أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني المسلمين بتقوى الله عزوجل والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه. وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم :” لا لذة للحياة ولا طيب للعيش إلا بانشراح الصدر وراحة النفس بأن يتسع وينفسح ويستنير بنور الإيمان ويحيى بضوء اليقين بالله عز وجل ، وهذا مطلب من مطالب الإنسان في هذه الحياة الدنيا ، وهو علامة سعادة العبد وهدايته وأن الله قد هداه ومن عليه بالتوفيق وسلوك أقوم الطريق . وبين أن الهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدور وبدونهما قد يجد المرء راحة نفسية في مبدأ من المبادئ وتلك راحة مؤقتة ، وانشراح خادع لا يلبث إلا أن ينقلب حسرة وضيقًا والشرك والضلال من أعظم أسباب ضيق الصدر ومن أسباب انشراح الصدر كثرة قراءة القرآن ويزداد الصدر انشراحا بتجويد حروفه ومعرفة وقوفه وتدبره ، وكذلك العلم بسنته – صلى الله عليه وسلم – تواترًا وأحاداً قولًا وعملًا وتقريرًا فإن كل ذلك يشرح صدر المؤمن ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا . وأضاف إمام المسجد الحرام أن من أسباب انشراح الصدر الإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره والرضا عن الله عز وجل في كل أحواله ، فإذا علم الإنسان أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه ماكان فرحا بما أوتي ، ولا يائسا على ما فاته ، لأن العبد إذا اعتقد جازمًا أن كل شيءٍ من الله تعالى ، وأن الله لا يفعل إلا الخير ، اطمأنت نفسه وتقبل ما قدر عليه بارتياح ، قال – صلى الله عليه وسلم – : عجبًا لأمر المؤمن أمره كله خير إن أصابه سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابه ضراء صبر فكان خيرا له. وقال الدكتور الجهني :” إن من أسباب انشراح الصدر أيضا الإحسان إلى الخلق ونفعهم بما يمكن من المال والجاه ، فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدرًا وأطيبهم نفسًا ، والبخيل الذي ليس فيه إحسان لأحد ، أضيق الناس صدرًا وأنكدهم عيشًا وصفاء القلب ، وطهارة النفس ، وحسن الظن بالله ، وحمل الناس على أحسن المحامل ، وتأويل القول على أحسن احتمالاته ، وطيب النفس وراحة القلب وحفظ اللسان عن فضول القول ، وحفظ العين عن شطحات النظر ، وحفظ الأذن عن سماع المحرمات كل ذلك من أسباب انشراح الصدر ومن أسباب رفعة النفس وقوتها كما أن فضول القول وفضول النظر والاستماع والإسراف في المباحات أكلاً وشرباً ونوماً يتحول ألاماً وهموماً على القلب تمرضه وتؤلمه ولزوم جماعة المسلمين مما يُطهِّر القلب من الغل والغش فإن المسلم للزومه جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لها ، بخلاف من انحاز عنهم ، وانشغل بالطعن عليهم والذمِّ لهم “. وأشار فضيلته إلى أن الله يعطي الدنيا للمؤمن وللكافر ولا يعطي الدين إلا لمن يحب وقد تعجب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – حين رآه يصلح جدار بيته ويطينه فأراد أن يخلي قلبه من التعلق بالدنيا ويذكره بقرب الأجل للاستعداد له فقال -عليه الصلاة والسلام – : ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك . . ليجعل الآخرة همه والاستعداد لها شغله فإذا بالغ المرء في الانصراف عن أعمار الدنيا والسعي فيها فيحتاج إلى لفتة من نوع آخر ( ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك) فيبقى على جادة القصد والتوازن ، وأن العبد المحفوف بالنعيم قد يكون مستدرجاً لمزيد من المسوؤلية والعذاب وهو لا يدري. وأضاف أن المهتم لآخرته لا يرى الدنيا دار قرار لشعوره بقرب الرحيل إلى دار الخلود قال – عليه أفضل الصلاة والسلام – : قال لي جبريل : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ، واحبب من شئت فإنك مفارقه ، وأعمل ما شئت فإنك ملاقيه .
مشاركة :