مثقفون: الحرية صارت ذريعة للتدخل الخارجي

  • 12/29/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قال باحثون إن الحريات وحقوق الإنسان أضحيا اليوم شعارين يستخدمان في الغالب للدعاية الإعلامية، وخدمة أهداف تصب في مصلحة خطط هيمنة عسكرية، أو كوسيلة لتهيئة الرأي العام لتقبل احتلال البلدان، والتحريض على الانتفاض، أو إثارة الفتن بالنعرات القبلية والدينية والطائفية. واعتبر مشاركون في الأمسية الثالثة من ندوة أزمة المفاهيم حول الحريات وحقوق الإنسان، التي عقدت، مساء أول من أمس، على هامش المؤتمر العام الـ26 للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، المنعقد في أبوظبي، أن أزمة مفاهيم الحريات العامة وحقوق الإنسان، تعود إلى التلاعب في الديمقراطية الحقيقية ومحاولة الأفراد والشركات والدول أن يستغلوا الآخرين تحت أقنعة مختلفة، كما انتقدوا ازدواجية الغرب في التعامل مع مفردة ومفاهيم الحرية وحقوق الإنسان. في حضرة الشعر تواصلت الأمسيات الشعرية، التي تقام على هامش برنامج المؤتمر العام الـ26؛ ضمن مهرجان سلطان بن علي العويس الشعري، وجمعت الأمسية، التي أقيمت مساء أول من أمس، وقدمها الباحث والإعلامي، مني عبدالقادر، كلاً من الشعراء: أحمد محمود مبارك، وحمدة خميس، والهادي القمري، وسحر علي، وعصام السعدي، ود.مبارك سالمين سالم، ومحمد البغيلي، ونورالدين الطيبي. واعتبر الكاتب والناقد التونسي، مصطفى الكيلاني، خلال الأمسية التي أدارها مدير جائزة الشيخ زايد للكتاب، سعيد حمدان، أن مشروع الحرية وأفقها مترددان اليوم في الواقع العربي الإسلامي، بين إعادة إنتاج النظام السياسي القديم بأشكال جديدة، وبين محاولة التأسيس لديمقراطية لاتزال في بداية الطريق متعثرة مهددة في كل حين بالفشل والإفشال، متوقفاً أمام ازدواجية استخدام الغرب لمفهوم الحرية؛ فبينما يحرض استخدامها على الممارسة والانتشار والظهور على شاكلة مؤسساتية في المجتمعات الغربية، تظل في العالم العربي شعاراً لا غير في الحياة الفردية والعامة، وتتخذ في الغالب ذريعة لتبرير التدخل في شؤون الأوطان والعدوان والاحتلال العسكري المباشر، كالذي حدث في كل من أفغانستان و العراق، أو الاحتلال المقنّع داخل منظومة استهلاكية كونية في هذا الزمن العولمي الذي شهد أطواراً منذ ثمانينات القرن الماضي إلى اليوم. وذكر الكيلاني أن الحرية العملية في الحياة العربية والإسلامية مشروع معطل بانحباس العقل، وغياب سياسة التوافق التي تقضي ديمقراطية تشاركية تروض العنف وتنتقل بالسلطة من أحكام القوة العصبية الأقوى، المستبدة بالقوى الأخرى، إلى تنظيم مجمل القوى بالحوار، وحل المشكلات بالتفاوض والتقاضي والانتخابات لا التصادم المدمر للدولة والمجتمع على حد سواء. وعرج المحاضر في حديثه إلى ثورات الربيع العربي؛ مشيراً إلى أن ما حدث هو العنف الذي بلغ أقصى ذراه، فهدم أنظمة ولم يحرص على إنشاء البديل باستثناء، ربما، ما حدث، ولايزال، في تونس اليوم، من محاولات تأسيس ديمقراطي في طريق لم تتضح معالمه كفاية، رغم كل الذي تحقق من دستور وقوانين ضامنة للحرية والديمقراطية التشاركية. وفي ختام ورقته؛ شدد الكيلاني على أن الحرية العملية هي الضامنة لحقوق الأفراد داخل المجتمع الواحد ومن غير استثناء، رابطاً تحققها في الواقع العربي بتوافر شرطين أساسيين: الأول إنهاء تاريخ العنف الموروث والحادث، وعنف الدولة الحاكمة وعنف الخارجين عليها، خصوصاً عنف الجماعات الدينية المتطرفة بإحلال العقل والحوار محل التنابذ والانفراد بالرأي والاستحواذ على مصادر القرار. والثاني إنهاء واقع الانحراف الكارثي عن كينونة الاسم والقيمة والمعنى للإنسان. في حين استعرض أمين الشؤون الداخلية في اتحاد الكتاب اللبنانيين، الدكتور ريمون غوش، في ورقته، عدداً من تعريفات الحرية، خصوصاً الحرية السياسية، مشيراً إلى أن واقع الحرية وحقوق الإنسان في عالمنا العربي اليوم متخلف عن العالم الغربي، حيث نمت وازدهرت الديمقراطية، وأضاف: التطور الحاصل هناك طال وعي الأفراد والجماعات، وأصبح الفكر النقدي والمساءلة والمواطنة وحقوق الإنسان مبادئ نشأت عليها الأجيال وترعرعت فيها ثقافات، وقامت بداخلها ثورات هزت العروش والإمبراطوريات، ورفعت شعارات الإخاء والمساواة والحرية لتبني الديمقراطية الحقيقية. أما نحن فقد حاولنا النهوض، غير أن الجهل والتخلف والتبعية، وما رافق ذلك من فساد سياسي واقتصادي وأخلاقي وتربوي وحتى ديني؛ حالت دون أن نحقق أمانينا في الحرية والديمقراطية، ونحن اليوم نعيش حالات التحدي الكبير لتكوين هوياتنا الوطنية وخلق إنساننا العربي المعاصر. وربط د.غوش نهضة الأمة العربية بتحقق أسس وعوامل عدة، منها: بعث الروح القومية التي تؤصل في المجتمع النشوء والارتقاء، وتقوية اقتصاد الدول ومجتمعاتها وعلومها وآدابها بهدف الولوج إلى الحداثة، وكذلك وضع أسس الديمقراطية التي تتمشى مع تراثنا والتي تدفع نحو بناء المواطنة الحقة، ووضع أسس تعليم ونشر حقوق الإنسان التي تقود إلى احترام كرامة الآخرين وقبول اختلافهم والمشاركة معهم في خلق مجتمع حر. ومن أسس النهضة التي أشار إليها كذلك، بناء مفهوم الدولة - الأمة في البلدان العربية التي تعكس تطلّعات وأماني شعوبها في إرساء دولة القانون والحق والجدارة والمساواة، كما حذر من خطر العولمة على الرغم من حسناتها. ركز أمين عام رابطة الأدباء الكويتية، طلال سعد الرميضي، في ورقته التي حملت عنوان قراءة في مفاهيم الحريات وحقوق الإنسان بالكويت، على تجربة الكويت في هذا المجال، حيث عرض بعض مواد الدستور الكويتي الصادر عام 1962، مؤكداً أن دولة الكويت دولة قوانين وتحترم الحريات والحقوق، وتقوم على تحديثها باستمرار، بما يتوافق مع روح الدستور الذي يعد أباً للتشريعات وحصناً للحريات. وأشار الرميضي إلى أن دولة الكويت تعيش أجواء من الحرية ينعم بها المواطن والمقيم على حد سواء، وسط منظومة قانونية يسودها العدل والمساواة والأمن، موضحاً أن المجتمع الكويتي عاش منذ القدم على إبداء القول والرأي في الأمور العامة وممارسة الأفعال والسلوكيات بكل حرية، طالما تتوافق مع الأعراف والعادات المتأصلة بهذا المجتمع المسلم، فكانت الحريات ممنوحة للجميع من دون استثناء، والحقوق متساوية بينهم مادامت لا تتجاوز السلوك الإسلامي المتزن، وكان حكام الكويت يتشاورون مع أفراد شعبهم في مناقشة القضايا التي تمس الوطن سواء في فرض الضريبة، أو الدخول في الحروب، أو مناقشة شؤون الغوص والسفر الشراعي، وغيرها من الأمور التي تتعلق بهم.

مشاركة :