عراق بلا عراق

  • 12/28/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن احتلال العراق رغم مأساويته واعتباره فضيحة تاريخية باعتراف بعض من ساهموا في احتلاله خاتمة المطاف، وقد اتضح بعد مرور أكثر من أحد عشر عاماً أن الاحتلال لم يكن سوى الجزء الناتئ على سطح الدم لا الماء من جبل الجليد. لكن من قرعوا الأجراس عشية الاحتلال وتوقعوا ما يحدث الآن وهو التقسيم، والتشطير الطائفي والعرقي لم يسمعهم أحد ومنهم من تم تصنيفه كتابع للنظام السياسي الذي سبق الاحتلال وربما قدم له الذرائع. والخطورة في هذا الأمر أن الباب الشرقي كما يسمى للوطن العربي أصبح مستباحاً، وأن عروبة هذا البلد العريق وذي المكانة التاريخية والحضارية في السياق القومي أصبحت هي أيضاً في مهب العواصف، ومن يتشبثون بوحدة العراق ليس لديهم من الاحتياطي القومي ما يسندهم. ومن ينتظرون عراقاً آخر ما بعد العراق سواء من حيث تضاريسه السياسية أو الهوية المعرضة للتمزيق قد لا يدركون ما يترتب على ذلك من خسائر قومية، لأن من خططوا لتقسيم العراق أرادوا له أن يكون نموذجاً قابلاً للتعميم. والمسألة أبعد من المقولة الشهيرة التي طالما استخدمت في مناسبات كهذه وهي الثور الأبيض وسائر القطيع بمختلف ألوانه. والتقسيم الذي يبدو في ظاهره جغرافياً أو طائفياً وعرقياً يخفي وراءه ما هو أعظم، وهو تقسيم الذاكرة والتاريخ، وحين رفع من لفقوا شرعية دولية لاحتلال العراق شعار الديمقراطية، وإعادة العراق إلى العائلة الدولية كانوا وراء الكواليس يمارسون عكس هذا تماماً، ومن هللوا لعودتهم من المنافي لأسباب سياسية ولها صلة بالحكم الشمولي والطغيان تسببوا في نفي نصف العراقيين إلى القارات الخمس. وهناك عوامل عديدة أدت إلى ما يشبه التفريط العربي في العراق منها تغليب التكتيكي والإجرائي على الاستراتيجي، وذات يوم سيدرك من وقعوا في الفخ أن الخسارة عظيمة، لكن بعد فوات الأوان.

مشاركة :