منذ الأزل، يرتبط اسم بلدة بيرزيت شمالي مدينة رام الله بأشجار الزيتون، التي تكسو تلالها وجبالها، فتضفي عليها جمالاً خاصاً، كما يرتبط بالجامعة الأشهر في فلسطين، والتي تحمل اسمها، ليرسخ في ذاكرة أجيال متعاقبة، نهلت من علمها، وليصبح معروفاً في أرجاء الأرض. وتعرف بيرزيت باهتمامها الكبير بالمورث التراثي، باعتباره أحد المكونات والروافع الأساسية للهوية الفلسطينية، وتتجلى فيه خصوصية لأهالي البلدة بشكل خاص، وللفلسطينيين بوجه عام، إذ يعكس تراثهم الضارب في عمق التاريخ. ويلمس الزائر لبلدة بيرزيت هذه الأيام نشاطاً رائجاً، يعبق برائحة الماضي التليد، مع انطلاق فعاليات «أسبوع تراث بيرزيت»، وخلال تجواله في أزقتها القديمة لا بد أن تتسلل إليه رائحة القهوة العربية الأصيلة، ويطالع العديد من المشاهد، فيرى المشغولات اليدوية كصواني وسلال القش، والكراسي الخشبية القديمة، التي كانت رائجة في المقاهي والمضافات على حد سواء، والمنحوتات المصنوعة من خشب الزيتون، ولا بد أن تشنف آذانه لسماع الفلكلور الشعبي والأغاني والأهازيج التراثية القديمة. ويمثل التراث الفلسطيني ثروة هائلة لأهالي بلدة بيرزيت، حيث التقاليد الشعبية والطقوس المتوارثة في شتى مجالات الحياة، ولذا يأتي «أسبوع التراث» كتقليد سنوي، تنظمه جمعية الروزنة، ويشتمل على العديد من الفعاليات الثقافية والفنية، التي تعنى بإحياء التراث الفلسطيني، وتتنوّع ما بين الفن والمعمار والصناعات المحلية والحرف اليدوية، إلى جانب المأكولات التراثية والأزياء الشعبية، وتقام على هامش الأسبوع، معارض للتراث تصحبها أمسيات طربية، وعروض سينمائية، وتزينها الدبكة والفلكلور الشعبي، وتتجلى فيها مسيرة العرس الفلسطيني حسب التقاليد المتوارثة. وتبرز في الأسبوع التراثي مسابقة زي العروس التقليدية، وتقوم خلالها فتيات فلسطينيات باستعراض ثوب العروس الفلسطينية التراثي، في إشارة إلى دور المرأة الفلسطينية في حفظ التراث، والإبقاء عليه موروثاً ثقافياً تتناقله الأجيال. تقول ياسمين عطون من جمعية الرزونة لـ«البيان»: بيرزيت غنية بالتراث، وفيها أماكن جميلة، وتقوم فكرة أسبوع التراث على الترويج للأماكن التراثية في بيرزيت، وتسليط الضوء على فصول متنوعة من موروثها الحضاري والثقافي، والتمسك بعادات وتقاليد الأجداد ونقلها من جيل إلى جيل، الأمر الذي أكدته المشاركة في فعاليات الأسبوع مها ناصر، موضحة أن الترتيب لفعالية العرس الفلسطيني وهي تاج هرم الأسبوع، تتم من خلال ما نتعلمه من الجدات، وننقله نحن للأجيال الناشئة. وتوضح نيفين شاهين من القدس، أنها حضرت مع عائلتها خصيصاً للاستمتاع بفعاليات الأسبوع، مضيفة: «بيرزيت تعني لي الكثير، فدرست في جامعتها، ومثل هذه الفعاليات التي تقام في الأماكن القديمة، لها رونق خاص، وتعيدنا إلى التاريخ». وتتنوع الفعاليات التراثية والفنية في الأماكن التاريخية كمسرح بيت الشاي، وهو أحد الشواهد التاريخية، التي تتوسط ساحة من البيوت العتيقة في البلدة القديمة من بيرزيت، وحوش الربيع وسط البلدة، وعلاوة على الحفاظ على الرصيد الثقافي والحضاري، يسهم الأسبوع في دفع عجلة التنمية الريفية، من خلال خلق فرص عمل تنعش أهالي الريف، وتوفر لهم مصدر دخل، وتتحول أزقة وأحواش البلدة القديمة إلى منطقة نابضة بالحياة. ويتوج مسك الختام بمسيرة الفرح، التي تتضمن زفة فلسطينية، تحمل شعار حروف الزيتون، وتتخللها الأغاني الشعبية والأهازيج التراثية القديمة، ذات العلاقة بالعرس الفلسطيني. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :