تشهد ساحات التواصل الاجتماعي نقاشات وطرح آراء وأفكار، وهذه ظاهرة صحية عندما تكون بهدف إيضاح وجهات النظر المختلفة، ومحاولة الاستفادة من كافة الآراء لتكوين معلومات وافية تساعد في الفهم واتخاذ الموقف المناسب، ولكن ما يلاحظ عند طرح المواضيع ونقاشها، تحوله إلى ساحة من الجدال بغرض تخطئ كل طرف للآخر بغية تحقيق الانتصار في إثبات رأيه بعيدًا عن الصواب والخطأ والحقيقة، لذا جل النقاشات الدائرة فيها، يغلب عليها تبادل الاتهامات وتصيد الأخطاء ونبش الماضي لصاحب الرأي للتشكيك بمعلومته وإن كانت حقيقة، ساعد على ذلك ضحالة ثقافة المتحاورين ولغة التهديد والتعميم والمساندة والدعم لبعضهم البعض، ولا تخرج منها بفائدة أو بصورة واضحة عن القضايا المطروحة، وهذا ساهم بطريقة غير مباشرة في انتشار المؤثرين بطرحهم وحركاتهم وتعليقاتهم غير اللائقة، لأن جل النقاشات سواء في القضايا الاجتماعية أو الفكرية أو السياسية أو الرياضية أو الفنية.. إلخ، طغى عليها تطبيق مبدأ «خذوهم بالصوت»، مع الهمز واللمز واستهداف الأشخاص بعيدًا عن الموضوع المطروح، وفي جلها تخرج بنتيجة واحدة بسطحية الطرح غير المفيد، مع وجود من يحاولون أن يقدموا مادة ومعلومات من هناك وهناك، تفيد القارئ أو المستمع أو أضعف الإيمان معرفة ما يجري في العالم سواء على المستوى العلمي أو الطبي أو حتى الترفيهي من أمثال إياد الحمود @Eyaaaad ود. عوض العمري @awadoooof وعبدالله الخريف @Abdullahk5 والعديد من الذين يقدمون ما يفيد ويطلعك على ما يحدث ويثقفك ويرفع وعيك وثقافتك، مع عدم إغفال من يحاولون أن ينشروا ثقافة الاختلاف بضوضاء تحركهم الميول والزهو بالنفس والبحث عن الترند والمتصدر في الأجوبة الملجمة، دون الرد على المعلومات وتفنيد الأخطاء، ولا ضير من وجودهم ولكن أن يكونوا قلة قليلة وليس هم السواد الأعظم في التصدر، وهي دعوة لنا جميعًا بأن نقوم بدور ولو صغير في إشاعة ما يقرِّب ويثقِّف ويدعِّم فكرة الإنسانية والنقاش الذي يثري بفائدة، وليس مطلوبًا منا أن نكون فلاسفة ومنظرين وندلي بكل شيء، فلكلٌّ منا ثقافته وفهمه المحدود سواء صغر أو كبر، وليكن الحكم على ما يطرح وليس على شخصية القائل، بعيدًا عن التنبيش والبحث في ماضي القائل، والفرح عند وجود رأي متغير، ولو من عشرات السنين، متناسين أن جلنا فكره يتغير ويتطور حسب العمر والتعليم ومختلف المتغيرات, وتعجبني مقولة الممثل ريكييرفايس» الآراء لا تغير الحقائق، ولكن الحقائق من المفروض أن تؤثر على الآراء وهذا ما يتحقق بالفعل، إذا كنت عاقلًا»، وهذا مبدأ مهم في التعاطي والنقاش، فمع الحقائق الساطعة بعد ظهورها، لا يبقى للرأي المختلف أهمية ومن باب الموضوعية التسليم بها ولو كانت عكس ما كنا نطرحه، مع الأخذ في الاعتبار أننا عاطفيون ونعتبر عدم صحة رأينا نوعًا من الهزيمة، ونقاوم حتى لا نعترف بها، وفي أغلب النقاشات والرد عليها لم أجد ردًّا يقر بأنه كان مخطئًا والرأي الآخر هو الصواب، ويظهر جليًّا في النقاش الرياضي حول قوانين وقرارات وأنظمة تفسيرها يحتاج إلى رجل قانون ولكن لا يعجب أصحاب الميول من حملة الابتدائي وغيرهم ويرون أن وجهة نظرهم أهم من القانون، كذلك عند نقاش قضية اجتماعية نجد الحوار الغريب والربط الأغرب لكل طرف ليثبت وجهة نظره مع تحوله إلى شخصنة واستهزاء وسخرية. خاتمة : نلجأ إلى تقبل الإشاعات، «والكذب أحيانًا» التي توافق هوانا، ونغلبها على الحقيقة الساطعة التي لا تعزز وجهة نظرنا ونتعامل معها ببرود، يقول مارك توين «يستطيع الكذب أن يدور حول الأرض في انتظار أن تلبس الحقيقة حذاءها «كتبه».
مشاركة :