كلّ ما فعلته في مقالي يوم امس الأول وقلته حول غطاء المرأة الشامل هو أن وضعت حقائق مبعثرة بعضها إلى جانب بعض فبدت متناقضة وهذا لا اتحمل مسؤوليته. عندما تطالع موقف المتشددين من الطروحات المتصلة بالمرأة ستعرف أن مكان المرأة الوحيد بيتها وإذا خرجت لا تخرج إلا عند الضرورة القصوى. خروجها للعلاج أو لعيادة والدها(شرط موافقة زوجها).. الخ. أما الخروج لتناول وجبة في مطعم أو التمشية والدوران في الشوارع أو في الأسواق أو زيارة صديقة فهذا على حد علمي لا يجوز. هذه حقيقة ليست من انتاجي. قرأتها وسمعتها آلاف المرات ولا تخفى على غيري. إذا خرجت المرأة للأسباب القاهرة المدرج بعض منها أعلاه يجب أن يكون لباسها في حلكة الليل حتى لا يُرى منها شيء، ويجب أن يكون خروجها سريعا وخفيفا وان تداري حاجاتها بصوت خفيض وتسير على حافات الطريق. هذه حقيقة أخرى قرأتها وسمعتها مئات المرات ولا تخفى على احد. في اكثر من موضع سمعنا كثيرا من بعض المفتين يقول لا يجوز السفر إلى بلاد الكفار إلا عند الضرورة القصوى، والابتعاث كما تؤكد طبيعته لا يمكن ان يكون ضرورة فضلا عن أن يكون قصوى، بل سمعنا من يحرمه جملة وتفصيلا ولم يعترض على رأيه احد من نفس الدائرة. هذه الحقائق لم اخترعها ولم اعترض عليها ولم اناقشها في مقالي السابق وإنما نظرت في تطبيقاتها على ارض الواقع فالأمر بالنسبة لي قراءة لمشاهدات تحتاج إلى تسجيل بوصفي كاتبا يتابع الظواهر ويعلق عليها. لا يمكن اعتبار المرأة التي تلتزم بالحجاب السابغ في لندن أو باريس أو تورنتو إلا إنسانة متناقضة مع هذه الحقائق، وبالتالي متناقضة مع نفسها ومع مبادئها أو انها تتعامل مع هذا النوع من الالبسة كعادة تحملها معها أينما ذهبت غير عابئة بالقيم المنظمة لها. غير مدركة أن هذا اللباس ليس هو الهدف وانما هو مجرد اجراء يتخذ عند الخروج (الخاطف) من المنزل وليس عند الاختلاط في صالات الدراسة أو في الباصات أو في المطاعم أو في الطائرات.. الخ كما يحدث في حال المبتعثة أو السائحة في دبي او حتى المتجولة في الرياض. لا اريد هنا وفي مقالي السابق تصحيح أخطاء الناس بقدر ما اريد أن اشير إلى التناقضات التي نعيشها والصمت على هذه التناقضات. لكي أوضح معنى ما اقصده بالتناقضات سأضرب مثالا بحق المرأة في السفر. القاعدة تقول لا يحق للمرأة السفر إلا برفقة محرم واليوم تستطيع أي امرأة أن تسافر بإذن من المحرم. (تصريح). شتان بين السفر بمحرم، والسفر بإذن المحرم. لم يعد للفتوى الاساسية وجود وتحول حق الفتوى للمحرم نفسه. يجيز لها السفر أو لا يجيز لها ومع الأسف لم يعترض أصحاب الفتوى والمؤيدون لها على هذا التغير الجذري. وجود امرأة في كامل لباسها الأسود في صفوف الدراسة المختلطة أو في مطعم أو تتمشى في الأسواق يتسم بالتناقض الصارخ. هذا ما أحببت أن ابينه. في الأخير أؤكد بأني لا أعترض على المبادئ ولكن من واجبي كشف التناقض ووضع من يتابع كتاباتي أمام مسؤولياته الأخلاقية والدينية..
مشاركة :