توافد عشرات الآلاف من الفضوليين من السياح الأجانب والإيسلنديين إلى الطريق الشاقة والوعرة المؤدية إلى الفوهة المتكونة حديثاً في أخدود "ميرادالير" البركاني، بالقرب من العاصمة ريكيافيك، لمراقبة المشهد المذهل للحمم البركانية التي بدأت تتصاعد قبل أسبوع من الموقع. في يوم الأربعاء وحده، عندما أعيد فتح الموقع، لذي أقفل ثلاثة أيام بسبب سوء الأحوال الجوية، حضر أكثر من 4600 شخص لمشاهدة الحمم المنصهرة المتصاعدة، على بعد 40 كيلومتراً فحسب من العاصمة الإيسلندية. وبلغ مجموع المتنزهين، الذين أقبلوا حتى الآن إلى الموقع، نحو 23 ألفاً، وفقاً لهيئة السياحة. تبلغ مسافة رحلة المشي إلى فوهة البركان 14 كيلومتراً على الأقل ذهاباً وإياباً، وتشمل التسلق لمسافة 300 متر، وتستغرق نحو ساعتين من أقرب موقف للسيارات. وعملت الآليات، خلال أيام الإغلاق الثلاثة، على تسوية المسار والحدّ من وعورته لتسهيل وصول الجمهور وفرق الإنقاذ في حالات الطوارئ. وقالت السائحة البريطانية سيلين بول "إنها أطول مسافة مشيتها على الإطلاق". وأضافت، وهي تنظر إلى الحمم المتصاعدة من الأرض محدثةً هديراً متواصلاً "أقنعني خطيبي بالمجيء، وأخبرني أنها ستكون تجربة فريدة، وهي كذلك فعلاً". تظهر شظايا الصهارة على التلة المشرفة على الوادي البركاني، في نهاية رحلة المشي الطويلة. وقال السائح الأميركي جيمس مانيسكالكو (31 عاماً) "إن الحجارة الساخنة المتصاعدة من الأرض هي من أكثر ما يذهل من مشاهد". وتتصاعد الحمم البرتقالية إلى ارتفاع 70 متراً ثم تسقط مجدداً وهي في حال انصهار، فتتكدس لتشكّل بفعل تصلّبها نصف مخروط بركاني. يمتد تدفق البازلت، الذي تبلغ حرارته 1200 درجة مئوية، وهو الأكثر سخونة بين الحمم البركانية التي يمكن أن تنتجها الأرض، لمسافة تصل إلى كيلومترين من موقع تصاعده، ويفيض من الوادي في اتجاه الجنوب. وقالت السائحة الشابة كليمانس إرنو من مدينة ناتت الفرنسية "إنه شيء سنراه بالتأكيد مرة واحدة فقط في حياتنا". ولا تقلل العواصف والأمطار من دهشة الفضوليين المذهولين المتمركزين على جوانب الجبل. وأشار مكتب الأرصاد الجوية الإيسلندي إلى أن الثوران تواصل بوتيرة ثابتة إلى حد ما في الأيام الأخيرة، مضيفاً أنه قد يستمر مدة طويلة. ورأى ثورفالدور ثوردارسون، عالم البراكين أنه "قد يدوم طويلاً على غرار الثوران الذي سبقه". واندلعت الحمم البركانية، العام الفائت، من البركان القريب من جبل "فاغرادالسفيال" لمدة ستة أشهر، في أطول ثوران بركاني في إيسلندا منذ أكثر من 50 عاماً. وأوضح الخبير أن "الثوران سيستمر ما دامت القناة التي تغذي الصهارة في العمق مفتوحة". تضمّ إيسلندا 32 نظاما بركانيا يعدّ ناشطا، وهو أعلى مجموع من هذا القبيل في أوروبا. وفي المتوسط، يشهد البلد ثورانا بركانيا كلّ خمس سنوات. تقع إيسلندا على حيد وسط المحيط الأطلسي، وهو صدع يفصل بين الصفيحة التكتونية الأوراسية وتلك الأميركية الشمالية، ما يرفع من مستوى النشاط الزلزالي في البلد.
مشاركة :