تحذير من دخول اليمن في مجاعة بسبب استمرار الصراع

  • 8/10/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في وقت تستمر فيه الميليشيات الحوثية برفض صرف مرتبات موظفي الدولة الخاضعين لمناطق سيطرتها؛ حذر تقرير اقتصادي حديث من تفاقم سوء الوضع المعيشي لليمنيين؛ حيث باتت البلاد على شفا مجاعة محققة، خصوصا مع اتساع الفجوة بين سعر صرف الريال مقابل الدولار وأسعار السلع الأساسية في مناطق سيطرة الميليشيات. التقرير الموسوم بـ«تشابه الوضع واختلاف القِيمة بين صنعاء وعدن» والصادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة يمنية) أشار إلى تحجيم مصادر الدخل البديلة للمواطنين، وضرب شبكات الدعم الاجتماعية، وتوفير غطاء لممارسات خارج إطار الأوعية الرسمية، شارحا كيفية انعكاس ذلك على القدرة الشرائية والمعيشية للمواطنين، من حيث تغطية الاحتياج الشهري للأسرة الواحدة. واضطر ناصر الوصابي لبيع أغلب أثاث المنزل الذي كان يستأجره في حي الصافية وسط العاصمة صنعاء، لسداد ما تبقى عليه من متأخرات الإيجار، واستئجار سيارة نقل تقله وعائلته المكونة من زوجته وأربعة أطفال جميعهم في المدرسة إلى قريتهم في رفقة ما تبقى من أثاث أرادوا الاحتفاظ به لاستخدامه في القرية. ويوضح ناصر، وهو اسم مستعار بسبب الاحترازات الأمنية؛ لـ«الشرق الأوسط»: «ليس بمقدورنا أن ننزح خارج البلاد، ولا حتى إلى المناطق المحررة، فات أوان ذلك، نحن عائدون إلى القرية، توقف راتبي قبل ست سنوات، وحاولت العمل في مهن كثيرة، لكن فرص العمل لا تتوفر بسهولة، والدخل لم يكن كافيا». التقرير توصل إلى أن الفارق السعري بين مناطق سيطرة جماعة الحوثي ومناطق الحكومة اليمنية يصل إلى 21.8 دولار، بالنسبة للسلة الغذائية الأساسية الشهرية، إذ تحتاج الأسرة في صنعاء إلى 106.2 دولار شهريًا، بينما تحتاج أسرة مشابهة لها في عدد الأفراد بعدن إلى 84.4 دولار. ووصلت نسبة العجز بحسب تقرير مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي من حيث تغطية الاحتياج الشهري للأسرة الواحدة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي إلى 85 في المائة، مقارنة بـ2 في المائة في المناطق المحررة، التي تشهد انتظامًا في صرف رواتب القطاع الحكومي. ويخشى ناصر أن يتم تجنيد أولاده في القتال مع الميليشيات، فعند بداية العطلة الصيفية؛ ألح عليه أكبرهم للالتحاق بالمراكز التي يستغلها الحوثيون لغسل أدمغة الطلاب وتجنيدهم، وعندما رفض السماح له بذلك، خرج للعمل بائعا متجولا في الشوارع؛ إلا أنه وخلال ممارسة ذلك العمل وجد من يحاول إقناعه بالقتال. وينقل التقرير الاقتصادي عن الأمم المتحدة أن اثنين من كل ثلاثة يمنيين يعيشون في فقر مدقع، واضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض السلال الغذائية الشهرية إلى النصف بسبب نقص الأموال، محذراً من مجاعة وشيكة ستنجرف إليها البلاد، نظراً لأهمية هذه المساعدات كمصدر مهم للعيش خصوصا في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية التي تعاني من توقف صرف رواتب موظفي القطاع الحكومي. وينوه التقرير إلى أن شبكات الدعم الاجتماعي التي ساهمت في الحد من المأساة الإنسانية؛ مهددة بدورها بالتلاشي في حال طال أمد النزاع، وهو ما يعني توفير أحـد الأسباب الرئيسية للمجاعة واتساع رقعة الفقـر في البلاد. ومع بداية العام الدراسي الجديد رفعت الميليشيات عبر وزارة التربية والتعليم التي تسيطر عليها رسوم الدراسة من 200 ريال إلى 4000 ريال، وأقرت ما يعرف برسوم الخدمة المجتمعية التي تبلغ 8000 ريال، وهو ما يعجز ناصر عن الوفاء به، خصوصا وأنه اضطر لبيع أثاث منزله لدفع الإيجارات (الدولار حوالي 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات). وهرباً من غلاء المعيشة الفاحش؛ انطلق ناصر إلى قريته في مديرية وصاب التابعة لمحافظة ذمار جنوب العاصمة صنعاء، حيث سيتخفف من دفع إيجار منزل من ناحية، وليأمن على أبنائه من استقطابهم إلى معسكرات الميليشيات، لكن المعيشة في قريته لن تكون أفضل، وسيحرم أبناؤه من الدراسة هذا العام أملا في أن يتغير الحال في العام القادم. وبحسب المسح الذي أجراه فريق التقرير؛ فإن متوسط الفارق في الأسعار بين صنعاء وعدن هو 15 في المائة، حيث يبلغ سعر كيس الدقيق بوزن 25 كجم ما يساوي 18.2 دولار في عدن وفي صنعاء 20.9 دولار، وسعر كيس الأرز 5 كجم ما يساوي 4.1 دولار في عدن مقابل 4.2 في صنعاء، بينما فارق سعر الصرف يصل إلى أكثر من 50 في المائة، حيث سعر الدولار في عدن 1170 ريالا، وفي صنعاء 559 ريالا. ومع ذلك، يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز محمد علي قحطان أن مستوى المعيشة متشابه في جميع المحافظات اليمنية بصورة عامة سواء المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا أو المحافظات الأخرى الواقعة تحت سيطرة الميليشيات، رغم التفاوت الكبير في الدخل وفي قيمة الريال اليمني. ويعزو قحطان في حديث لـ«الشرق الأوسط» الأزمة المعيشية إلى انقسام البنك المركزي اليمني والجهاز المصرفي بين صنعاء وعدن، ثم القيمة الشرائية للريال اليمني بطبعتيه القديمة والجديدة، ما أدى إلى تعطيل الدورة الاقتصادية وارتفاع هائل لمعدلات البطالة والفقر في عموم اليمن وانهيارات كبيرة في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية. ويتابع: «على الرغم من أن العاملين في مناطق الشرعية يتقاضون رواتبهم بانتظام؛ فإن هذه الرواتب قد تآكلت بصورة حادة، وفقدت من قيمتها ما يزيد على 80 في المائة، الأمر الذي يتطلب إصلاح نظام الرواتب والأجور، أو اتخاذ جملة من السياسات المالية والنقدية الفاعلة لاستعادة الريال اليمني لقيمته أمام الدولار». ويستدرك «وهذا لن يتحقق إلا بنهاية للحرب وتحقيق السلام وإعادة بناء الدولة وبدعم من دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمها دول التحالف الداعمة للشرعية بقيادة السعودية والإمارات».

مشاركة :