احتواء نفوذ الصين في المحيط الهادئ تحدّ أميركي لا يخلو من عقبات

  • 8/8/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تسعى الولايات المتحدة إلى احتواء النفوذ الصيني المتنامي في جزر المحيط الهادئ، إلا أن ذلك لا يخلو من عقبات تقتضي، حسب محللين، تغيير الإستراتيجية الأميركية في المنطقة من التركيز على الأمن والديمقراطية إلى المواءمة بين السياسي والتنموي. ويقول محللون إن واشنطن تفطنت متأخرة إلى ضروة تغيير إستراتيجيتها في المنطقة ومواجهة النفوذ الصيني بنفس آلياته، إذ أن الدعم التنموي والاقتصادي لجزر المحيط أدوات بكين الناعمة لترسيخ النفوذ. وحذرت مسؤولة أميركية كبيرة في جزر سليمان الأحد دول المحيط الهادئ من إغراءات الأنظمة الاستبدادية بينما توسّع الصين نفوذها في المنطقة التي ترتدي أهمية كبرى لواشنطن وحلفائها. وتزور مساعدة وزير الخارجية ويندي شيرمان جزر سليمان للاحتفال بالذكرى الثمانين لـ”معركة غوادالكانال”، أول هجوم بري كبير شنته الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد اليابان في 1942 وشكل نقطة تحول في حرب المحيط الهادئ. في إطار حملة لجذب جزر المحيط الهادئ، سيستضيف جو بايدن قادة هذه البلدان خلال قمة في سبتمبر وقتل في هذه الحملة التي استمرت سبعة أشهر (1942 – 1943) عشرات الآلاف من الجنود، معظمهم يابانيون. وكان والد شيرمان أحد أعضاء مشاة البحرية الذين أُصيبوا بجروح خطيرة خلالها. ومن دون أن تسمي أي دولة، حذرت شيرمان من القادة الذين يحاولون إحياء أفكار “فاسدة” بشأن استخدام القوة، ويعتقدون أن “الإكراه والضغط والعنف أدوات يمكن استخدامها بلا عقاب”. وتابعت خلال زيارة لنصب تذكاري في جزر سليمان أن “البعض في العالم” نسي كلفة الحرب أو يتجاهل دروس الماضي. وبعدما شبهت الوضع الحالي بكفاح الحلفاء ضد النازية وإمبراطورية اليابان في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي، حثّت الدبلوماسية الأميركية دول المحيط الهادئ على مقاومة الاستبداد. وقالت “نتذكر إلى أي درجة كانت تلك الأفكار فاسدة وفارغة وكيف تبقى كذلك حتى اليوم”. وأضافت “اليوم نشارك مرة أخرى في معركة من نوع مختلف، معركة ستستمر في الوقت الحالي”. وتأتي زيارة شيرمان إلى جزر سليمان بينما تسعى الولايات المتحدة إلى استعادة موقعها في منطقة تنشط فيها الصين دبلوماسيا بشكل متزايد. ووقعت حكومة جزر سليمان مؤخرا اتفاقا أمنيا غامضا مع بكين وهي تحاول كبح حرية الصحافة وتفكر في تأجيل الانتخابات. ولم يتم الإعلان عن تفاصيل الاتفاق، لكن مسودة مسرّبة أشارت إلى أنّه سيسمح بالانتشار البحري الصيني في هذه الجزر. ونفت كل من الصين وجزر سليمان أيّ خطط لإنشاء قاعدة عسكرية صينية. وقالت شيرمان أمام مضيفيها إن “القرار يعود إلينا، إذا كنا نريد الاستمرار في بناء مجتمعات يتمتع فيها الناس بحرية التعبير عن آرائهم (…) وإذا كنا نريد حكومات شفافة ومسؤولة أمام شعوبها”. وإلى جانب هذه التحذيرات، قالت شيرمان إن واشنطن تريد تعزيز التعاون “الأساسي جدا” مع جزر المحيط الهادئ، لاسيما عبر فتح سفارات في تونغا وكيريباتي وجزر سليمان. وفي إطار هذه الحملة لجذب جزر المحيط الهادئ، سيستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن قادة هذه البلدان في البيت الأبيض خلال قمة في سبتمبر. وتدخل هذه المبادرة في إطار موجة من التحرّكات الدبلوماسية الأميركية التي تهدف إلى تعزيز العلاقات في المحيط الهادئ في مواجهة الصين التي تثبّت وجودها في المنطقة. وأعلنت شيرمان خلال زيارة إلى تونغا البولينيزية السبت أنّ قادة جزر المحيط الهادئ سيُدعون إلى واشنطن لعقد اجتماع وعشاء في أواخر الشهر المقبل. وتحدّثت عن “فرصة تاريخية” للحوار. ورحب وزير الشرطة والأمن في جزر سليمان أنتوني فيكي بما أسماه “إعادة التزام” الولايات المتحدة في بلده وفي المنطقة. لكنه دعا الولايات المتحدة إلى إطلاق “جهود مكثفة” لإزالة مخلفات غير منفجرة من الحرب العالمية الثانية ما زالت تسبب أذى وتقتل سكانا في جزر سليمان حتى اليوم. وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت هذا العام نيتها إعادة فتح سفارة لها في جزر سليمان بعد نحو 30 عامًا على إغلاق بعثتها الدبلوماسية في الدولة الواقعة في المحيط الهادئ. وتأتي زيارة شيرمان بينما تواصل الصين إظهار قوتها المتنامية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ حيث أنهت الأحد مناورات عسكرية حول تايوان ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي. وكانت جزر سليمان قد قطعت علاقاتها مع تايوان في سبتمبر 2019 من أجل الحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية مع الصين، وهو تحوّل فتح مجالًا أمام زيادة الاستثمارات لكنه أشعل تنافسًا بين الجزر. وتموّل الصين إنشاء مجمّع رياضي، تفيد معلومات بأن قيمته 53 مليون دولار، في جزر سليمان. وفي وقت سابق، أعلنت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس عن تمويل يصل إلى 600 مليون دولار في منطقة المحيط الهادئ، في محاولة لاحتواء تقدم الصين في هذه المنطقة.

مشاركة :