تنفذ الحكومة المصرية على أرض الواقع "استراتيجية واضحة" لتحويل البلاد إلى مركز إقليمي لإنتاج وتصدير الطاقة الخضراء، وأحرزت تقدما كبيرا في ظل التوسع في إنتاج الكهرباء من مصادر عديدة، بحسب مسؤولين وخبراء مصريين. ووقعت مصر أخيرا على سلسلة اتفاقيات مع شركات عالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، من بينها شركات (رنيو باور برايفت ليمتد) الهندية، و(سكاتك) النرويجية، و(إتش تو إندستريز) الألمانية، وأبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) الإماراتية. وتعهدت هذه الشركات بضخ استثمارات في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر تصل إلى أكثر من 40 مليار دولار بحلول 2030، بحسب رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي. بالتزامن مع ذلك، بدأت مصر في تنفيذ أول محطة نووية في البلاد، حيث أعلنت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية في 21 يوليو الماضي انطلاق مرحلة "الإنشاءات الرئيسية" بمحطة الضبعة لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية، وتتكون المحطة من أربع وحدات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميجاوات. كذلك نفذت مصر بالفعل عدة مشروعات لإنتاج الكهرباء من طاقة الشمس والرياح. وقال الدكتور أيمن حمزة المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إن "الدولة المصرية وضعت استراتيجية للتوسع في الطاقة الخضراء والطاقة المتجددة من الشمس والرياح، وهناك اهتمام كبير من الشركات العالمية للاستثمار في الطاقة الخضراء في مصر". وأضاف المسؤول المصري، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "المخطط هو زيادة إنتاج الطاقة المتجددة بحيث تصل إلى نسبة 42% من مزيج الطاقة في مصر حتى العام 2035". وتابع أن "إنتاج مصر فى العام المقبل سيصل إلى أكثر من 10 آلاف ميجاوات من الطاقة المتجددة، وهناك مشروعات متميزة مثل مشروع بنبان لطاقة الشمس". ويعد مجمع "بنبان" لطاقة الشمس بمحافظة أسوان جنوب القاهرة، والذي افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي في ديسمبر الماضي، رابع أكبر مجمع لطاقة الشمس في العالم من حيث القدرة الإنتاجية، وأكبر تجمع لمحطات طاقة شمسية بنظام الخلايا الفولتية دون تخزين على مستوى العالم. وينتج المجمع 1465 ميجاوات، ويمكن زيادتها من خلال توسعات جديدة إلى 2000 ميجاوات. وأكد حمزة أن "مصر تسعى إلى تعظيم الاستفادة من الطاقة المتجددة من خلال مشروعات الهيدروجين الأخضر، وتم توقيع عدد كبير من مذكرات التفاهم مع شركات عالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في مصر، وتوطين صناعة أجهزة التحليل الكهربائي المستخدم في الهيدروجين الأخضر، على أن تحصل الخطوط الملاحية العالمية المهتمة بالوقود الأخضر عليه من مصر مستقبلا". وكشف عن أن "مشروعا لإنتاج الأمونيا الخضراء سينطلق مع انطلاق قمة المناخ (كوب 27) التي ستستضيفها مصر في نوفمبر المقبل بشرم الشيخ". وأردف أن "الطاقة النووية أيضا من ضمن مصادر الطاقة النظيفة، ومصر تسير في مشروع مفاعل الضبعة بخطوات جادة، وحصلنا مؤخرا على إذن إنشاء أول وحدة نووية، وبدأت الأعمال الخاصة بالصبة الخرسانية بالفعل". وشدد المتحدث المصري على أن "مصر تنفذ على أرض الواقع استراتيجية واضحة لإنتاج الطاقة المتجددة والطاقة الخضراء، والمخطط هو أن تكون مصر ممرا للطاقة الخضراء، وهذا سيعزز الربط بين مصر وأوروبا خاصة أن الأخيرة لديها اهتمام بالحصول على الطاقة بصفة عامة، والطاقة المتجددة بصفة خاصة". من جهته، قال الدكتور أحمد حجازي رئيس جمعية "مصر الطاقة الخضراء" إن مصر شهدت خلال الفترة الأخيرة تقدما كبيرا في مجال الطاقة الخضراء حيث وقعت عدة اتفاقيات مع شركات عالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ما يعكس رغبة مصر في أن تكون دولة جاذبة في هذا المجال. وأضاف حجازي لـ ((شينخوا))، أن "مصر تشهد استثمارات كبيرة في الطاقة الخضراء مثل محطة بنبان لإنتاج الكهرباء من طاقة الشمس، وأكبر مزارع رياح في أفريقيا والشرق الأوسط في منطقتي جبل الزيت والزعفرانة (شرق القاهرة)". ورأى أن "دخول مجال الهيدروجين الأخضر نقلة كبيرة لمصر ستؤهلها لأن تصبح مركزا إقليميا لإنتاج وتصدير الطاقة الخضراء، ومصر أخذت خطوات كبيرة نحو ذلك بالفعل، لاسيما أنها تمثل نقطة ربط بين قارات أفريقيا وآسيا وأوروبا، ولديها شبكات ربط ضخمة وخطوط لنقل الكهرباء للدول المجاورة". وأشار الخبير في قطاع الطاقة، إلى أن مشروعات الهيدروجين الأخضر سوف يتم تنفيذها في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهي منطقة استراتيجية وجاذبة جدا للاستثمارات بسبب سهولة النقل سواء البحري أو البري أو الجوي، قبل أن يؤكد أن مؤهلات هذه المنطقة ترجحها لأن تكون مقرا لصناعة الطاقة الخضراء في مصر. وتوقع أن تصبح مصر من الدول الكبرى في إنتاج الهيدروجين الأخضر، الذى يعتمد في الأساس على الشمس والرياح في توليد الطاقة اللازمة للهيدروجين، الذي يعاد استخدامه بعد ذلك كمادة أساسية في بعض الصناعات الكيماوية وأيضا يستخدم في مجال الطاقة النظيفة. وواصل أن "إنتاج الأمونيا باستخدام الهيدروجين الرمادي أو الأزرق يجعلها مادة ملوثة بشدة للبيئة، لكن إنتاجها من الهيدروجين الأخضر باستخدام تكنولوجيا نظيفة يجعلها مادة نظيفة وتأثيرها على البيئة يعادل صفر مخرجات، وبالتالي تكون مادة ذات قيمة عالية". وشدد حجازي على أن إنتاج الكهرباء من الشمس والرياح والهيدروجين الأخضر سوف يساعد مصر في التحول إلى الاقتصاد الأخضر. وتتوسع مصر حاليا في تنفيذ المشروعات الخضراء في القطاعات المختلفة في ظل رغبتها في التحول للاقتصاد الأخضر، حيث بلغت الاستثمارات الخضراء 30 % من استثمارات الموازنة العامة لمصر خلال العام المالي 2021 2022، وتستهدف الحكومة الوصول بهذه النسبة إلى 50 % من استثمارات الموازنة في العام 2024. وتهدف مصر من وراء هذه المشروعات، التي نفذت بعضها بالتعاون مع الصين، إلى الحفاظ على البيئة ومكافحة تغير المناخ. وقالت وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد، إن مصر حصلت على دعم جدير بالاهتمام من قبل الحكومة الصينية، عبر إمداد القاهرة بمعدات خاصة بمكافحة التغير المناخي. وكشفت الوزيرة، في مقابلة أجرتها معها ((شينخوا)) أخيرا، عن أن "تلك المعدات تضمنت ألواح للطاقة الشمسية وأنظمة للتبريد والتسخين لها تأثير محدود جدا على غازات الاحتباس الحراري". وأشارت إلى أن التعاون بين مصر والصين يركز على تحويل الكيانات ذات الصلة بالحكومة المصرية إلى مؤسسات صديقة للبيئة بشكل أكبر، وأكثر كفاءة في عملها حينما يتعلق الأمر بالطاقة خاصة الطاقة المتجددة.
مشاركة :