المفهوم الاستراتيجي الثامن لحلف الناتو

  • 8/15/2022
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

خلال‭ ‬قمته‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬مدريد‭ ‬الإسبانية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬يومي‭ ‬29‭ ‬و30‭ ‬يونيو‭ ‬2022م‭ ‬أصدر‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬بـ«المفهوم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الثامن،‭ ‬وهو‭ ‬باختصار‭ ‬شديد‭ ‬ميثاق‭ ‬أمني‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬يصدره‭ ‬الحلف‭ ‬كل‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬ويعد‭ ‬بمثابة‭ ‬تحديد‭ ‬لأبرز‭ ‬المستجدات‭ ‬الأمنية‭  ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬دول‭ ‬الحلف‭  ‬وتحديد‭ ‬سبل‭ ‬مواجهتها،‭ ‬ذلك‭ ‬الميثاق‭ ‬لا‭ ‬يتناقض‭ ‬مع‭ ‬الميثاق‭ ‬المنشئ‭ ‬للحلف‭ ‬بموجب‭ ‬معاهدة‭ ‬واشنطن‭ ‬عام‭ ‬1949م،‭ ‬ولكن‭ ‬يتكامل‭ ‬معه،‭ ‬ويعكس‭ ‬ذلك‭ ‬المفهوم‭ ‬عدة‭ ‬سمات‭ ‬تميز‭ ‬عمل‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬كمنظمة‭ ‬دفاعية‭ ‬إقليمية‭ ‬تأسست‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬الشمالية‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬منها‭ ‬قدرة‭ ‬الحلف‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬خلال‭ ‬الحقب‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬انتهاء‭ ‬تلك‭ ‬الحرب،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬وجوده‭ ‬مرتبطاً‭ ‬بمواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬الكتلة‭ ‬الاشتراكية‭ ‬التي‭ ‬انهارت‭ ‬بانهيار‭ ‬حلف‭ ‬وارسو‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الثمانينيات‭ ‬ومطلع‭ ‬التسعينيات،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تمدد‭ ‬الحلف‭ ‬خارج‭ ‬أراضيه‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬أمنية‭ ‬مغايرة‭ ‬بما‭ ‬يعني‭ ‬الحاجة‭ ‬الى‭ ‬دراسة‭ ‬المستجدات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭ ‬وكيفية‭ ‬مواجهتها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬كون‭ ‬ذلك‭ ‬المفهوم‭ ‬يعيد‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬الأمن‭ ‬الجماعي‭ ‬ذاته‭ ‬والذي‭ ‬تجسده‭ ‬المادة‭ ‬الخامسة‭ ‬جوهر‭ ‬وجود‭ ‬وعمل‭ ‬الحلف،‭ ‬ولعل‭ ‬الأمر‭ ‬اللافت‭ ‬للانتباه‭ ‬هو‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬ذلك‭ ‬المفهوم‭ ‬حتى‭ ‬يصدر‭ ‬بشكله‭ ‬النهائي‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬صفحات‭ ‬معدودة‭ ‬ومنها‭ ‬أنه‭ ‬يخضع‭ ‬للنقاش‭ ‬داخل‭ ‬أروقة‭ ‬الحلف‭ ‬ليس‭ ‬بين‭ ‬ممثلي‭ ‬دول‭ ‬الحلف‭ ‬الرسميين‭ ‬بل‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬فرصة‭ ‬للخبراء‭ ‬والأكاديميين‭ ‬والمستشارين‭ ‬للمساهمة‭ ‬بآرائهم‭ ‬حول‭ ‬المضامين‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتضمنها‭ ‬ذلك‭ ‬الميثاق،‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬يكون‭ ‬للدول‭ ‬الشريكة‭ ‬للحلف‭ ‬نصيب‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المشاركات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأسيس‭ ‬فرق‭ ‬عمل‭ ‬تجوب‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬لإجراء‭ ‬نقاشات‭ ‬رسمية‭ ‬وأكاديمية‭ ‬حول‭ ‬ابرز‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬والدور‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يضطلع‭ ‬به‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬وطبيعة‭ ‬وحدود‭ ‬مساهمات‭ ‬الدول‭ ‬الشريكة‭ ‬للحلف‭.‬ فما‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬به‭ ‬ذلك‭ ‬المفهوم‭ ‬الجديد؟‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬تأثيره‭ ‬في‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬الدفاعية‭ ‬للحلف‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة؟‭ ‬وتأثير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬احتدام‭ ‬الصراع‭ ‬الروسي‭ - ‬الأطلسي‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية؟ المفهوم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الثامن‭ ‬حوالي‭ ‬أحد‭ ‬عشر‭ ‬صفحة‭ ‬تتضمن‭ ‬نقاط‭ ‬محددة،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معتاد‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمفاهيم‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬السابقة‭ ‬يبدأ‭ ‬المفهوم‭ ‬الجديد‭ ‬بالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أهداف‭ ‬ومبادئ‭ ‬الحلف‭ ‬وهي‭ ‬ثلاثة‭ ‬أهداف‭ ‬الردع‭ ‬والدفاع‭ ‬ومنع‭ ‬الأزمات‭ ‬وإدارتها‭ ‬والأمن‭ ‬التعاوني‭ ‬وتتحقق‭ ‬تلك‭ ‬الأهداف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استمرار‭ ‬التضامن‭ ‬وذلك‭ ‬بموجب‭ ‬المادة‭  ‬الخامسة‭ ‬من‭ ‬الميثاق‭ ‬المنشئ‭ ‬للحلف،‭ ‬ولعل‭ ‬الأمر‭ ‬اللافت‭ ‬للنظر‭ ‬أن‭ ‬ديباجة‭ ‬المفهوم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬قد‭ ‬أشارت‭ ‬وبوضوح‭ ‬إلى‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ومدى‭ ‬ما‭ ‬تمثله‭ ‬من‭ ‬تهديد‭ ‬لأمن‭ ‬دول‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬وقبيل‭ ‬تحديد‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬الحلف‭ ‬تضمن‭ ‬المفهوم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬إعادة‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬التضامن‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬الحلف‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬دوله‭ ‬الأعضاء‭.‬ وبتحليل‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬حددها‭ ‬أعضاء‭ ‬الحلف‭ ‬نجد‭ ‬أنها‭ ‬تبدو‭ ‬مغايرة‭ ‬لنظيره‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ثلاث‭ ‬نقاط‭ ‬الأولى‭: ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬حدد‭ ‬فيه‭ ‬المفهوم‭ ‬السابق‭ ‬أن‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أولويات‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬وأنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الحلف‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬أهبة‭ ‬الاستعداد‭ ‬لمواجهة‭ ‬أي‭ ‬تهديدات‭ ‬تواجه‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬وسبل‭ ‬نقلها‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬قد‭ ‬خلا‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬لتلك‭ ‬القضية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الاعتداءات‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬منشآت‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬وكذلك‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬ناقلات‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬مرة،‭ ‬ولم‭ ‬يشر‭ ‬المفهوم‭ ‬لتلك‭ ‬المنطقة‭ ‬سوى‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬عام‭ ‬بالقول‭ ‬ان‭ ‬الصراعات‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإفريقيا‭ ‬تمثل‭ ‬تهديدات‭ ‬لمصالح‭ ‬دول‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬والثانية‭: ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬يشر‭ ‬مفهوم‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬كتهديد‭ ‬فإن‭ ‬المفهوم‭ ‬الجديد‭ ‬قد‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬السياسات‭ ‬الصينية‭ ‬تمثل‭ ‬تحدياً‭ ‬للناتو،‭ ‬بينما‭ ‬تمثل‭ ‬روسيا‭ ‬تهديداً‭ ‬للحلف‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬الحلف‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬النية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬روسيا‭ ‬عسكرياً،‭ ‬والثالثة‭: ‬لوحظ‭ ‬بروز‭ ‬اهتمام‭ ‬جديد‭ ‬للحلف‭ ‬بمنطقة‭ ‬إفريقيا‭ ‬والساحل‭ ‬بكونها‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬للجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تقويض‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬الموحدة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬مما‭ ‬يمثل‭ ‬تهديداً‭ ‬لمصالح‭ ‬الحلف،‭ ‬وربما‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الاهتمام‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬شراكات‭ ‬الحلف‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬ومنها‭ ‬الحوار‭ ‬المتوسطي‭ ‬ومبادرة‭ ‬استانبول‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬ولاشك‭ ‬أن‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأطلسي‭ ‬بإفريقيا‭ ‬لا‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬بقدر‭ ‬رغبة‭ ‬الحلف‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬للنفوذ‭ ‬الصيني‭ ‬والروسي‭ ‬المتناميين‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬القارة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التقارب‭ ‬الملحوظ‭ ‬الأخير‭ ‬بين‭ ‬الدولتين‭.‬ وفي‭ ‬تقديري‭ ‬أن‭ ‬المفهوم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الجديد‭ ‬للحلف‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬مغايراً‭ ‬لكافة‭ ‬المفاهيم‭ ‬السابقة‭ ‬ليس‭ ‬بشـأن‭ ‬تحديد‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬وإنما‭ ‬حصر‭ ‬تلك‭ ‬التهديدات‭ ‬في‭ ‬معادلة‭ ‬دولية‭ ‬جديدة‭ ‬يرى‭ ‬الحلف‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬خللاً‭ ‬في‭ ‬هيكل‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬مواجهتها،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬أن‭ ‬المفهوم‭ ‬تم‭ ‬تصميمه‭ ‬لإدارة‭ ‬الصراع‭ ‬الدولي‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬القادم‭ ‬ولكن‭ ‬يؤخذ‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الرؤية‭ ‬أمران‭ ‬الأول‭: ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬التهديدات‭ ‬للحلف‭ ‬يعني‭ ‬الدفع‭ ‬بالدولتين‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬التقارب‭  ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬،ومن‭ ‬ثم‭ ‬فتح‭ ‬جبهات‭ ‬عديدة‭ ‬للصراع‭ ‬مع‭ ‬الناتو،‭ ‬والثاني‭: ‬مع‭ ‬أهمية‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬الراهنة‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬سعي‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬لتطوير‭ ‬شراكاته‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يتيح‭ ‬المجال‭ ‬للقوى‭ ‬الأخرى‭ ‬للولوج‭ ‬لنقاط‭ ‬التماس‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬مع‭ ‬الناتو‭ ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬البحرية‭ ‬الروسية‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2022م‭ ‬قد‭ ‬تضمنت‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهدافها‭ ‬التواجد‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬وكذلك‭ ‬نقاط‭ ‬ارتكاز‭ ‬لوجيتسية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬وهي‭ ‬العقيدة‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬نسخة‭ ‬محدثة‭ ‬من‭ ‬نظيرتها‭ ‬عام‭ ‬2015م‭ ‬وكانت‭ ‬موجهة‭ ‬أيضاً‭ ‬لمواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬الناتو‭.‬ وتأسيساً‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬فإن‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬الذي‭ ‬تسهم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالنصيب‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬ميزانيته‭ ‬العسكرية‭ ‬سيكون‭ ‬هو‭ ‬الأداة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للدول‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬صراعها‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬لن‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬النطاق‭ ‬الجغرافي‭ ‬المباشر‭ ‬لحدود‭ ‬الحلف‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬بل‭ ‬سوف‭ ‬يطول‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مما‭ ‬يفسر‭ ‬صياغة‭ ‬المفهوم‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يتوقع‭ ‬خروج‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬عن‭ ‬حدوده‭ ‬المألوفة،‭ ‬بل‭ ‬سوف‭ ‬يظل‭ ‬ضمن‭ ‬الصراع‭ ‬المنضبط‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬توافر‭ ‬أدوات‭ ‬الردع‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الناتو‭ ‬وروسيا‭ ‬والنفوذ‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لدى‭ ‬الصين،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المعادلة‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬هيكل‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬وشك‭ ‬التغير،‭ ‬ولكن‭ ‬الدرس‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬إيجاد‭ ‬سبل‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬العالمي‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬يلقي‭ ‬بظلاله‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الحلف،‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬شراكاته‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬حيوية‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬ {‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬ بمركز‭ ‬البحرين‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬والطاقة‭ ‬‮«‬دراسات‮»‬

مشاركة :