بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في العام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس والذي كان منصوصًا عليه سابقًا في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا. وتشير كودارا لوكالة فرانس برس، إلى أن أورتيغا (76 عامًا) "حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور" من أجل الانتقال إلى نظام "استبدادي" يضع "صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي". ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات العام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ"أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها" لأن أورتيغا وزوجته "أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر (2021)، ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية". وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى. ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية الجمعة الحكومة في نيكاراغوا بوقف "المضايقات والقيود التعسّفية" بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضًا بـ"الإفراج الفوري عن" السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190. ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا ايليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضًا في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية "تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حاليًا في أميركا اللاتينية". ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضًا أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عامًا. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة. قمع الإعلام وكانت وسائل الإعلام أيضًا من الأهداف الأولى للسلطة. لم تعد صحيفة "لا برينسا" La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الانترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفًا من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن. وأغلقت السلطات أيضًا المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة. في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2020، أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة "عملاء أجانب". وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان. وبموجب هذا القانون، اعتُبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين ليلة وضحاها. في تموز/يوليو، اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن "منبوذات" حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان. "كنيسة صامتة" وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام "أنبياء مزيّفين". ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 آب/أغسطس، ما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة. وقال ألفاريز في إحدى عظاته "لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم". #photo1 وميّز النائب السانديني ويلفريدو نافارو من جهته بين "إنجيل الله وأفعال رجال يرتدون زي كهنة لممارسة السياسة". ومنعت الشرطة موكبا كان مقررًا مروره السبت حول كاتدرائية ماناغوا تكريمًا لعذراء فاتيما، بعدما طوّقت الحيّ منذ الجمعة. وتعتبر إلفيرا كوادرا أن نظام أورتيغا وزوجته "ضعيف ويعتمد فقط على قوة الشرطة".
مشاركة :