المجلس المنحل حصل العكس تماماً، فلم تتنوع مصادر الدخل ولو بدينار واحد، ولم يقل الاعتماد على النفط بل زاد، ولم ينجح المجلس في إيصال قضية فساد واحدة ناجحة للقضاء وكل القضايا التي اكتُشفت كانت من خارج المجلس، ولم يعدل هيكل الرواتب ليحقق العدالة بين الكويتيين، ولم يوقف الهدر، بل تم صرف المليارات للإطالة في عمر الحكومة ولو مؤقتاً، ولم يصدر أي قانون للإصلاح الاقتصادي، ولم تتحرر الأراضي للمشاريع الاقتصادية التي توظف الكويتيين، ولم يُصدر أي قانون من الشريعة الإسلامية، ولم يقدم المجلس أي شيء للحد من فساد وسائل التواصل الوهمية وتطاولها على كرامات المسلمين ونشرها الأكاذيب والإشاعات وإشعالها للصراعات، ولم يصدر قانون جديد للإسكان بحيث تُختصر مدة الانتظار، ولم يضع قانون القيم البرلمانية وأهمها منع هدايا النواب وإيقاف تدخلهم في أعمال الوزارات، ولم يقر قانون جامع ومانع للتوظيف والترقية والوظائف القيادية والمقابلات الشخصية لمنع الهبوط عليها بالباراشوت، ولم يقر أي لجنة تحقيق لملاحقة مزوري الجنسية والمزدوجين، وأخيراً لم يقدم أي شيء للتنسيق بين التعليم ومتطلبات سوق العمل ومعالجة الاختلال بين القطاعين الخاص والعام، بل زاد الاختلال في سوق العمل بسن قرارات تزيد من ميزات العمل في الحكومة، بالإضافة إلى الاستجوابات غير الدستورية لمعاقبة رئيس الحكومة لأنه انتَخب من لا يرغبون به وتعطيل الجلسات بالقيام بتصرفات مخالفة للائحة. لذلك فقد أهمل وتخلف هذا المجلس عن التصدي لقضايا البلاد الرئيسية وإصلاحها. أما إلقاء اللوم على الحكومة، فإنه لا يعفي المجلس من المسؤولية، فحيثما تكن السلطة تكن المسؤولية، والحكومة مسؤولة بالتأكيد، ولكن المجلس مسؤول أيضاً لأن سلطة المجلس كبيرة ومهمة في التشريع والمطالبة بالإصلاح والرقابة، فلا يصح إعفاؤه منها، لاسيما بعد مرور سنتين من عمره. أما إلقاء اللوم على الرئيسين في عدم الإنجاز فهو قول يدل على عدم فهم للدستور وقانون اللائحة الداخلية للمجلس، ففيهما من النصوص ما يمكّن أغلبية الأعضاء من طرح قوانينهم والتصويت عليها رغم مخالفة وموقف الرئيسين أو أحدهما، ويكفي فقط عشرة نواب لإقرار التصويت بالنداء بالاسم على كل القوانين والقرارات والاستجوابات، ولا يستطيع الرئيس ولا الحكومة دستورياً شطب الاستجوابات أو تأجيلها أو إلغاء الاقتراحات التي يتقدم بها النواب إلا بتصويت علني يشارك فيه جميع النواب وتعلن بعد ذلك أسماؤهم للشعب. وقد تم مثل ذلك في قرار تأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها، حيث تم إلغاؤه بعد أن ثبت عدم دستوريته. الحقيقة التي لا يجوز إخفاؤها أن الأغلبية في المجلس تمحورت فقط على موضوع حله من أجل رحيل الرئيسين، وتم لها ذلك، ولو أنها اهتمت أيضاً بالمواضيع التي ذكرناها وأعطتها الأولوية وأقنعت الحكومة وباقي النواب بوجاهتها، واهتم النواب بحضور الجلسات وعدم تعطيلها لتم التوافق على الكثير منها ولتحققت إصلاحات وطنية مهمة وكثيرة مع التسليم بحق جميع الأعضاء في الاعتراض على أعمال الرئيسين أو أحدهما بالطرق الدستورية.
مشاركة :