باشر الخصوم السياسيون لمقتدى الصدر في «الإطار التنسيقي»، أمس، اعتصاماً مفتوحاً على أسوار المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، مقابل اعتصامٍ آخر يقيمه مناصرو «التيار الصدري» داخل البرلمان منذ أسبوعين، مع تصاعد الأزمة السياسية الحادة التي يعيشها العراق. ومنذ يوليو، يتواجه الطرفان «التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي»، في تصعيد جديد لخلافات سياسية حادة من دون أن يؤدي الوضع المتأزم إلى أعمال عنف حتى الآن، وسط مطالبة «التيار الصدري» بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة. ومنذ أسبوعين، يواصل أنصار «التيار الصدري» اعتصاماً بجوار البرلمان العراقي، في المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، التي تضمّ مؤسسات حكومية ومقرات دبلوماسية. وردّ، أمس، خصومه في الإطار التنسيقي بإعلان الاعتصام المفتوح على طريق مؤدٍ إلى أحد أبواب المنطقة الخضراء، بعد تظاهرةٍ ضمّت الآلاف. وختم مناصرو «الإطار» تظاهرتهم «بإعلان الاعتصام المفتوح»، وفق بيان ختامي تلي على المحتجين، وهي ثمانية مطالب أبرزها «الإسراع بتشكيل حكومةٍ خدميةٍ وطنيةٍ كاملة الصلاحيات وفق السياقات الدستورية». كذلك طالب البيان «رئيس مجلس النواب بإنهاء تعليق العمل، والتحرك الفاعل من أجل إخلاء المجلس وتفعيل عمله التشريعي والرقابي». ويضمّ الإطار التنسيقي خصوصاً الكتلة البرلمانية الموالية للفصائل المسلحة، وكتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي. وكان «الإطار» قد قبل بدايةً بحلّ البرلمان والانتخابات المبكرة وفق شروط. وبدأت الأزمة الحالية إثر رفض «التيار الصدري» في نهاية يوليو، مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الوزراء. ويعيش العراق منذ الانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2021، شللاً سياسياً تاماً مع العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، على خلفية خلافات سياسية متواصلة. وفي حين يقول الإطار التنسيقي، الذي يضمّ كتلة «دولة القانون»، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكتلةً ممثلة للفصائل المسلحة، إنه منفتح على حل البرلمان، شرط انعقاده ومناقشة النواب وتصويتهم على ذلك، طالب مقتدى الصدر القضاء بالتدخل وحل المجلس بمهلة أقصاها نهاية الأسبوع المقبل. وينصّ الدستور العراقي في المادة 64 منه على أن حلّ مجلس النواب يتمّ «بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء، وبموافقة رئيس الجمهورية». وفي هذه الأثناء، أدى آلاف من أنصار التيار الصدري صلاة الجمعة قرب البرلمان. وتزامناً مع تظاهرة «الإطار التنسيقي»، جرت تظاهرات متنافسة كذلك في مناطق أخرى من العراق. وفي الموصل في شمال العراق، تظاهر المئات من مناصري الإطار التنسيقي في المدينة، فيما احتشد مناصرو «التيار الصدري» في مدينتي العمارة والناصرية جنوباً. ومن أجل زيادة الضغط على خصومه، دعا الصدر نواب تياره المستقيلين ومناصريه إلى تقديم دعاوى جماعية للقضاء من أجل دفعه إلى حل البرلمان. وكان متطوعون يوزعون استمارات الدعاوى على المعتصمين الذين سجلوا أسماءهم عليها وقاموا بتوقيعها تمهيداً لرفعها. وحول جواز حل البرلمان من قبل المحكمة الاتحادية، يؤكد الخبير القانوني علي التميمي إمكانية ذلك. وقال في تصريح لـ«الاتحاد»: «نعم يمكن للمحكمة الاتحادية حل البرلمان وفق المواد 47 و59 من القانون المدني المتعلق بإخفاق هذه المؤسسة، أي البرلمان، في أداء دورها الدستوري وتجاوز المدد الدستورية». وذكر التميمي أن المبادئ العامة الواردة في القانون المدني تؤكد على أن المؤسسة عندما تعجز عن أداء دورها يتولى القضاء حلها. وأشار إلى أن «المحكمة الاتحادية لها ولاية عامة وإلزامية القرار، وفق المواد 92 و93 و94 من الدستور العراقي»، متوقعاً أن تتجه المحكمة إلى حل البرلمان، الذي أصبح مطلباً شعبياً. ويرى الخبير القانوني العراقي ومستشار محكمة التحكيم العربية بجامعة الدول العربية، عدنان الشريفي، أن كل ما يجري يسير باتجاه التمديد لحكومة مصطفى الكاظمي لسنة أخرى، تعقبها انتخابات مبكرة. وكانت الانتخابات التي جرت في أكتوبر 2021 انتخابات مبكرة جاءت لتهدئة غضب الشارع إثر موجة احتجاجية غير مسبوقة شهدها العراق في خريف عام 2019، طالب فيها المحتجون بإسقاط النظام ونددوا بفساد الطبقة الحاكمة في بلد غني بالنفط لكن يعاني من الفقر.
مشاركة :