إذا انكسر القلب فإننا نتحول إلى كائنات تعيش ولكنها في منطقة أخرى تتعلم الأبجدية

  • 12/14/2013
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تختلف كثيرا، لمحتها تخرج من الجحيم مبتسمة، تنفض عن ثيابها ماعلق بها في العالم السفلي لتجربة الألم .. تخرج وبيدها سلال حب ولدى حزمة الوقت الذاكرة التي أتت بها كلها إلى هنا .. ومن كل الصياح والضجيج الذي حولها تقف .. تفتح باب عزلتها، تدخل لتضيء كل الأيام الماضية التي لفت حياتها، تمسك بالقلم، تحني رأسها صوب صدرها .. تسمع قلبها يقول "دق .. دق" .. تضع يدها عليه تلتقط أنفاسها تبتهج لتتمتم "الحمد لله مازال الباب مفتوحاً".. أدخل من ذاك الباب الموارب بحزمة الأسئلة التي بيدي .. أكشف لها عن أحلامي، أفرك أصبعي بشغب .. أغني لها " الورد جميل .. جميل الورد .. "أغمز لها بعيني أمد يدي لها.. وأقول "يابنت الناس الطيبين و.. يا سحر أنت فين" ؟!. مررت بعدة اختبارات صعبة حتى أصل لطريقك وألتقيك هنا.. تصمت في عزلتها لتكتب (هكذا هو الطريق، صعب ومليء بالاختبارات، ومع كل اختبار هناك اختيار، إما العودة للوراء إلى علبة السردين وهو موت، وإما التقدم رغم النزيف .. وهذا موت أيضا، لكنه ذلك الموت الذي يفتح أبواب حيوات أخرى) .. الروائية المصرية المدهشة "سحر الموجي" .. تدخل "لعبة المكشوف" بعد أن تقول لي "أحب أن أدخل الطرق المتحركة حتى إن مت في منتصف الأحلام، أسألها عمن يزورها دائما" فتجيبني بأن الحزن يزورها وتقدم له قهوة البني الغامق بعد أن تجلسه في الشرفة وتتحدث معه، أسألها عن لحظة التحول في حياتها فتقول لي بعد أن تترك يديها تعبثان بالأفق" 25 يناير" .. أسألها عن عدد كذباتها فتقول إن المشاعر المحسوسة ليست كذبة بقدر ماهي لحظة انعتاق من الجمود .. كنت كائناً شرساً عندما يجرح .. وتصالحت مع نفسي بالكتابة الدكتورة الروائية والإعلامية "سحر الموجي" .. تدخل المكشوف لتكشف هنا كل ماحدث وما يحدث ومايمكن أن يحدث لها .. فهي امرأة التحولات التي لاتنتظر شيئا لأنها "فقط" مستمتعة .. فالذعر يأتيها حينما تتحول الحياة إلى جفاء وبرد لغياب من تحب .. ففي العشق من الممكن أن يحدث كل شيء! ذاكرتها هي خلاصها الوحيد حتى إن تحولت في لحظات إلى كائن شرس يجرح ولكنه يمد يده للصلح. تعترف "الموجي" لي هنا .. بأن التجارب القاسية هي النور الحقيقي لنا في الطريق، وبأن الاختلاف شبه .. وبأنها ستظل دائما المرأة التي تحارب من أجل حريتها .. هنا "سحر الموجي" تقف عند قمة "المكشوف" لتقترب مني وتهمس لي في أذني "أخاف العجز" .. وهذا هو السر الذي لاتخبري به أحد!! صياغة الألم * أيمكننا حقا أن نكتب عن حياتنا .. أيمكن أن نشفى من الذاكرة وأن نلمس آلامنا التي لطالما دفعتنا إلى قدر من البكاء والانكسار ..إلى أي مدى كنت قادرة على ملامسة جروحك بالحبر والورق ؟ وماذا عن ذاكرتك القديمة " أشفيتي منها ؟ أم أنها مازالت تقبض عليك لتطلقك في سماء الحزن"؟ - بالتأكيد بإمكاننا الكتابة عن حياتنا، ليس بمعنى الذاتية أو رثاء الذات والعويل، ولكن بمعنى إعادة تشكيل عجينة التجربة الحياتية وأسئلة الكاتب بأزميل الفن لإنتاج كتابة جميلة- كتابة تحمل ثقل التجربة وألمها وجمال الفن الذي يعيد صياغة الألم. من يكرهني لا أراه لأنني غارقة حتى أذني في بحر من المحبة بمقدورنا أن نجعل من الكتابة ما نريد. وأنا أؤمن أن الكتابة (انطلاقا من هذا الوعي) فيها شفاء للجروح وتصالح مع الألم ورؤيته من منظور مختلف، فهو النار التي تصهر التجربة وتعيد صياغتها. الكتابة بالنسبة لي شفاء والتئام وتصالح. لماذا؟ لأنها محاولة للفهم. أنا لا أتمنى الشفاء من الذاكرة، فلست أراها مرضا. على العكس أحاول أن أتمسك بذاكرتي وأستعيد التفاصيل المنسية. لكن الذاكرة في حالتي ليست شرنقة للاختباء من العالم بقدر ما هي زاد ومخزون يؤهلني للحياة- لحظات الألم والبهجة والانكسار والكشف، كيف يمكنني التخلي عنها؟ إنها رحلتي إلى "إيثاكا" وأنا في النهاية صنيعة تلك الذاكرة، لا بل إنها صنيعة فهمي لتلك الذاكرة، وإدراكي أن الذاكرة ليست شيئا جامدا، بل هي كيان متحول لأننا نعيد صياغتها وفهمها طوال الوقت مع الاسترجاع. أما عن الحزن- فبقدر ما هو ثقيل أنا أحبه. الحزن هو جوهر إنسانيتنا. إنه حجر العقيق العسلي المعروق الذي يحمل شروخنا ومناطقنا الشفافة الجميلة. لا أسعى للحزن طبعا -لا أحد يسعى إليه- لكنه عندما يجيء أفتح له البيت وأقدم له القهوة البنية الغامقة في الشرفة، وأتحدث معه. ليبقى كما يشاء، وعندما يرحل يتركني أكثر رقة ورهافة والتقاطا لحزن الآخرين. أنا ممتنة للحزن الذي يفتح داخلنا أبوابا منسية ويكشف كنوزا. بحر المحبة * يكرهنا البعض، يحقد علينا .. ألهذا نحن مستفزين لهم ! أم أن الآخرين مشغولون بنا عن إخفاقاتهم .. ماذا تقولين لمن يكرهك؟ يغضب منك ويتحامل عليك دون أسباب حقيقية ؟ أيمكن أن نسامح هؤلاء دون أن نحمل في قلوبنا لهم السواد؟ - أنا لا أتوقف عند من يحملون داخلهم كرها أو تحامل. لا أراهم كثيرا لأنني مشغولة بالتقاط الجميل والرحب والمفعم بالمحبة. أشفق على هؤلاء لأن غضبهم أو كرههم هو في الأساس ضد أنفسهم. لكن لا أحد بإمكانه مساعدتك ما لم ترغب في مساعدة نفسك. أشعر في أوقات كثيرة أنني غارقة حتى أذني في بحر من المحبة. في هذا الوضع من الصعب أن أرى شيئا غير المحبة. عتاب الذات * كتبتي (نظام الكون كله بيتقلب وحضرتك عايز تعيط على قلبك! بلا خيبة) ألا يستحق القلب أن نبكي من أجله ؟ لمن تقولين "بلا خيبة" ؟ - طبعا يستحق القلب أن نبكي من أجله. و"نون" (2007) تسجل انكسارات القلب ومحاولاته أن يشفى. تجيء هذه الجملة على لسان "حسام"- أحد شخصيات الرواية- وهو يسخر من نفسه لأنه يبكي قلبه المكسور والعالم يتداعى من حوله بما فعله بوش بالعراق وما يدور في مصر في أوائل الألفية. لكنها تبقى مجرد لحظة عتاب للذات ولا يمكننا إلا أن ننتهي من كل البكاء حتى نخطو إلى الحياة مرة أخرى. الشخصية الحقيقية * للهجة المصرية سحر خاص يقتحم القلوب دون استئذان ولعل انتشارها في العالم العربي دليل على سر هذه اللهجة التي تأتي بالناس والشارع جميعهم فيها من أين لكم بكل تلك الشعبية العربية؟ ولماذا تفضلين الكتابة باللهجة العامية المصرية في رواياتك وكتاباتك الإبداعية؟ من أين للمصريين باللغة المصرية، هذا أمر معقد ويعود إلى مصر القديمة (التي لا تزال اللغة العامية تحتفظ بمفردات منها)، ويعود إلى عصور متتالية كانت مصر فيها هي البوتقة التي تصهر الغزاة وتهضمهم وتأخذ منهم وتعطيهم ما تشاء. كما أن الفن المصري على مدار القرن العشرين قد ساهم في نشر اللغة المصرية، خاصة السينما والدراما التلفزيونية والمسرح. أما عن كتابتي فأنا لا أكتب باللهجة العامية ولكنني أستخدمها بالتأكيد في الحوار بين الشخصيات. لا يمكنني أن أتخيل شخصية في أحد نصوصي تتحدث الفصحى لأن هذا غير حقيقي، ولأن اللهجة العامية الدارجة هي الأقدر على نقل تفاصيل الشخصية ونبرتها وطبقتها وطريقة تفكيرها. الشخصية تتحول إلى لحم ودم عندما تتحدث لغة الشارع. لحظة التحول * مصر رائحة النيل، والأهرام والفراعنة والناس الطيبة، مكان أم كلثوم وذكرى عبدالحليم حافظ وصوت أحمد زكي .. أين هي أم الدنيا الآن؟ حينما تحبين أن تلتقي بها إلى أين تذهبين؟ - أنا لا أذهب إلى مصر، ولكن هي التي تحيطني بتفاصيلها، النيل والهرم والناس طبعا، وأيضا لحظة عودة الروح إلى المصريين. كنت قبل الثورة أذهب إلى شارع المعز لدين الله الفاطمي في حي الأزهر كي ألتقي مصر التي تخصني. بعد الثورة أصبحت أراها في ألف تفصيلة لا تخطئها عيني. كان 25 يناير 2011 هو لحظة تحول مصر من صورة في خيالي إلى واقع أكثر جمالا وغموضا وتعقيدا وإدهاشا من أي خيال. القرار لنا أتمنى أن أموت في منتصف الأحلام ففي معاركها اكتشفت نفسي من جديد * كتب الطاهر بن جلون (فالضعف يكمن في أن تؤخذ المشاعر على أنها الواقع، في أن تصبح متواطئا مع كذبه تنطلق من ذلك لترتد إلى ذلك. فتحسب أنك بذلك خطوت خطوة نحو الأمام) .. لماذا نحن دائما نصدق مشاعرنا حتى إن كانت كذبة ؟ أيمكن أن يكون الحلم شهيا إلى درجة التواطؤ على الواقع ؟ - من قال إن مشاعرنا من الممكن أن تكون كذبة؟ ومن قال إن الواقع واقع بالفعل؟ مشاعرنا ليست كذبة طالما أنها حقيقية ومحسوسة وقادرة على تغيير كيمياء أرواحنا ورؤيتنا للعالم. فعندما نلمس شخصا نحب تتدفق فينا مشاعر عميقة وقوية. وبالرغم من صعوبة تفسير/ وصف هذه المشاعر فإنها هنا/ داخلنا نحسها وتغير فينا وتبدلنا. الحلم قادر بالفعل على إعادة تشكيل الواقع طوال الوقت. قد يبقى الحلم مجرد شرنقة للهروب من الفعل، وقد يكون أداة تغيير للواقع عندما نحول طاقته الهائلة إلى فعل. القرار لنا. معنى في كتابة * تقفين خلف القلم ككاتبة، وتقفين أمام مدرج طلابك كأستاذة في جامعة القاهرة، وتأتين في منتصف الليل كل ثلاثاء عبر الإذاعة في برنامج "البحث عن الذهب" .. أين سحر الموجي الحقيقية من كل هؤلاء؟ أي دور لم يأت بعد وتحلمين بأن تلعبيه في الحياة بعد كل ذلك؟ - أعتقد أنني توقفت عن التخطيط لما سوف أكون، لأنني "أكون" الآن ما قد حلمت به وربما أكثر. هذا ليس قلة طموح، ولكنها لحظة في حياتي أصبحت أستمتع فيها بكل ما أقوم به: تدريس في الجامعة أو إذاعة أو التدريب في ورش كتابة إبداعية أو حكي على المسرح أو كتابة. أعيش كل هذه الأوجه وأحبها ولكن تبقى الكتابة هي اللحظة المثلى للتحقق. هي البحر الذي تتدفق نحوه كل هذه الأنهار بقوة. أن تستطيع الإمساك بسيولة اللحظة- بمشاعر- بمشهد عميق ودال في عالم صاخب ومجنون- يعني أن كل ما يبدو عبثيا يتحول إلى معنى من خلال الكتابة، إن الألم الذي نمر به يقول لنا شيئا، أن الحياة تستحق أن تعاش لأنك قد وجدت المعنى. العودة للحياة * كتبت (كل الأشياء الجميلة أخذتها معها، ليس الحب فقط ولكن الإحساس بالثقة ولحاف الأمان يغطيك وأنت قريب ممن تحب أو بعيد قد سحبته يد قاسية من فوقك. وتركتك كطفل مرتعش وحده يعيش ليل الشتاء) .. أيمكن أن تختفي كل الأشياء الجميلة في حياتنا لأن شخص واحد فقط قد غاب؟ أي يد قاسية تركتك وحيدة كطفل في ليل الشتاء؟ - طبعا تصبح الحياة جافة وباردة وبلا معنى مع غياب حبيب. نشعر أنفسنا كائنات هشة ومذعورة، ونرى العالم غريبا ومخيفا ولا يطاق. لكنها تبقى مجرد مرحلة، لحظة، وقت سنقضيه في الجحيم كي نعود إلى الحياة بعدها ونستكمل الرحلة. وهنا أيضا يلزم قرار: هل نترك جحيم الألم يحرقنا أم أننا- أثناء الألم وبسببه- سنحاول أن نفهم الرسائل ونجعل من التجارب المؤلمة نارا تنضجنا وتجعلنا أكثر إنسانية وفهما لمعنى الضعف الإنساني؟ لقد صورت أساطير عدة رحلة النزول إلى الجحيم أو المروق منه كمرحلة اختبار لصمود البشر. وانكسارات القلب هي أحد تجليات هذا الجحيم الذي نخوضه ونحن نتحرك في الحياة، نعمل ونرى الأهل والأصحاب ولكننا على المستوى النفسي في منطقة أخرى سفلية نتعلم بعض الأبجدية. الانتقام في العشق كتبت أحلام مستغانمي (أنت تعذب الآخر لأنك تتعذب به وأنت تتعذب به لأنك مازلت تحبه، وكان أسهل أن تقول له هذا، لكن تجد نفسك تقول له العكس تماما لتؤلمه) .. لماذا نحن نحب أن نؤلم من نحبه كثيرا وكأننا نحرق قلبه لنبقى في ذاكرته كالوشم؟ أيمكن أن نتخلى عمن أحببناه لأننا نشعر بأن العشق بداخلنا أصبح أكبر من الاحتمال فنخشى أن نؤذي أنفسنا به؟ - في العشق من الممكن أن يحدث أي شيء وكل شيء. قد نؤذي مشاعر من نحب بدافع الانتقام أو الخوف أو.. هناك احتمالات بعدد البشر، وهناك احتمالات متعددة في حالة الشخص الواحد. كنت في أحد لحظاتي كائنا شرسا عندما يجرح، وقد أعود كذلك. ولكنني الآن أؤمن أن طاقة الغضب تؤذينا نحن قبل أن تؤذي الآخر. لذا أصالح نفسي أولا بأول حتى لا أسمح لأشباح الغضب بالمجيء والمكوث في بيتي. النسيان والألم غنى عبدالحليم حافظ (أهواك وأتمنى لو أنساك .. وانسى روحي وياك .. وان ضاعت يبقى فداك. لو تنساني .. وأنساك وتريني بانسى جفاك .. واشتاق لعذابي معاك .. وألقى دموعي فكراك .. وارجع تاني) ...أيمكن أن نتناسى جفاء وعذاب المحبوب وما سببه لنا من آلام - فقط - حتى لا نخسره ؟ أأتخذت قرار النسيان يوما مع حب سكن قلبك لأنك أدركت بأن الاستمرار معه وبه مستحيل؟ ولماذا يصعب على البعض أن ينسوا؟ - النسيان ليس هو الحل، ولكن التصالح. ليس مطلوبا منا أن ننسى حتى لا نتحول إلى مصفاة لماء التجربة لا تبقي على شيء. حتى أكثر تجاربنا قسوة تحمل في داخلها نورا يكشف عن منطقة معتمة داخلنا. أنا لا اريد أن أنسى، لكنني أريد بشدة أن أتصالح. أريد أن أتصالح مع الألم وأقدر مجهوداته لتعليمي بعض الأسرار، وأريد أن أتصالح مع نفسي حتى أستطيع التصالح مع البشر. حذاء سندريلا * تحولات كثيرة تحدث من حولنا .. لاأعرف كيف من الممكن أن يبقى المرء ثابتا على موقفه فيها، أو كيف يستطيع أن يتجاوز التحولات إلى مسارات جديدة ومنعطفات تجعل منه إنسانا أفضل .. ماذا تفعل بك التحولات الكبيرة في الحياة.؟ أي المنعطفات التي عشتها وغيرت منك كثيرا؟ ماذا بقي منها الآن؟ - التحولات الكبيرة في الحياة تأخذني دوما إلى منطقة أفضل وأجمل وأكثر رحابة. وبقدر ما تكون هذه التجارب موجعة إلا أنها تفتح داخلنا أبواب ونوافذ تمكننا من رؤية العالم بشكل مختلف. هذه التجارب نعمة لأنني قد قررت أن أتعامل معها على أنها كذلك. وهي لم تخذلني. كان تحولا كبيرا أن أخلع حذاء "سندريلا" ورداءها الجميل وأقرر ألا أنتظر أية جنيات. سأحارب من أجل حريتي وسوف أتمرد على كل السجانين وعلى الأفكار التي تنصب لنا فخاخا يعجز البعض عن الهروب منها كل حياتهم. وعندما توقفت عن كوني سندريلا ومررت من جحيم التجربة وجدت أن بحوزتي عصاي السحرية. نعم بإمكاني أن أحول الغضب إلى تسامح والوجع إلى كتابة. مرة أخرى هي مسألة قرار. الحذر من الجروح * كتبت على لسان أحد الشخصيات في رواية (الحياة بتديني درس مسلمش رقبتي لحد أبدا) .. أيمكن أن نكون حذرين إلى ذلك القدر من اليقظة حتى مع من نثق بهم، حتى مع من نقتسم معهم الرغيف ؟ من أين للمرأة بكل ذلك الحذر وهي من تتحول مع حبيبها إلى مدينة أبوابها وجسورها وقلاعها مفتوحة؟ - يأتي الحذر من الخوف والرغبة في حماية أنفسنا من الجروح. ولكنه في الحقيقة يفسد العلاقات. كيف لنا أن نحذر ممن نحب؟ تلك علاقات لا طائل من وراءها. إن جزءاً من رحلتنا في الحياة يعني أن نعيد امتلاك الثقة على الرغم من احتمال الخذلان بعدها. وهو أمر صعب بالتأكيد. لكن لا شيء يضاهي الانصهار مع كيان آخر والانكشاف أمامه وملامسة الضعف. من حق البشر أن يعيشوا تلك التجربة لأنها تشكل أفقا إنسانيا عريضا ورحبا ومختلفا ومفعما بالحياة لم نكن ندرك وجوده. جريمة التفكير * ما أصعب الاختلاف في زمن أصبح فيه الاختلاف الحقيقي شبهة، والعمق والتأمل جريمة .. نقذف بالحجارة ونهجر لأننا فقط نقرأ من العمق .. أيمكن أن يحارب الإنسان فقط لأنه "يفكر" ؟ أي الحروب التي دخلتها وكانت خسائرها كبيرة ولكنك خرجت منها منتصرة بنفسك ؟ - كان الاختلاف دوما شبهة وكان التفكير وسيظل جريمة- خاصة في ثقافات تخاف الكشف وتعادي التمرد. علينا أن نقر بهذا وأن نفخر بالالتحاق بزمرة "البط القبيح". نعم بالتأكيد كان لدي حروب في هذا المضمار، ولا يمكنني أن أوصف معركة بالخاسرة لو أنني كسبت نفسي. كنت دائما أخرج من الأتون بهذا المكسب، تلك البركة: أن تحب نفسك كما هي وتعيد اكتشافها من جديد وتسمح لها أن تدهشك. الإصغاء للهمس * حينما تتنقلين في حي "عابدين القديم" وحي "السيدة زينب" وغيرها من الأحياء الشعبية القديمة ماالذي تسمعينه بقلبك في أحيائها وفي وجوه الناس التي تسكنها؟ ولماذا نحب دوما أن ندخل الأحياء الشعبية القديمة وكأننا مولعون بلوحة الفقر والبساطة والعفوية؟ - نحن نحب الأحياء القديمة لأنها تحمل همسات عتيقة على الجدران وتحتفظ بحكايات لا تمتلكها كتل الأسمنت التي تخنقنا. نذهب إلى هناك لنستمع لهمسات خفيضة غير مفهومة تماما ولكنها مغوية. مع غياب الحبيب نتحول إلى كائنات هشة مذعورة ولنخرج من ذلك الجحيم علينا فقط أن نقرر اللا انتظار كتب باولو كويلو (هناك على الدوام شخصا ما في العالم ينتظر شخصا آخر، سواء أكان ذلك في وسط الصحراء أم في أعماق المدن الكبرى).. من تنتظر سحر الموجي الآن أن يأتي ؟ ألديك قلب مفتوح للأحلام ؟ أم أنك أغلقته منذ زمن بعيد؟ - أنا لا أنتظر شيئا أو شخصا. أنا أحتفي بما لدي بالفعل. وفي تلك الحالة من اللاانتظار تفيض عليّ الحياة ببركات غير متوقعة. قلبي دوما مفتوح للأحلام. أنا لن أغلقه أبدا بيدي. قد تجرفني تيارات الحياة والعمل والحركة في مدينة صاخبة ومرهقة، لكنني أعود إلى داخلي كثيرا لأتأكد أن الباب مفتوح. وقد يكون الحلم ببساطة الاختلاء بضع ساعات، في صحبة بخور صندل وشمعة وكتاب وبعض سطور تأخذني إلى نفسي. العجز * ماهو السر الذي لم تقوليه لأحد؟ - أنا لا أخاف الموت. لكنني أخاف العجز (بتسكين الجيم). أتمنى أن أموت وأنا في منتصف الحركة، في منتصف الحلم.

مشاركة :