الأحزاب المقاطعة للانتخابات: بيضة القبان الضائعة في العراق

  • 8/8/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الأحزاب المقاطعة للانتخابات: بيضة القبان الضائعة في العراق بغداد – ستكون الأحزاب التي قاطعت الانتخابات التشريعية العراقية التي جرت في أكتوبر الماضي أمام  فرصة ثانية إذا انتهت الفوضى التي يشهدها العراق الآن والانسداد السياسي الحاصل بالاتفاق على إجراء انتخابات مبكرة. وينظر إلى تلك الأحزاب على أنها بيضة القبان الضائعة التي كان بإمكانها إحداث التوازن في الانتخابات الماضية. ويقول مراقبون إن أوان التغيير يقترب؛ إذ يرجّح هؤلاء انتصار زعيم التيار الصدري، الذي يعتصم مؤيدوه في البرلمان، وتمكّنه من إجبار خصومه على القبول بمقترح إعادة الانتخابات. ويرى هؤلاء المراقبون أنه إذا لم تستعدّ الأطراف المقاطعة للانتخابات فإن دورة المأساة ستتكرر، على الأرجح بميزان قوى مماثل للميزان الذي قوطعت انتخاباته في أكتوبر الماضي. نظام توزيع الغنائم لن يبقى والحاجة تتزايد إلى معايير جديدة تفرض نفسها على كل الذين يزمعون المشاركة في الانتخابات وتتواتر الأنباء بشأن وجود مساع لتشكيل “جبهة وطنية “من أحزاب ما يُعرف الآن بـ”قوى التغيير الديمقراطي”وتضم كلا من “الحزب الشيوعي العراقي” و”البيت الوطني” و”التيار الاجتماعي الديمقراطي” و”حزب الأمة العراقية” و”حركة نازل آخذ حقي” و”الجبهة الفيلية” و”البيت العراقي” و”حزب الوعد” و”حزب أبناء النهرين” و”التيار الديمقراطي” و”المجلس التشاوري للقوى المدنية” و”حركة تشرين الديمقراطية”. وهناك قوى وطنية أخرى يمكنها أن تلعب دورا مؤثرا، مثل أحزاب المعارضة الكردية، وتضم “حركة الجيل الجديد” و”الجماعة الإسلامية”و”الاتحاد الإسلامي”، وبقية “التشرينيين” مثل “امتداد” و”إشراقة كانون”. وإلى جانب “أحزاب المقعد الواحد” هناك العديد من الشخصيات الوطنية بين الـ43 نائبا مستقلا يمكن أن تلتحق بإطار وطني جامع لتمثل كتلة برلمانية وازنة. كما أن هناك كتلا غير حزبية مؤثرة مثل “هيئة علماء المسلمين” التي يمكن الفوز بدعمها. ويرى مراقبون أن مؤشرات انتخابات أكتوبر نفسها أكدت أن الشخصيات والكتل الوطنية غير الطائفية وغير المستفيدة من نظام المحاصصة كان بوسعها أن تشكل كتلة أكبر من حيث العدد، قياسا بكل الكتل الأخرى، إلا أن الفواصل بينها وسباقها نحو المكاسب الفردية، تحت ظلال نظام قائم على توزيع الغنائم ودفع الرشاوى لمن يمكن شراؤهم، منعا تكوّن هذه الكتلة. وبحسب هؤلاء المراقبين هناك اليوم أوضاع جديدة؛ فالتغيير أصبح مطلوبا على جميع المستويات، وهو ما يعني أن نظام توزيع الغنائم لن يبقى في نهاية المطاف، وأن الحاجة تتزايد إلى معايير سياسية جديدة تفرض نفسها على كل الذين يزمعون المشاركة في السباق الانتخابي. وانتهى مقتدى الصدر إلى أن المطلب الوحيد للحراك الذي يخوضه تياره هو إجراء انتخابات جديدة. ورفض دعوات الحوار مع جماعات الإطار التنسيقي، معتبرا أنه لا فائدة منه. وأثبت الصراع الراهن فشله، لأنه انقسم بين نظام فساد وتبعية لإيران وتقاسم مناصب الدولة على أساس الحصص والامتيازات، ونظام لم ينشأ ولم تتحدد معالمه بعد، إلا أن إطاره العام يؤشّر على الحاجة إلى دستور جديد يلغي الطائفية السياسية ويُنهي نظام الحصص ويضع حدا للفساد ويحد من دور البرلمان نفسه لصالح نظام رئاسي جديد. وتتطلب هذه القضايا توافقات في الرؤى بين الأطراف التي يمكن أن تتشكل منها “الجبهة الوطنية الجديدة”. المطلب الوحيد للحراك هو إجراء انتخابات جديدة المطلب الوحيد للحراك هو إجراء انتخابات جديدة لهذا يبدو اجتماع القوى أمرا ضروريا لتكوين كتلة تشارك في صناعة التغيير، فليس ثمة ما يضمن تحقيق التوافق بين كل هذه الأحزاب والأفراد الذين قد ينضوون تحت إطارها. وهو ما يتطلب ثقافة حوار سياسي جديدة أيضا؛ حيث يتم التوافق على المبادئ الأساسية العامة، ثم الخطوط العريضة، ثم التفاصيل التي تليها، مع توفر مساحة معقولة للتفاوض وإيجاد حلول وسطى. ويشير متابعون إلى وجود تعقيدات انتخابية لن يسهل على هذه المجموعات أن تتوافق بشأنها، لاسيما وأن كل طرف منها يعتقد أنه أكثر وزنا من غيره. وهو ما يقتضي أن تجمع هذه الأطراف بين ثلاثة مبادئ أساسية: الأول عدم التنافس فيما بينها، والثاني إيجاد آلية داخلية للترشيحات الأوفر حظا لكل دائرة انتخابية، والثالث أن يتجند الجميع لدعم “مرشح الجبهة” بصرف النظر عن حزبه. إن تشكيل مجلس قيادة مركزي للتحالف، تشارك فيه كل الأطراف ويتوافق على آليات ومعايير للحوار وتحديد التوجهات واتخاذ القرار، يمثل معضلة أخرى، لأن الشأن السائد في العلاقات السياسية بين الأحزاب العراقية يقوم على إملاء الرأي وليس على التوافق والتسويات. وحالما تنتهي فورة الدوافع الأولى تبدأ الانسحابات لتهدم أسس التحالف. وتشير هذه الجوانب إلى مدى صعوبة أن يتم بناء جبهة عمل مشترك بالفعل. وهو ما يُيسر للأحزاب الأخرى، الطائفية خصوصا، بقاءها فائزة؛ فطالما أن “الوطنيين” يمارسون وطنية فاشلة، فإنهم هم الذين يوفرون الأساس لنجاح الطائفية وأحزابها. وهناك ما يشير إلى أن الصدر لا يعرف ما يريد بالضبط؛ إذ يمكن أن يتراجع في أي لحظة عن أي موقف، وقد أثبتت التجربة أنه يمكن أن ينقلب على الآخرين بسهولة تضاهي السهولة التي ينقلب بها على نفسه. متابعون يشيرون إلى وجود تعقيدات انتخابية لن يسهل على هذه المجموعات أن تتوافق بشأنها، لاسيما وأن كل طرف منها يعتقد أنه أكثر وزنا من غيره وهذا ما يجعل مهمة الأحزاب الوطنية أصعب؛ لأنها إذا اختارت أن تسايره فقد يتخلى عما سايرته فيه، وإذا اختارت أن تلاحق فوراته فسوف تبدو قشة تميل حيثما تميل ريحه. ولهذا السبب يرى المتابعون أن التوافق على مبادئ عامة وخطوات تنفيذية عريضة يظل هو الأساس الذي يتعين على هذه الأحزاب أن تقف عليه كقوة مستقلة يمكنها أن تخدم التيار الصدري عندما يخدم مبادئها وأن تفترق عنه عندما ينقلب على نفسه. ويرى هؤلاء أن وجود كتلة سياسية نافذة ومؤثرة، توفر للصدر الدعم بناء على أسس واضحة، يمكن أن يحد في النهاية من تقلباته المزاجية. وأقام نوري المالكي، بناء على الأسس التي تركها الغزاة الأميركيون، نظاما قائما على المحاصصة وتوزيع المغانم. ويبدو أن هذا النظام بلغ نهايته؛ لأن بعض أطرافه، ومنهم التيار الصدري، أدركوا هذا، بالإضافة إلى فشل هذا النظام في توفير الخدمات ودفع اقتصاد البلاد إلى الانهيار بينما كان يحول جزءا مهما من عائدات العراق إلى مشاريع وهمية يقودها الحرس الثوري الإيراني. ويعني الانقلاب على هذا النظام انقلابا على مصالح إيران وأتباعها، وهو ما قد ينذر بمواجهات عنيفة يقودها المتضررون، إذا ما ثبت أنهم سيخرجون من اللعبة ولم يعد بوسعهم “الحوار” لضمان حصتهم الخاصة من النظام الجديد. وهذا يعني بالنسبة إلى “أحزاب التغيير الديمقراطي” أن تتأهب لانعطافات حادة، قد تبلغ حد القتال في الشوارع بين فلول إيران وبين المناهضين لها.

مشاركة :