ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاتفاق الذي يفترض أن يفتح الطريق أمام عودة السلطات المدنية، بأنه "لحظة أساسية للشعب التشادي"، متحدثا في فيديو بُثّ خلال مراسم التوقيع في الدوحة. لكنه شدد على ضرورة أن يكون الحوار "جامعا" لكل الأطراف ليكون ناجحا. وبعد مفاوضات وصفها بأنها "شاقة"، أشاد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي التشادي موسى فقي محمد بالمحادثات معتبرا أنها سمحت بـ"تخطي الانقسامات". بدأت المفاوضات بين الحكومة التشاديّة والجماعات المسلّحة في 13 آذار/مارس برعاية قطر، سعيا لوضع حدّ لاضطرابات متواصلة منذ عقود في البلد البالغ عدد سكّانه 16 مليون نسمة والذي شهد انقلابات عدّة. نُصّب الجنرال الشاب محمد إدريس ديبي إيتنو على رأس مجلس عسكري انتقالي يضم 15 جنرالا في نيسان/أبريل 2021 غداة مقتل والده الرئيس إدريس ديبي إيتنو على الجبهة في مواجهات مع متمرّدين، بعدما حكم تشاد بقبضة من حديد لأكثر من 30 عامًا. ووعد على الفور بتنظيم انتخابات حرة وديموقراطية في مهلة 18 شهرًا بعد "حوار وطني جامع" مع المعارضة السياسية والحركات المتمردة. "طريق السلاح" وأسفرت مفاوضات الدوحة بمشاركة حوالى أربعين مجموعة مسلحة عن توقيع الاتفاق الإثنين. وإن كان محمد إدريس ديبي إيتنو وافق استثنائيا على الحضور إلى الدوحة، فإن محمد مهدي علي زعيم "جبهة التغيير والوفاق في تشاد" (فاكت) بقي في الصحراء الليبية. وقررت جبهة "فاكت"، إحدى المجموعات المتمردة الرئيسية خلف الهجوم الذي انطلق من ليبيا وأدى إلى مقتل المارشال إدريس ديبي إتنو في 19 نيسان/أبريل 2021، عدم توقيع الاتفاق. وأعلنت في بيان أن هذا "الرفض يترافق مع عدم الأخذ بمطالبنا" ومنها تحرير المعتقلين، مؤكدة في المقابل أنها "تبقى مستعدة للحوار في أي مكان وزمان". وقال ابراهيم حسين المكلف العلاقات الخارجية في الجبهة متحدثا لوكالة فرانس برس من الدوحة "ما زلنا على الأرض، لكن الوقت لا يزال مبكرا لمعرفة ما إذا كنا سنعود لسلوك طريق السلاح، سنراقب ما يجري في الأيام المقبلة، ولا سيما مع الحوار في نجامينا". وأوضح جيروم توبيانا الباحث الفرنسي المتخصص في شؤون تشاد والمجموعات المتمردة فيها لفرانس برس "إنه اتفاق لا يحل مسألة المعارضة المسلحة، إذ إن بعض المجموعات الرئيسية لم توقع ... لكن هذا السيناريو وُضع مسبقا إذ أن الحكومة اختارت تشتيت وزن المجموعات الرئيسية الأربع أو الخمس وسط تمثيل أوسع بكثير". من جانبه رأى كلمة ماناتوما الباحث التشادي في العلوم السياسية أن عدم توقيع جبهة فاكت يترك الحوار الوطني "في وضع من الغموض"، مقرا رغم ذلك بأنها "مرحلة مهمة في عملية التهدئة". كذلك أعلنت مجموعة متمردة كبرى ثانية هي "مجلس القيادة العسكرية لخلاص الجمهورية" رفضها توقيع الاتفاق مؤكدة أن "المبادئ التي نقاتل على أساسها لا تسمح لنا بالانضمام إلى حوار لا نعرف أهدافه". "انطلاقة جيدة" وقعت حوالى 42 من أصل 47 مجموعة ممثلة في الدوحة على الاتفاق الإثنين مع المجلس العسكري. وهي بذلك تتعهد المشاركة في الحوار الوطني المقرر تنظيمه في نجامينا في 20 آب/أغسطس والذي سيحضره بحسب السلطات أكثر من 1300 ممثل عن المتمردين من المجتمع المدني والنقابات والمعارضة والسلطة. وتواصلت المفاوضات الأحد بحسب الدبلوماسيين سعيا لإقناع جبهة فاكت بتوقيع الاتفاق الذي وصفته بنفسها مؤخرا بأنه "قاعدة جيدة". ورأى زعيم إحدى المجموعات الموقعة طالبا عدم كشف اسمه أن "هذا العدد الكبير من المجموعات الموقعة يشكل انطلاقة جيدة للحوار الوطني" مشيرا رغم ذلك إلى أن الاتفاق لكان "مثمرا أكثر" لو انضمت إليه أيضا جبهة التغيير والوفاق. وأعلن وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن الاتفاق يهدف إلى إحلال "سلام يكون بديلا لحرب استمرت سنوات طويلة". تعرض السلطات العسكرية وقف إطلاق نار وضمانات أمنية على القادة المتمردين الذين سيتوجهون إلى نجامينا في 20 آب/أغسطس، وسيتخذ أطراف الحوار معاً قرارا بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الأول/اكتوبر بنهاية مهلة الأشهر الثمانية عشر. ويترك رئيس المجلس العسكري الشك مخيما حول إمكانية إجراء الانتخابات في هذا الموعد، فيما تطالب باريس والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي بعدم تمديد المهلة. تعد تشاد، العضو في مجموعة دول الساحل الخمس، شريكا أساسيا في الحملة التي يخوضها الغربيون وعلى رأسهم فرنسا لمكافحة الجهاديين في وسط وغرب إفريقيا.
مشاركة :