400 مليون إنسان يعتمدون على أوكرانيا في الحبوب والأسمدة والزيوت بداية جيدة لاتفاقية إسطنبول ونأمل توسعتها لسد تراكم النقص أكد سفير المملكة المتحدة لدى مملكة البحرين رودي دارموند مواصلة بلاده تقديم الدعم الإنساني للدول الأكثر تضررًا في العالم جراء أزمة الغذاء العالمي ونقص الإمدادات. وقال السفير البريطاني في مقابلة مع «الأيام» إن حزمة خصصتها بلاده -وتصل قيمتها إلى 3 مليارات دولار- على مدار ثلاثة الأعوام القادمة سوف تخصص لدعم الجهود الدولية للدول التي تشكل الحلقة الأضعف في مواجهة نقص الغذاء، ومن بينها دول شرق أوسطية. وأشار السفير دارموند إلى المخاطر التي تواجهها دول عدة نتيجة لنقص الإمدادات الغذائية والأسمدة، محذرًا من أن هناك دولاً باتت على بُعد خطوة واحدة من حدوث مجاعة حقيقية بسبب نقص الحبوب الناتج عن الأزمة الأوكرانية، إذ إن هناك 400 مليون إنسان من خارج أوكرانيا كانوا يعتمدون بشكل أساسي على صادرات أوكرانيا من الحبوب والأسمدة والزيوت. وفي السياق ذاته، نفى السفير البريطاني أن يكون هناك أي توجه لتغيير السياسات البريطانية إزاء موسكو بعد استقالة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، مشددًا على أن موقف بلاده يحظى بإجماع برلماني، وليس موقف حزب سياسي. واعتبر السفير البريطاني أن الحل لهذه الأزمة هو في يد الروس عبر وقف العمليات العسكرية والانسحاب من الأراضي الأوكرانية، مؤكدًا استمرار بلاده بدعم أوكرانيا عسكريًا وإنسانيًا، لا سيما أن بلاده قد أصدرت نحو 170000 تأشيرة لمواطنين أوكرانيين أغلبهم من النساء والأطفال، وذلك في إطار الدعم الإنساني.. وفيما يلي نص المقابلة: ] سأبدأ من السياسات البريطانية إزاء الأزمة الأوكرانية، هل هناك توجه نحو تغيير السياسات البريطانية حيال موسكو، لا سيما بعد استقالة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إذ كان يوصف بأكثر زعيم غربي اتخذ سياسات متشددة حيال روسيا؟ هل سوف تستمر السياسة البريطانية المتشددة إزاء موسكو؟ - لا أعتقد أن سياساتنا الخارجية بشكل عام اتجاه موسكو سوف تتغير مع تغير رئيس الوزراء، فهناك إجماع ليس من قبل وزراء حزب المحافظين فقط، بل هو إجماع برلماني لدعم أوكرانيا لمواجهة العدوان غير المبرر من قبل روسيا، فهذا موقف سياسي قوي للغاية، كما أننا عملنا بشكل وثيق مع الحلفاء والشركاء الدوليين في مجموعة الدول السبع، وكذلك حلف شمال الأطلسي «الناتو» وفي مجموعات وكيانات أخرى، وكان موقفنا واضح بهذا الاتجاه، لذلك لا أرى أي تغيير في ذلك، وهذا عنصر أساسي خلال الفترة القادمة ما لم تضع روسيا حدًا لعدوانها ضد أوكرانيا، وتتخذ خيارًا سياسيًا عبر طاولة المفاوضات وسحب قواتها، لذا أعتقد أننا سنواصل دعم أوكرانيا في عدة جوانب سواء عسكريًا أو إنسانيًا لا سيما استقبال اللاجئين، والعمل مع شركائنا الدوليين لتخفيف حدة الآثار الناتجة عن العمليات العسكرية الروسية، ومنها ملف الأمن الغذائي وما إلى ذلك. بتقديري، سوف نواجه المزيد من التحديات التي بالطبع سوف نستجيب لها، لكنني لا أرى أي تغيير بالنهج البريطاني الأساسي حيال موسكو. ] دعني أضعها في هذا السياق، ألا ترون أن روسيا قد نجحت في خلق موقف أوروبي متباين حيال فرض المزيد من العقوبات أمام حاجة واقعية للموارد الغذائية والطاقة، وهناك بيان بريطاني اعتبر أن روسيا تستخدم الغذاء سلاحًا؟ هل سوف تستمر بريطانيا بالضغط عبر العقوبات على موسكو رغم حاجة أوروبا والعالم الواقعية للغذاء والطاقة؟ - لا ننسى أن هاتين الأزمتين سواء الغذاء أو الطاقة قد حدثتا بسبب روسيا، وهاتان الأزمتان هما نتائج للعمليات العسكرية ضد أوكرانيا. ونحن نعمل من أجل تخفيف حدة هذه العواقب التي ترتبت على ذلك. لنأخذ الأمن الغذائي، لقد كانت أوكرانيا مورّدًا أساسيًا ومؤثرًا للحبوب والزيوت والأسمدة للعديد من البلدان. نحن نعتقد أن هناك 400 مليون إنسان في العالم -من خارج أوكرانيا- كانوا يعتمدون على صادرات أوكرانيا من هذه المواد الأساسية، وقد أدى الحصار الروسي على الموانئ الأوكرانية، وكذلك الهجمات على البنى التحتية المدنية، إلى منع أوكرانيا من الاستمرار بتزويد العالم من هذه الصادرات، لذا نحن نشيد بجهود الأمم المتحدة وتركيا من أجل التوصل لاتفاق تم من خلاله استئناف الصادرات الأوكرانية، ونحن سعداء بأن الأمور سارت بشكل جيد خلال الأسابيع القليلة الأولى، ونأمل أن يستمر ذلك. كذلك هناك نحو 20 مليون طن من الحبوب الأوكرانية المخزنة التي يمكن تصديرها أيضًا، لذا نتطلع إلى أن يستمر هذا الاتفاق ويتم توسيع نطاق الصادرات. أما بالنسبة لما أشرتِ إليه حول العقوبات، فقد كنا حذرين للغاية في عقوباتنا ضد روسيا، والتي يتركز تأثيرها على آلة الحرب الروسية، والجوانب الأساسية للاقتصاد الروسي كثمن لعملياتها العسكرية ضد أوكرانيا، وليس للتأثير على قدرة روسيا بتزويد العالم من صادراتها، لذلك لو نظرنا إلى ما حدث خلال الأشهر القليلة الماضية سنجد أن الصادرات الروسية من الحبوب قد ارتفعت. لذا لا يوجد قيود على دور روسيا من حيث تزويد العالم بالمواد المرتبطة بالأمن الغذائي، بل إن العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا هي من تؤثر على البلدان الأكثر ضعفًا في العالم، منها دول شرق أوسطية مثل اليمن وسوريا ولبنان، وكذلك شرق أفريقيا وأجزاء أخرى سوف تتعرض لخطر أزمة غذائية خطيرة للغاية خلال هذا العام والعام القادم ما إذا استمر هذا الوضع. لذا نفعل كل ما بوسعنا من أجل زيادة إمدادات هذه الدول من الأسمدة والحبوب من خلال الصادرات الأوكرانية، وكذلك تقديم الدعم الإنساني للبلدان المتضررة من ذلك. لقد قمنا بزيادة مقدار اتفاقياتنا الإنسانية من خلال التعهد بـ3 مليارات دولار على مدار السنوات الثلاث المقبلة لصالح المساعدات الإنسانية التي تتصل بشكل أساسي الأمن الغذائي في المناطق الأكثر تضررًا. كذلك الشركاء في مجموعة السبع اتخذوا إجراءات مماثلة، منها على سبيل المثال كندا التي سوف تزيد إمداداتها الغذائية ومن الأسمدة إلى أجزاء كثيرة من العالم. لكن بالطبع هذه الأمور تستغرق بعض الوقت. لذا نحن لسنا مسؤولين عن أزمة الغذاء العالمي، لكنني أتفق مع أن روسيا قد استخدمت الغذاء سلاحًا. كذلك الأمر بالنسبة للطاقة، فقد كان آخر شيء يحتاجه العالم هذه الأزمة، لا سيما بعد أن خرجنا من أزمة كورونا. كما تعلمون، في الاقتصادي العالمي كانت سلاسل إمدادات التوريد ممتدة للغاية خلال العامين الماضيين، وجاءت صدمة أسعار الطاقة التي نتجت عن العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا. وقد استخدمت روسيا الغاز والضغط وسيلة للضغط على الدول الأوروبية، وهو أمر يستحق الشجب. لكننا نعمل معًا للتخفيف من انعكاسات هذا الأمر. بالطبع سوف تكون فترة صعبة خلال فصل الشتاء القادم، لا سيما بالنسبة للمملكة المتحدة ودول أخرى، لكننا مستعدون لدفع هذا الثمن في سبيل دعم أوكرانيا للحفاظ على سيادتها واستعادة أراضيها. ] سأبقى عند الأمن الغذائي وبريطانيا، أعلنت بريطانيا حزمة كبيرة من الدعم لمساعدة البلدان الأكثر تضررًا من ارتفاع تكاليف الغذاء العالمية، ونقص الأسمدة. هل يمكننا الاطلاع على المزيد من التفاصيل حيال هذه الحزمة؟ وما التحديات المرتبطة بذلك؟ - نعم، لقد تعهدنا بتمويل تصل قيمته إلى 3 مليارات دولار على مدار ثلاثة الأعوام القادمة، بمعدل مليار كل عام لتقديم الدعم الإنساني، سواء من خلال تمويل المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وغيره من المؤسسات الدولية التي لديها دور قوي ومؤثر تستطيع أن تلعبه في تخفيف حدة هذه الأزمة، وقد أعلنا مؤخرًا منحًا لمشاريع معينة في اليمن بالاتفاق مع برنامج الغذاء العالمي، وكذلك في أجزاء أخرى من القرن الأفريقي مثل الصومال، وكذلك في أفغانستان والبلدان التي تواجه أزمات عاجلة وحقيقية، وربما واقعيًا هي على بُعد خطوة واحدة من حدوث مجاعة حقيقية. لذا نحن وشركاؤنا في مجموعة الدول السبع مستمرون في إعطاء الأولوية لمساعدة هذه الدول، لأنه من غير المعقول وهي التي تشكل الدول الأكثر ضعفًا أن تعاني بسبب هذه الأزمة. بالطبع لا نرى دعمًا روسيًا مماثلاً في هذه الأزمات، لكنه يشكّل أولوية قصوى وحقيقية بالنسبة لنا، وهذا جزء من مسؤوليتنا بوصفنا عضوًا قياديًا ومسؤولاً في المجتمع الدولي. ] إلى أي مدى يمكن التفاؤل حيال الاتفاق الذي تم التوصل إليه في إسطنبول الشهر الماضي؟ - لقد كانت بداية مشجعة، إذ شهدنا شحنات حبوب ذهبت إلى لبنان، وهناك سبع شحنات تم نقلها خلال الأيام القليلة الماضية، فإذًا عملية الإمدادات مستمرة وفق الاتفاق، لكن هناك تراكم ضخم من النقص نحو الوصول إلى التعافي. إذا أخذنا في الاعتبار محدودية البنى التحتية، ومنها موانئ تم تدميرها وأخرى تم إغلاقها نتيجة للعمليات العسكرية الروسية ضد المنشآت الأوكرانية. لذا نأمل أن يستمر الاتفاق، ويتم توسعة نطاقه، لكن بالطبع الحل الأساسي لكل ذلك هو وقف الحرب، وهذا الأمر بأيدي الروس. ] ألا ترون أن الاستمرار بتقديم الأسلحة إلى كييف يقلل من فرص الحلول السياسية، إذا أخذنا في الاعتبار أن لا العقوبات ولا إطالة أمد الحروب يشكلان حلاً لأي أزمة في هذا العالم؟ - دعمنا لأوكرانيا هو دعم مدروس، ويغطي مجموعة من المجالات المختلفة، منها -كما ذكرتِ- اللاجئين والدعم الإنساني والدعم الاقتصادي، ونحن نبحث مع شركائنا ما يمكن القيام به حيال التحضير لإعادة الإعمار ما بعد الحرب، لكن أوكرانيا دولة مستقلة ذات سيادة، وقد تعرضت للهجوم من قبل روسيا، لذا نحن ودول أخرى في حلف «الناتو» ودول أخرى من خارج «الناتو» نتفق على أنه في مثل هذه الظروف يجب تقديم الدعم للبلد الذي تعرض للهجوم، بما في ذلك الدعم العسكري. لقد قدمنا تدريبات عسكرية لأوكرانيا على مدار سبعة الأعوام الماضية، وإن كانت تدريبات متواضعة، لكن في ظروف الهجوم الروسي فقد طلب الأوكرانيون دعم أصدقائهم، وقد قررنا أن نقدم هذا الدعم عن طيب خاطر؛ لأنه لا يمكن أن نسمح لمسألة هجوم بلد على بلد آخر أن تنجح. نعم إنها أوقات عصيبة في الشؤون الدولية، إذ أيًا منا لا يريد الحرب، لكنه تأكيد على أهمية أن يسود الحق في الحفاظ على النظام الدولي، وعدم السماح بتعزيز فكرة هجوم دولة على أخرى. وهذا ما يعيدنا إلى العام 1990 عندما غزت العراق دولة الكويت، وتشكل حينها تحالف من 38 دولة لطرد العراق من الكويت، والتوقف عند هذه النقطة، لا طموح إقليمي، وقد كانت العملية ناجحة. وهذا المثال يحمل أكثر الأوجه تشابهًا مع الوضع الأوكراني، وفي مثل هذه الظروف لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي والسماح لروسيا بالسيطرة على أوكرانيا بأكملها. لقد خرجت تصريحات من روسيا تدلل بشكل أو بآخر على اعترافها بأوكرانيا دولة مستقلة، لذا نحن لا نعتذر عن تقديمنا الدعم العسكري لأوكرانيا، كما أن أوكرانيا دولة مستقلة ذات سيادة ولها الحق بطلب مثل هذا الدعم. ] دعني أضعها في هذا السياق، تقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتدريبات ومشاركة أوكرانية -كتفًا بكتف- مع قوات الناتو في ساحات مختلفة، كذلك طلب الانضمام للاتحاد الأوروبي، ألا ترون أن الدول الغربية هي من وضعت فعليًا أوكرانيا في مواجهة العاصفة الروسية بعد أن باتت أوكرانيا أشبه بـ«سكين في خاصرة الروس»؟ - دعني أوضح هذا الجزء، لم يكن هناك أي خطة لانضمام أوكرانيا إلى «الناتو»، بل لدى أوكرانيا كغيرها من دول عدة -ومنها دول شرق أوسطية- شراكة مع الناتو، وتشارك في تدريبات عسكرية، كذلك كانت هناك دول محايدة، لكن بعد الأزمة الأوكرانية تقدمت تلك الدول بطلب للانضمام إلى «الناتو» وتم قبولها مثل السويد وفنلندا، وذلك بعدما شهدت ما حدث مع شريك لـ«الناتو»، وذلك من أجل توفير الحماية لها. لكن لم يكن هناك خطة أو طلب لانضمام أوكرانيا إلى «الناتو». نعم لدى أوكرانيا طلب للانضمام للاتحاد الأوربي، وهذا قيد المناقشة، ولأوكرانيا الحق بالتقدم بهذا الطلب بوصفها دولة مستقلة لها سيادتها، ولا ينبغي لأي دولة أن تملي على أوكرانيا ما تريده، وهذا يعيدنا إلى أن الهجوم الروسي يتمحور حول السيادة لهذا البلد. روسيا دولة في مجلس الأمن، وينبغي أن يكون لديها وجهة نظر أكثر مسؤولية اتجاه الشؤون الدولية، كما أن أوكرانيا من أكبر دول أوروبا، ولها أهمية اقتصادية كبيرة للعالم، كذلك رأينا التأثير الاقتصادي لهذا البلد خلال أزمة الأمن الغذائي التي يواجهها العالم اليوم. ] أين فرص الحل السياسي اليوم في أزمة أوكرانيا؟ - الحل بأيدي الروس، هم من بدأوا هذه الحرب، والحلول بانسحابهم ووقف العمليات العسكرية، ومغادرة الأراضي الأوكرانية، وفي مرحلة ما يجب أن تكون هناك مفاوضات بين الطرفين -أوكرانيا وروسيا- ويجب أن يقودها البلدان دون تدخل من أي أطراف خارجية، لكن الحل للوصول إلى ذلك بأيدي الروس، فهم شنوا الهجوم على أوكرانيا، ولم تسر العمليات العسكرية وفق ما كانوا يأملون. ] ماذا عن الضغوط التي فرضتها هذه الأزمة على أوروبا من حيث التعامل مع الأزمة الإنسانية المتعلقة باللاجئين؟ - نعم، هذا الجانب يفرض ضغوطًا إضافية، لكن أعتقد أن الكثير من الشركاء كانوا كرماء للغاية واستقبلوا اللاجئين، لا سيما الدول المجاورة لأوكرانيا ومنها بولندا التي كانت سخية بالتعامل مع هذه الأزمة الإنسانية رغم الضغوط التي فرضها هذا الوضع على اقتصادها، كذلك أصدرت بريطانيا حتى الآن نحو 170000 تأشيرة للأوكرانيين في إطار الدعم الإنساني، وبشكل أساسي الدعم الموجهة للنساء والعائلات، لأن الرجال بقوا في أوكرانيا للدفاع عن بلادهم، وسوف نواصل تقديم هذا الدعم، ونحن وبقية الشركاء لدينا الاستعدادية لتحمل تكلفة ذلك حتى أن يتم الانتهاء من هذا النزاع.
مشاركة :