المايسترو السوري حسام الدين بريمو يكرس تجربته للغناء الجماعي

  • 8/8/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

منذ خرج من بيته في مدينته دمشق حاملا داخله بعضا من المعرفة بالموسيقى وكثيرا من الحب لها وتأثره بوالده المرنم في الكنيسة وحتى اليوم الذي أصبح فيه مايسترو موسيقيا قاد جوقات عدة ومر بمنعطفات رسمتها الأقدار له لتغير مسار حياته وتدفعه لتحقيق حلمه الذي جاراه منذ أن كان طفلا ليذاع صيته بعد ذلك ويصبح ذا شأن موسيقي قل نظيره. إنه المايسترو حسام الدين بريمو. يريمو ابن مدينة دمشق عام 1962 والتي تربطه بها علاقة حب تسير به روحيا حسب قوله، حائز على الشهادة الثانوية الفرع العلمي عام 1980 وبعدها تخرج في المعهد المتوسط الهندسي عام 1982 ثم عمل ممثلا مسرحيا في العديد من الفرق المسرحية وخاصة فرقة المسرح الجامعي بجامعة دمشق لست سنوات بين عامي 1984 و1990 ليتابع دراسته في المعهد العالي للموسيقى بدمشق من 1991 إلى 1997 وبعدها دخل مجال الغناء الكلاسيكي وتتلمذ على يد الأستاذة غالينا خالدييفا. آراء بريمو حول الغناء كانت وليدة معرفة وتجربة ممتدة، إذ شارك المايسترو في عدد من الفرق والجوقات حيث عزف “الأوبوا” مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية والتي تعلمها على يد الأستاذ فاغيف باباييف وكذلك غنى مع جوقة المعهد العالي للموسيقى كمغني تينور (إفرادي وكورال) تحت إشراف الأستاذ فيكتور بابينكو ومع فرقة الموسيقى العربية التابعة للمعهد العالي للموسيقى تحت إشراف الأستاذ حميد البصري حيث شارك معها في مهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة عام 1994. المايسترو بريمو يحمل على عاتقه مشروع الغناء الجماعي في سوريا ويقدم له عملا يتجاوز إمكانات الفرد عادة وما تزال آراء بريمو حول الغناء مثيرة للجدل إذ يفضل الغناء الجماعي، لذا ترك خلفه آلته الأساسية التي تعلمها (البوق الإنجليزي) وأسس جوقات بأعمار مختلفة منها جوقة “لونا” والتي تضم خمسة كورالات وأوركسترا بالإضافة إلى جوقات أخرى كجوقة “قوس قزح” و”ألوان” و”ورد”. ويعتبر بريمو أن الحنجرة الفردية لا تستطيع إظهار الجمال الذي تُظهره الحناجر الجماعية. وهذا لا يعني أن الحنجرة الفردية ليست جميلة، ولكنها تقدّم نوعا آخر من الجمال. ويرى أن الغناء الفردي يعزز الأنا ومبدأ إقصاء الآخر فيشعر المغني أنه أهم شأنا من الآخرين الذين يعزفون معه، بالرغم من أنّهم قد يكونون أعمق معرفة وفهما في الموسيقى من هذا المغنّي نفسه. ويتابع بريمو “الغناء الجماعي يوحّد الأشخاص ويعطي إحساسا بأن الجميع متساوون، فيشكلون فرقة جميلة تقدم الجمال. وهنا لا أهمل الفرد داخل الكورال”. ويضيف المايسترو أنه في الغناء الجماعي أو الكورال لا يغني الجميع الغناء نفسه، فهناك تبادل في الأدوار وتنوّع وتعدّد في الأصوات، إضافة إلى أن الغناء الجماعي يعطي إحساسا بروح الفريق وتغذية روح الفريق ضمن الكورال تغذي أيضا روح الانتماء للوطن. ويذكر تجربته في مجموعة «لونا» للغناء الجماعي إذ كان لديهم نشاط متواتر ومستمر اسمه أصوات من لونا وهو فرصة لكل من لديه صوت جميل ليقدّم نفسه، فنحن عندما لا نهمل الفرادة وننقل الإحساس بالانتماء للجماعة نكون قد أسسنا مواطنا صالحا، والكورال يعتبره مصنعا للمواطنين الصالحين فهو يعطي إحساسا للفرد بأنه مهم وتزداد أهميته عندما يتّحد مع الآخر. وتقلد بريمو عددا من المناصب حيث أصبح وكيل المعهد العالي للموسيقى بدمشق ومدرسا فيه ومن ثم مدرسا في كلية التربية بدمشق ومدرسا في كلية “مار أفرام السرياني” للاهوت بمعرة صيدنايا ومدرب وقائد جوقة كلية مار أفرام السرياني وبعدها معاون مدير دار الأسد للثقافة والفنون. بريمو قدم عددا كبيرا من المقامات والترانيم والأغاني ومن أعماله مقامات الآذان (حجاز وراست وبيات) إضافة إلى ترانيم الفصح المبنية على الهزام وقدم عددا كبيرا من المقامات والترانيم والأغاني ومن أعماله مقامات الآذان (حجاز وراست وبيات) إضافة إلى ترانيم الفصح المبنية على الهزام والموجودة بكل كنائس الشرق وكذلك أغاني عيد الميلاد المبنية على العجم. ودرب العديد من الجوقات منها كورال أطفال المعهد العربي وجوقة دير مار أفرام السرياني وجوقة فرقة زنوبيا وجوقة أوركسترا زرياب بالإضافة إلى جوقة لونا للغناء الجماعي التي تضم عدة جوقات داخلها. ويحمل المايسترو بريمو على عاتقه مشروع الغناء الجماعي في سوريا ويقدم له عملا يتجاوز إمكانات الفرد عادة ليصل لما يشبه المؤسسة المتكاملة فهو مؤسس ومشرف على أكثر من خمس جوقات للغناء الجماعي ويعمل مع مغنين من عمر أربع سنوات وصولا لأعمار تتجاوز الخمسين. واستطاع عبر كل الجوقات التي أسسها وأدارها ودربها أن يحقق أعمالا موسيقية غنائية تصل بمستواها الفني لمرتبة العالمية نوعا وموضوعا. ويتحدّث بريمو عن الغناء بلغات أخرى مع آلات ومقامات مختلفة يقول “إنه لا توجد مقامات أصعب من مقاماتنا العربية، أي الذي يغني هذه المقامات لا يصعب عليه أن يغنّي أي مقام آخر في العالم بما فيه المقامات الهنديّة المختلفة قليلا”. وعن مشروعه الفني وما وصل إليه يقول “إن مشروعنا بشكل عام إحياء الغناء الجماعي وما يحمله من قيم موازية للقيمة الفنية وهي قيم تربوية وتنموية عبر جوقة لونا للغناء الجماعي كنموذج قابل للاستمرار من خلال دفع المتلقي للتمسك بمتابعة هذا الفن النبيل والجميل”، مبينا “أن ما تحقق اليوم يفوق التوقعات بالقياس للظروف المحيطة ببلدنا والإنسان السوري”.

مشاركة :