من المتوقع أن يتكبد الاقتصاد الألماني أكثر من 260 مليار يورو بحلول عام 2030، بسبب حرب أوكرانيا وعواقبها، وفقا لدراسة نشرت أمس أعدتها معاهد عدة. وأعلن معهد سوق العمل والتعليم والتدريب المهني IAB والمعهد الاتحادي للتعليم والتدريب المهني وجمعية البحوث الهيكلية الاقتصادية الألمانية، أنه من المرجح أن يتراجع عدد العاملين في ألمانيا العام المقبل بواقع 240 ألف شخص بسبب عواقب الحرب. وجاءت توقعات الباحثين بناء على افتراض أن العقوبات على روسيا ستظل سارية حتى عام 2030، حتى لو انتهت الحرب بحلول ذلك الوقت. وقال الخبير إنتسو فيبر من معهد IAB، "بسبب تداعيات الحرب لن يتحقق الانتعاش الاقتصادي بعد الجائحة". وأشارت الدراسة إلى أن زيادة أسعار الوقود التقليدي ستكون العامل الضار الرئيس لاقتصاد التصدير والاستهلاك الخاص، موضحة أن قطاعات الضيافة والخدمات الاجتماعية وإنتاج الغذاء ستعاني خسائر كبيرة في الوظائف. وبحسب "الألمانية"، وجدت الدراسة أنه في حال ارتفاع أسعار الطاقة ضعف ما هي عليه الآن، سيتراجع عدد العاملين في ألمانيا بواقع 660 ألف شخص في عام 2024. إلى ذلك، توقع أولاف شولتس المستشار الألماني، حدوث ثورة كبيرة في الصناعة الألمانية خلال التحول إلى التقنيات الجديدة والطاقة المتجددة. وقال شولتس، أمس أثناء زيارته لمحطة تعبئة هيدروجين في منطقة فرانكفورت - هوكست الصناعية، إن الاقتصاد الألماني سينتج ويستخدم الطاقة بطريقة مختلفة تماما عما كان عليه الحال في الماضي، مضيفا أنه بفضل مصادر الطاقة المتجددة والتقنيات الجديدة مثل الهيدروجين يمكن لألمانيا أن تحرر نفسها من التبعية وأن تدافع عن سيادتها. وذكر شولتس أنه يمكن استخدام الهيدروجين في التنقل والإنتاج وفي عمليات تقنية، مبينا أنه في "هوكست" يمكن رؤية مدى فاعلية الأمر. وقال "خاصة الآن وبعد أن رأينا مدى اعتمادنا على واردات الطاقة من جميع أنحاء العالم - وفي هذه الحالة خاصة من روسيا - من المهم أن نعرف أن لدينا قدرة تكنولوجية واقعية وقابلة للحياة اقتصاديا توجد فرص عمل وقيمة مضافة في ألمانيا"، مؤكدا ضرورة المضي قدما في ذلك بأقصى سرعة وتنفيذه على نطاق صناعي كبير. واعتبارا من نهاية هذا العام سيجرى تعبئة قطارات الركاب التابعة لاتحاد "راين - ماين" للنقل في محطة تعبئة الوقود في هوكست - فرانكفورت. وسيعمل ما مجموعه 27 من هذه القطارات في منطقة الراين - ماين. وبحسب بيانات الاتحاد، سيكون هذا أكبر أسطول قطارات في العالم مزودا بخلايا وقود الهيدروجين، وهو من النوع الرمادي وجرى إنتاجه من نفايات في المنطقة الصناعية. من جهته، يرى زيجفريد روسفورم، رئيس اتحاد الصناعات الألمانية، أن النمو الاقتصادي في ألمانيا في خطر أكبر مما كان متوقعا في حزيران (يونيو). وكان الاتحاد يتوقع في ذلك الوقت أن الناتج المحلي الإجمالي سينمو 1.5 في المائة فقط في العام الحالي. وقال روسفورم، "لكننا قلنا في ذلك الوقت أن النمو 1.5 في المائة مرهون بأن تسير الأمور على ما يرام، لكنها تزداد صعوبة". وفي بداية العام - أي قبل اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، كان الاتحاد يتوقع نموا هذا العام 3.5 في المائة. وقال روسفورم في إشارة إلى الارتفاع الحاد في أسعار الغاز، "الأمر لا يتوقف فقط على أسعار الغاز.. هناك عوامل خطر أخرى"، مشيرا إلى الزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وعواقبها على التنمية الاقتصادية في ألمانيا باعتبارها أكبر سوق تصدير، إضافة إلى ضعف النمو الاقتصادي في الصين. وأضاف روسفورم، "المواطنون يتأهبون لدفع أسعار أعلى بكثير للكهرباء والغاز ويدخرون المال من أجل ذلك.. لن تكون الدولة قادرة على تعويض كل الزيادات في الأسعار". ويتوقع روسفورم ارتفاعا هائلا في أسعار الغاز بسبب خفض إمدادات الغاز الروسي. وعلى مدار فترة طويلة كان سعر الغاز أقل من 20 يورو لكل ميجاواط/ ساعة. في الوقت الحالي سيتعين على الشركات دفع نحو عشرة أضعاف مقابل الحصول على واردات بديلة للغاز الروسي.
مشاركة :