السلام عليك يا شيخ خالد

  • 12/28/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

من المفارقات التي تستحق التأمل، أننا كثيرا ما نتذمر ونعبر عن خوفنا من برامج الفضائيات والإلكترونيات التي نراها تحمل رسائل ضارة لأولادنا قد تترك أثرا سيئا على سلوكهم وأفكارهم، وغالبا نوجه اللوم إلى الغرب الذي نعده خاليا من القيم الأخلاقية ومنساقا نحو نشر الفساد الأخلاقي في الأرض، وربما تمنى بعض منا لو أن بيده حظر تلك الفضائيات والوسائل الإلكترونية ليبعد أذاها عن الناس. لكننا من طرف آخر، لا نلقي بالا لما نقدمه نحن عبر وسائلنا الإعلامية، سواء الإلكترونية أو التقليدية، ظنا منا أنه طالما سيطرنا على مناظر العري وما يثير الشهوات ويحرك الغرائز، فإننا في أمن من الأذى ونأي عن الضرر، لكن الحقيقة غير ذلك فإعلامنا يكتظ بمواد تحوي تأثيرات ضارة على أفكار الناس، تخلق بينهم الكراهية والعداوة وتسيء إلى علاقاتهم ببعضهم بعضا، مثل ما يطرح أحيانا من برامج أو كتابات أو نكات أو تعليقات تفوح منها رائحة العنصرية، كالتعريض باللون أو العرق أو المذهب أو النوع أو المهنة أو غير ذلك، بعضها يطرح بحسن نية لمجرد الإضحاك والترفيه، وبعضها يطرح استعلاء أو حبا للانتقام، وبعضها يطرح جهلا بمغبة محتواه السيئ على المدى البعيد، كالنكتة التي يتداولها الناس هذه الأيام مستظرفين ما فيها، رغم ما تنطوي عليه من تشويه لصورة المرأة بما ينعكس سلبا على العلاقة بينها وبين الزوج. في هذه النكتة يستفتي الزوج شيخا في أمر امرأته: «-السلام عليك يا شيخ خالد، -وعليك السلام، - ممكن أسألك سؤال يا شيخ؟، - تفضل يا بلال، - يا شيخ المرأة التي تشاهد قناة الطبخ عشر ساعات ثم تعمل العشاء بيض، هل يجوز ضربها بالمقلاة؟، -نعم يا بلال يجوز ويستحب أن تكون المقلاة ساخنة». مثل هذه النكتة، قد لا يقيم لها الناس وزنا، فهي في ظنهم مجرد نكتة للضحك لا أكثر، لكنها في الحقيقة تتضمن مفاهيم ضارة تتسلل بنعومة الأفعى إلى داخل العقول فتشكل صورتي المرأة والرجل في الأذهان، المرأة هنا تبدو تافهة وفارغة وغير منتجة، كما تبدو مكانة الزوج أعلى منها ومن واجبها خدمته، أما إن قصرت فإنه محق في ضربها. عند تكرر مثل هذه الأشكال الإعلامية، يتشبع ذهن الرجل بأفكار زائفة عن مكانة الزوجة ومشروعية تعنيفه لها، وفي معظم الأحيان تكون الزوجة مختلفة عن تلك الصورة الشوهاء، حيث ترى نفسها في مكان النظير للزوج وليس التابع، وتتوقع منه أن يتعامل معها وفقا لتلك الرؤية، فتتولد بينهما المشاجرات ويتنامى الخلاف وربما انتهى بهما الأمر إلى الطلاق.

مشاركة :