أكد خبراء ومتخصصون في المناخ خلال البرنامج الحواري «مساحتكم عبر البيان»، أن الإمارات تقوم بدور فاعل في مكافحة تغير المناخ لأنها تدرك مخاطر ضعف الاستجابة تجاه هذه القضية، والمسؤولية العالمية التي على عاتقها. وأشاروا إلى أن التغيرات المناخية التي تشهدها دول الخليج العربي خصوصاً والعالم عموماً كتعدد الظواهر الطبيعية وتزايد الفيضانات في مناطق لم تعهد الأمطار وذوبان الجليد في كثير من مناطق العالم والتصحر الشديد للعديد من المناطق، وتزايد العواصف والأعاصير، كلها تنبئ بأن العالم يتجه نحو اختلاف كبير في الطقس، ولا سبيل لمواجهته سوى بالتزام دول العالم وخصوصاً الكبرى منها بتعهداتها في خفض الانبعاثات، ووضع خطط استراتيجية فعالة للتكيف مع المتغيرات المناخية، وإجراء مزيد من الدراسات العلمية للتغير المناخي وتقييم آثاره والتعرف على المناطق الأكثر عرضة للآثار السلبية الناتجة عن التغير المناخي، وذلك لتوفير خطط مبكرة وتوجيه الاستعدادات للخروج بأقل الأضرار جراء التغيرات المفاجئة التي تخلفها تقلبات الطقس. تخطيط المدن وبيّن المشاركون خلال الجلسة الحوارية «مساحتكم عبر البيان» على حساب «البيان» عبر منصة «تويتر» والتي حملت عنوان: «تأثر دول الخليج والمنطقة بالتغير المناخي.. الأسباب والتداعيات والإجراءات». أن دول الخليج وبعض الدول العربية حققت المتطلبات المشروطة لمواجهة التغير المناخي، وتعمل الآن على إعادة تخطيط المدن لمواجهة تداعياته المحتملة من خلال توسيع مجاري الأودية وبناء سدود ذات كفاءة وتشكيل لجان لإدارة الأزمات. ولفتوا إلى أن الدول العربية بحاجة إلى زيادة البحوث وتحليل البيانات التي تساعد على التنبؤ بالتغيرات المستقبلية ومواجهاتها بما يمكن من تجنيب المناطق وسكانها للأضرار الناجمة عن تقلبات الطقس. مشاركة وشارك في الجلسة الحوارية التي أدارتها الإعلامية سحر الميزاري من قناة الشرق للأخبار، واقتصاد الشرق مع «بلومبيرغ»، إبراهيم الجروان رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للعلوم والفلك وعضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، والدكتور خالد البلوشي أستاذ مشارك في الجيوفيزياء من جامعة الإمارات، ومن جمهورية مصر العربية الدكتور سمير طنطاوي استشاري التغيرات المناخية بالأمم المتحدة، وعضو الهيئة الدولية للتغير المناخي، ومن المملكة الأردنية الهاشمية صفاء الجيوسي مختصة بالتغير المناخي. الاحتباس الحراري وناقش المشاركون ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي العالمي التي أصبحت من الظواهر المقلقة لجميع بلدان العالم، ولم تعد أي دولة بمنأى عن تأثيراتها، وما مدى مسؤولية دول العالم عموماً والدول الكبرى خصوصاً في الحد من تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري والتقليل من تداعياتها، إضافة إلى الخطط والسياسيات والاستراتيجيات والميزانيات الواجب وضعها محلياً وخليجياً للتعامل مع التغيرات المناخية. تقلبات جوية واستهلت الإعلامية سحر الميزاري الجلسة قائلة: لطالما سمعنا بتأثير التغيرات المناخية في الأرض، لكننا لم نشعر بذلك التأثير بشكل واضح، وكنا عندما نسمع بالتغير المناخي يرتبط في مخيلتنا أنه حديث عن أمر بعيد الحدوث وربما تظهر تداعيات ذلك بعد قرون، إلا أنه في السنوات الأخيرة ثبت العكس وبدأ العالم يشهد تقلبات جوية وطقساً غير معهود، حيث الجفاف في أوروبا وارتفاع درجات الحرارة ووفيات تصل بالمئات، وهطول الأمطار الصيفية في الشرق الأوسط. وأضافت: أصبح هناك حديث مستمر عن منخفضات جوية وهطول أمطار غزيرة على الخليج في ذروة الصيف، وهو ما يعني تأثيرات مباشرة من تداعيات التغير المناخي، وعلى المدى البعيد ستظهر تداعيات التغير المناخي بصورة أكبر خصوصاً مع اشتعال الحروب عالمياً وانسحاب بعض الدول من الاتفاقيات والمعاهدات المتعلقة بالمناخ، مما يعطل جهود الحفاظ على المناخ، لأن الحفاظ على المناخ ليس مسؤولية دول معينة فقط، بل هي مسؤولية الدول الصناعية الكبرى في الأساس. موجات ومن جانبه قال إبراهيم الجروان: إن الدول الأوروبية شهدت موجات حارة لم يسبق تسجيلها من قبل، وذلك بسبب تداعيات التغير المناخي، في حين شهدت الجزيرة العربية تسجيل كميات أمطار في فصل الصيف وسقوط أمطار غزيرة على بعض المناطق، خصوصاً في شهر يوليو الذي يعد من أكثر شهور السنة حرارة وجفافاً، وهو ما يؤكد أن الموازين تغيرت وهناك حاجة لمضاعفة الجهود لتجنّب التداعيات، مشيراً إلى أنه بات من الضروري تفعيل الاتفاقيات وعودة الدول الكبرى إليها. التزام وأشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقوم بدورها في تشجيع العالم على الالتزام بالمعاهدات، وستستضيف الإمارات مؤتمر «كوب 28» في نوفمبر 2023، كما أطلقت الإمارات الخطة الوطنية للتغير المناخي حتى 2050، وأطلقت شبكة الإمارات لأبحاث المناخ ومسرعات كثيرة تعزز الحفاظ على المناخ ومشاريع الطاقة النظيفة كـ«شمس دبي» و«براكة»، إلى جانب استحداث نظام وطني للمعلومات المناخية لصياغة سيناريوهات محتملة وبرنامج وطني للتكيف المناخي. الاستعداد الأمثل وأشار الجروان إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة شهدت خلال الفترة الماضية حالات مناخية مؤثرة، وتراكمت لديها خبرات وتجارب انعكست على مواصفات البنية التحتية، وطرق التصريف وإنشاء السدود، وهذه الحالات الجوية تحفز الدولة إلى الاستعداد بالشكل الأمثل، كما أنها تقوم بدراسة التقلبات الماضية، حيث استفادت من الأحداث الطبيعية كإعصار جونو الذي حدث في عام 2007 وتأثرت به المناطق الشرقية من الدولة من خلال تشييد بناء سدود ذات كفاءة وشبكات صرف صحي تستوعب كميات الأمطار والمياه. استدامة وفي السياق ذاته قال الدكتور خالد البلوشي: إن التغير المناخي أسهم في دفع الكتل الماطرة لتغطي رقعة أكبر تتجاوز رقعتها الطبيعية المعتادة، مما دفع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إطلاق استراتيجية للتكيف مع التغيرات المناخية، ومنها البحث عن مصادر مستدامة للطاقة والاستثمار في الأبحاث المناخية، لأن العلم والمعرفة هما السلاح للاستعداد للتغير المناخي والحد من آثاره، كما أنه يمكن بواسطة الأبحاث توقع نسب الأمطار والاستعداد لها، كما يمكن أن يعزز ذلك التواصل مع أفراد المجتمع لتقليل الآثار المترتبة على التغير المناخي. تعزيز الأبحاث وأوضح: الإمارات تقوم بدور فاعل في مكافحة تغير المناخ لأنها تدرك مخاطر ضعف الاستجابة تجاه هذه القضية، والمسؤولية العالمية التي على عاتقها، وأن إعلان الإمارات تصدير آخر شحنة بترولية بعد 50 عاماً، هي رسالة للعالم أن الدولة تتجه للاستثمار في الطاقة المتجددة المستدامة، إضافة إلى تعزيز الأبحاث في مجالات التكيف مع التغير المناخي، وذلك يأتي في إطار إيمانها بأن العالم عائلة واحدة على كوكب الأرض، والأزمات المالية ليست عائقاً، مشيراً إلى أن الإمارات في السنوات الأخيرة حرصت على تنويع مصادر الطاقة فاتجهت للطاقة الشمسية والنووية السلمية، كما شجعت الجامعات على التنقيب عن الحرارة الأرضية التي تعد من مصادر الطاقة النظيفة. إدارة المخاطر وأكد الدكتور البلوشي أن دولة الإمارات العربية المتحدة حريصة على التكيف مع التغير المناخي من خلال إدارة المخاطر وتأهيل عنصر بشري لمواجهة التداعيات بمشاركة الجهات المتعددة، فضلاً عن دعم الأبحاث التي أصبحت تموّل بطريقة سخية في هذا المجال بهدف اتخاذ إجراءات استباقية. 15 مبادرة ومن جهته، قال الدكتور سمير طنطاوي: إن مصر تولي قضية التغير المناخي اهتماماً خاصاً، وبدأت تجهيزاتها لاستضافة «كوب27»، وتبذل كل جهودها لإخراج نسخة تليق بمصر التي تمثل أفريقيا والدول النامية، وفي إطار الاستعداد لتنظيم الحدث، أعلنت عن 15 مبادرة دولية ستناقش في المؤتمر وتندرج تحتها موضوعات: التغير المناخي، فصل الكربون، الزراعة والنقل المستدام، والمدن المستدامة. كما أعلنت مبادرة زراعة 100 مليون شجرة والتي تتوازى مع نظيرتها في السعودية، وهي مبادرة مهمة تسهم في الحد من الانبعاثات المؤثرة في المناخ، هذا إضافة إلى دعم البحوث في مشروعات الاستدامة والطاقة المتجددة. خطط وطنية وأوضح، أن استراتيجيات التغير المناخي هي خطط وطنية مهمة لكل الدول، وهي ترسم الخطوط العريضة التي تشمل إجراءات تخص التعامل مع التغير المناخي، وفي مصر أطلقنا استراتيجية وطنية 2050، تشمل بحوث التكيف والحد من الانبعاثات بتمويل وإشراك القطاع الخاص. ولفت إلى أن البحث العلمي من أهم العناصر التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار من قبل واضعي الاستراتيجيات الوطنية. انتشار الأمراض وأشار طنطاوي إلى أن الأولويات يجب أن ترتكز على هدف إنقاذ الأرض، فالأجيال القادمة ليست مسؤولة عما جنيناه على الأرض، والسيناريوهات المطروحة تهدد بفقدان 10% من سكان الأرض، كما توقعت الدراسات انتشاراً لأمراض متعددة تحفزها الحرارة المرتفعة وغيرها من التغيرات المناخية، لذا فإن مسألة مواجهة التغير المناخي هي قرار سياسي، وكل المختصين والمسؤولين يقرون بأننا في اتجاه غير صحيح بالنسبة لمناخ الأرض وسلامة سكانها. نتائج ومن جانبها قالت صفاء الجيوسي: إن الوطن العربي ليس متسبباً بصورة مباشرة في التغير المناخي، لكننا متأثرون بنتائجه، وينبغي على الدول المتسببة بهذا التغير المناخي تدارك ما يمكن تداركه في سبيل التقليل من التأثيرات المناخية، لافتة إلى أن الفرد العربي من أقل المسهمين في البصمة الكربونية العالمية. التأثير العربي أوضحت صفاء الجيوسي، أن التغير المناخي حاصل لا محالة، ورغم أن تأثيرنا العربي لا يتجاوز 10 % إلا أن تأثرنا مباشر وحتمي بنتائج التغير المناخي. لذلك يجب ألا نقلل من أي خطوة لكبح التغير المناخي، لكن المسألة الأساسية سياسية، ومعظم الدول العربية قدمت الإسهامات المطلوبة منها. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :