إيقاف عرض مسرحي وإلغاء آخر يثير الجدل في تونس

  • 8/11/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ما زالت حادثة إيقاف عرض مسرحي ضمن فعاليات مهرجان صفاقس الدولي وإلغاء آخر في مهرجان المنستير الدولي، تثير الجدل الواسع في الواقع وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، بين متخوفين على حرية الإبداع في تونس ومن ينددون بـ”رداءة” هذه الأعمال و”تجاوزها للأخلاق” و”تطاولها على الرموز”. وفي محافظة (ولاية) صفاقس حاول عناصر شرطة وقف عرض للممثّل والكوميدي التونسي لطفي العبدلي أثناء أدائه على المسرح مساء الأحد معتبرين أن مضمونه “ينافي الحياء”، ما أثار جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي وخشية من عودة الرقابة على الفنّ في البلاد. قدّم الممثل لطفي العبدلّي المعروف بجرأته في مسرحياته وتصريحاته لوسائل الإعلام وفي شبكات التواصل الاجتماعي، عرضه المسرحي الفردي “في سنّ الخمسين أقولها كما أعنيها” الأحد ضمن فعاليات مهرجان صفاقس الدولي وسط شرق تونس. الفنانون والمثقفون التونسيون متخوفون من الاعتداء على حرياتهم والتسبب في إلغاء عروضهم والتضييق على آرائهم لكن بعد مشهد انتقد فيه الفنان الكوميديّ السلطات وجهاز الأمن مرات عدة، حاول عناصر شرطة كانوا يؤمّنون الحدث الثقافي وقف العرض احتجاجا على مضمونه. وقالت “نقابة قوات الأمن الداخلي” في تدوينة على صفحتها الرسمية على فيسبوك أرفقتها بتسجيل مصور لمقطع من المسرحية “هذا ما أثار حفيظتنا”، مضيفة أنها “تعتذر” على نشر المقطع الذي يحتوي “تفاهات” و”حماقات”. ورفع شرطيان دعوى أمام محكمة صفاقس ضد العبدلّي بتهمة “التجاهر بما ينافي الحياء”، وفق ما أفاد به مسؤول أمني طلب عدم كشف هويته، مشددا على أن اللجوء إلى القضاء لا يمثل موقف وزارة الداخلية. وأضاف المسؤول أن “رد فعل النقابة الأمنية لا يمثل بأي حال الموقف الرسمي للسلطات أو وزارة الداخلية”. من جهتها قالت وزارة الداخلية في بيان لها الثلاثاء إن “الموقف الرّسمي للوزارة يصدُر عن هياكلها الرّسميّة التابعة لها دُون سواها”. العديد من التونسيين عبروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن استهجانهم لسلوك عناصر الأمن المعنيّين مشددين على رفض أي رقابة على المحتوى الفنيّ وكان الممثل لطفي العبدلي قد أدان الأحد أمام جمهور كبير في صفاقس سلوك “أربعة عناصر” من الشرطة قال إنهم رشقوه بعبوات مياه ما أدى إلى تعطّل العرض قبل استئنافه، واتهمهم بأنهم أرادوا أن يدفعوا الجمهور إلى مغادرة المسرح. وأعرب العديد من التونسيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن استهجانهم لسلوك عناصر الأمن المعنيّين مشددين على رفض أي رقابة على المحتوى الفنيّ. بدورها استنكرت نقابة الصحافيين التونسيين في بيان الثلاثاء “أعمال عنف” ارتكبتها “عناصر تنتسب إلى النقابات الأمنية” بحق صحافيين خلال العرض المسرحي في صفاقس. وأكدت النقابة أن أحد الصحافيين استُهدف “بالعنف خلال تصويره لفيديو يوثق مهاجمة نقابي أمني للطفي العبدلّي”. وقال المحامي والناشط الحقوقي بسام الطريفي إنه “بغض النظر عن المحتوى المقدم على خشبة المسرح، ما حدث سابقة خطيرة، عندما تقرر مجموعة من الأمنيين الحاملين للسلاح ما يمكن عرضه وما هو مرفوض ويتم منعه… فاعلم يا صديقي أنك ما زلت في دولة الشرطة”. وأضاف “الرقابة التي مارستها الشرطة هي اعتداء على حرية التعبير وحريّة الرّأي والفكر والإعلام والنّشر المضمونة في دستور 2022. ونذكّر بأنه لا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات على عمل مسرحي وإيقاف العرض حسب الدستور”. البعض يرى أن العرض تضمن فعلا مستوى متدنيا ومقاطع لاأخلاقية ومنفّرة، لكنهم في نفس الوقت أدانوا تدخل قوات الأمن لمنع العرض ويرى آخرون أن العرض تضمن فعلا مستوى متدنيا ومقاطع لاأخلاقية ومنفّرة، لكنهم في نفس الوقت أدانوا تدخل قوات الأمن لمنع العرض، معتبرين أن من يقيّم الفن هم النقاد أولا والجمهور ثانيا. وحادثة أخرى أثارت استهجان الوسط الفني التونسي وحتى الشارع التونسي، تمثلت في إلغاء مهرجان المنستير الدولي عرض مسرحية “حسين في بكين” للفنان مقداد السهيلي بسبب “المسّ من شخصية الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة”، باني دولة الاستقلال. وألغي العرض بسبب تصريحات سابقة صدرت عن الممثل واعتبرت مسيئة لبورقيبة الذي ينحدر من مدينة المنستير ويعد رمزا لها. وبررت إدارة المهرجان قرارها بـ”الحساسية التي أثارتها مسرحية مقداد السهيلي”، وحرصها “على تجنب كل ما يفهم منه التشجيع على المس من رموز المدينة من قريب أو بعيد”، وفق ما جاء في بيان لها. وقال مدير المهرجان يافت بن حميد إنه لا علاقة للقرار بمحتوى المسرحية، مشيرا إلى تلقي إدارة المهرجان لعدة شكاوى من أهالي المدينة ضد عرضها. والحبيب بورقيبة (2000 – 1903) هو أول رئيس لتونس بعد الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي، وحكم البلاد مدة ثلاثين عاما (1957 – 1987). وينظر إليه على نطاق واسع كباني الدولة الحديثة، ويعود له الفضل في تعميم التعليم المجاني وإلزاميته، وخدمات الصحة، وسياسة تحديد النسل، وتحرير المرأة بمنحها عدة تشريعات وحقوق خلال حكمه منذ خمسينات القرن الماضي. ويبقى الشارع التونسي وخاصة الطبقة الثقافية متخوفين من هذه الهجمات التي تزايدت مؤخرا ضد الكثير من الفنانين، مثل ما حدث مع المسرحي التونسي الأمين النهدي وحملات التشهير التي طالته، إذ بات الفنانون والمبدعون يحسون بالخطر في ظل ما يواجهونه من ضغوطات من أطراف بعيدة كليا عن عالم الفن والثقافة.

مشاركة :