أعلنت خمس من كبرى الشركات المملوكة للدولة في الصين عن خطط لشطب أسهمها من البورصات الأميركية بينما يعاني البلدان في محاولة التوصل إلى اتفاق يسمح للجهات التنظيمية الأميركية بفحص تدقيق حسابات الشركات الصينية. كشفت شركات «تشاينا لايف انشورنس»(China Life Insurance) و»بتروتشينا» (PetroChina) و» تشاينا بتروليوم اند كيميكال» (China Petroleum & Chemical ) عن نيتها شطب أسهمها عبر بيانات نُشرت في تتابع سريع يوم الجمعة، إلى جانب شركة «ألمنيوم كورب أوف تشاينا»(Aluminum Corp. of China) و»سينوبك شانغهاي بتروكيميكال» (Sinopec Shanghai Petrochemical). دخلت الولايات المتحدة والصين في خلاف منذ عقدين بشأن السماح للمدققين الأميركيين بالوصول إلى أوراق تقارير مراجعة الحسابات الخاصة بالشركات الصينية. ولم يتوصل المفاوضون بعد إلى اتفاق مع اقتراب آخر موعد حدّده الكونغرس في عام 2024 لبدء طرد الشركات التي لا تلتزم بذلك. الصين القارية وهونغ كونغ هما الدولتان الوحيدتان في العالم اللتان لا تسمحان بإجراء عمليات التفتيش من جانب مجلس مراقبة محاسبة الشركات العامة، إذ يقول المسؤولون إن هناك مخاوف تتعلق بالأمن القومي والسرية. في حين يحاول المسؤولون الأميركيون والصينيون التوصل إلى اتفاق، تتزايد التكهنات بأن الحل قد يشمل خروج الشركات التي تعتبرها بكين حساسة طواعية من الأسواق الأميركية. قطاعات استراتيجية قال ريدموند وونغ، المحلل الاستراتيجي في «ساكسو ماركتس» (Saxo Markets): «هذه الشركات المملوكة للدولة في قطاعات استراتيجية ويُنظر إليها على أنها تتمتع بإمكانية الوصول إلى المعلومات والبيانات التي قد تكون الحكومة الصينية مترددة في توفيرها للجهات التنظيمية الأجنبية». قالت لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية في بيان إن خطط الشطب تستند إلى مخاوف الشركات التجارية. 300 شركة رفضت هيئة الأوراق المالية والبورصات التعقيب ولم يستجب مجلس مراقبة محاسبة الشركات العامة على الفور لطلب التعليق. تواجه نحو 300 شركة مقرها في الصين وهونغ كونغ -بقيمة سوقية تزيد عن 2.4 تريليون دولار- خطر الشطب من البورصات الأميركية، حيث تزيد هيئة الأوراق المالية والبورصات عمليات تدقيق حسابات الشركات، وفق تقديرات بلومبرغ إنتليجنس في مايو. من بين أكبر الشركات « تشاينا لايف» و»بتروتشاينا» و» تشاينا بتروليوم أند كيميكال» ومجموعة «علي بابا» القابضة و»بايدو» (Baidu). ليس واضحاً ما إذا كانت خطوة الشطب ستسهل المفاوضات لكسر حالة الجمود بشأن فحص تقارير مراجعة الحسابات، وهو مطلب قانوني أميركي يهدف إلى حماية المستثمرين من عمليات الاحتيال المحاسبية والمخالفات المالية الأخرى. يتحدد الموعد النهائي في عام 2024 بموجب قانون صادر في عام 2020 المسمى قانون محاسبة الشركات الأجنبية الذي حصل على مناصرة كل من الديمقراطيين والجمهوريين. الشطب الطوعي قالت إريكا ويليامز، رئيسة مجلس مراقبة محاسبة الشركات العامة في الولايات المتحدة، إن الشطب الطوعي من البورصة قد لا يمنع المجلس من المطالبة بمراجعة الحسابات الخاصة بالشركة. أوضحت ويليامز أن مجلس مراقبة محاسبة الشركات العامة، لديه صلاحية القيام بأعمال الفحص بأثر رجعي، مما يعني أن المجلس الرقابي قد يستمر في المطالبة بتقارير تلك الشركات حتى بعد مغادرتها. قالت ويليامز: «إذا قررت شركة أو جهة إصدار الشطب هذا العام، فهذا لا يهمني حقاً لأنني بحاجة إلى معرفة ما إذا كنت قد تورطت في عملية احتيال في العام الماضي»، ولم تشر إلى أي شركة على وجه التحديد. شطب «علي بابا» أضافت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في 29 يوليو شركة «علي بابا» إلى قائمة متنامية من الشركات التي يمكن شطبها من البورصات الأميركية حال عدم توصل البلدين إلى اتفاق. قالت «علي بابا» في يوليو إنها تسعى لإدراج أسهم بالسوق الأولية في هونغ كونغ لتنضم إلى شركة «بيليبيلي»(Bilibili) و «زي لاب» (Zai Lab) اللتين اتخذتا هذه الخطوة في وقت سابق. هذا التحول قد يساعد تلك الشركات على الوصول إلى أعداد أخرى من المستثمرين الصينيين مع تقديم نموذج للشركات الصينية الأخرى المدرجة في الولايات المتحدة والتي تواجه الشطب. قالت «علي بابا» في أغسطس إنها ستحاول الإبقاء على إدراجها في بورصة نيويورك وبورصة هونغ كونغ. تراجعت أسهم شركات «علي بابا» و»بيندودو» (Pinduoduo) و» جيه دي دوت كوم» بنحو 2% في بورصة نيويورك. انخفض سهم « بتروتشاينا» بنحو 1% في حين انخفض صندوق «كران شيرز سي إس إي تشاينا انترنت» المتداول في البورصة ( Kraneshares CSI China Internet Fund ETF) بنسبة 2%. وتراجع مؤشر «ناسداك غولدن دراغون» بنسبة 3% تقريباً، ليبلغ إجمالي خسائره هذا العام حتى الآن نحو 21%. توتر العلاقات تقول لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والصين، والتي تقدم تقاريرها إلى الكونغرس، إن الصين تَعتبر ثماني شركات كبرى مدرجة في البورصات الأميركية «شركات صينية مملوكة للدولة على المستوى الوطني». والشركات الثماني هي «بتروتشاينا» و»تشاينا لايف انشورنس» و»تشاينا بتروليوم اند كيميكال» و»تشاينا ساوذرن إيرلاينز» (China Southern Airlines) و»هواننغ باور انترناشيونال» (Huaneng Power International) و»ألمنيوم كورب» و»تشاينا ايسترن ايرلاينز» (China Eastern Airlines) و»سينوبك شانغهاي بتروكيميكال». قال مارفن تشين، المحلل الاستراتيجي لدى «بلومبرغ إنتليجنس»، في حين أن عمليات الشطب سيكون لها تأثير ضئيل على الشركات نفسها نظرا لضعف تداول أسهمها في نيويورك، فإن هذه التحركات تؤكد التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين. توتّرت العلاقات بين القوتين العظميين بشكل خاص في الأيام الأخيرة بعد أن أدّت زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان إلى إجراء مناورات عسكرية صينية لعدة أيام حول الجزيرة. يدرس الكونجرس تشريعاً من شأنه تسريع الموعد النهائي لشطب الشركات من البورصات في أسرع وقت خلال عام 2023، مما يضيف مزيداً من الضغط على الجانبين للتوصل إلى اتفاق سريعاً. رفضت إريكا ويليامز، رئيسة مجلس مراقبة محاسبة الشركات العامة، في الولايات المتحدة تقديم موعد محدد يجب بموجبه التوصل إلى اتفاق مع السلطات الصينية، لكنها أكّدت أنه يجب أن يتم قريباً.
مشاركة :