أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي باليمن رشاد العليمي مساء السبت قرارا بتعيين قائد جديد للمنطقة العسكرية الثانية شرقي البلاد، في خطوة اعتبرها محللون أنها ضربة جديدة للإخوان وتمهد لتحرير حضرموت الوادي. ويأتي ذلك ضمن حزمة قرارات رئاسية جريئة لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن، بهدف تطبيع الحياة العامة في المناطق المحررة وضمن إصلاحات كبيرة لإعادة ترتيب المشهد اليمني وتوحيد الجهود لإنهاء الانقلاب، بما فيه المؤسسة العسكرية والأمنية. وأفاد بيان صادر عن مكتب العليمي بأنه "صدر اليوم (السبت) قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن بتعيين العميد الركن فائز منصور سعيد قحطان قائدا للمنطقة العسكرية الثانية". وأضاف أن "القرار نص أيضا على ترقية القائد قحطان إلى رتبة لواء". ويأتي قحطان خلفا لقائد المنطقة العسكرية الثانية السابق اللواء فرج سالمين البحسني الذي يشغل حاليا منصب عضو في مجلس القيادة الرئاسي. ويقع مسرح عمليات المنطقة العسكرية الثانية في محافظات حيوية هي حضرموت والمهرة وسقطرى. وينتمي اللواء التميمي إلى محافظة حضرموت، التي تنتشر في مديريات ساحلها قوات المنطقة العسكرية الثانية التابعة للجيش اليمني، إلى جانب محافظتي المهرة وأرخبيل سقطرى. ولعب التميمي، خلال قيادته لقوات لواء الدفاع الساحلي، التابع للمنطقة العسكرية الثانية، في العام 2016، دورا هاما في مكافحة التنظيمات الإرهابية، منها تنظيم القاعدة، الذي استولى على مدينة المكلا، مركز حضرموت، في العام 2015، قبل أن يوسّع نشاط قواته إلى مكافحة خلايا تهريب الأسلحة لصالح ميليشيات الحوثيين. ويعدّ اللواء التميمي، واحدا من بين أبرز أعمدة التأسيس لقوات "النخبة الحضرمية" التي تلقت تدريبا وإشرافا من قبل قوات التحالف العربي، عقب تحرير المكلا من عناصر القاعدة، لتأمين المدينة وفرض سلطة النظام والقانون في مديريات ساحل محافظة حضرموت، كبرى المحافظات اليمنية مساحة، كما كان قائدا لعملية انتشار قوات "النخبة الحضرمية" على حدود مناطق وادي حضرموت. وحصل التميمي على رتبة عميد ركن طيار، كما شغل العديد من المناصب الوظيفية، أبرزها قيادته للواء شبام العسكري، ورئاسته لشعبة التدريب بالمنطقة العسكرية الثانية، ثم قيادته للواء الدفاع الساحلي التابع لقوات المنطقة العسكرية الثانية. وكان اللواء التميمي، واحدا من كوادر القوات العسكرية الجوية المنتمية إلى محافظات جنوب اليمن، الذين واجهوا عمليات تهميش وإقصاء وإبعاد قسري من قبل نظام الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، عقب حرب العام 1994، التي اندلعت بين شمال اليمن وجنوبه، بعد أربعة أعوام من إعلان الوحدة اليمنية. واعتبر المحلل السياسي صلاح السقلدي "إقالة البحسني من رئاسة المحافظة (حضرموت)، ومن ثم من قيادة المنطقة العسكرية، هي رسالة واضحة للعرادة وحزبه (محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة من حزب الإصلاح الإخواني) بأن يحزم حقائبه من مأرب". وأضاف عبر حسابه على تويتر أن "هذا بالضرورة سيعني مواصلة تقليم أظافر الإصلاح". ووصف الصحافي والمحلل السياسي علاء عادل حنش تعيين اللواء التميمي قائدا للمنطقة العسكرية الثانية بحضرموت بـ"ضربة معلم، وبداية الانطلاقة نحو تحرير حضرموت الوادي". وأضاف "دهاء الرئيس الزبيدي (عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي) في فكفكة المُعقد بطريقة سياسية شرعية قانونية، سيُسهل مهمة تحرير كامل الأراضي الجنوبية". وأشار الصحافي عامر الدميني إلى أن قرار تعيين اللواء التميمي خلفا للبحسني، الذي بات يحتفظ بعضويته فقط في مجلس القيادة الرئاسي، قد يكون تمهيدا لتعيين محافظ جديد للمنطقة. وقال عبر حسابه على تويتر "التركيز الآن على حضرموت وسيئون والمهرة، وتم الترتيب في حضرموت بتعيين محافظ جديد، وقائد للمنطقة الثانية. ننتظر تطورات قادم الأيام". وكان العليمي قد تعهد في وقت سابق السبت، بالعمل على توحيد جميع القوات العسكرية والأمنية تحت قيادة وزارة الدفاع والداخلية. وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ" بأن العليمي عقد اجتماعا مع سلطان البركاني رئيس مجلس النواب (البرلمان)، في العاصمة المؤقتة عدن جنوبي البلاد، لمناقشة مستجدات الأوضاع في البلاد. وخلال اللقاء، أكد العليمي أن "الأولوية القصوى لمجلس القيادة الرئاسي ستظل لتعزيز أمن واستقرار العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، وتوحيد القوات المسلحة وتكاملها تحت وزارتي الدفاع والداخلية، إضافة إلى تشكيل لجنة لتوحيد الأجهزة الاستخباراتية وتلك المعنية بمكافحة الإرهاب، من أجل مواجهة التحديات المتزايدة". وشدد العليمي على "تماسك المجلس، والتزامه بنهج التوافق ووحدة الصف من أجل مواجهة التحديات الطارئة، والالتفاف حول هدف استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني". ولفت العليمي إلى أن "المجلس وبالتعاون الوثيق مع الحكومة، ماض في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية المشمولة بإعلان نقل السلطة، رغم التحديات الكبيرة على مختلف المستويات". وتأتي تصريحات العليمي حول ضرورة توحيد الجيش والأمن، بعدما حسمت قوات ألوية العمالقة الجنوبية وقوات دفاع شبوة معركة مدينة عتق الأربعاء، وبسطتا سيطرتهما على كافة مناطق المدينة، واقتحمتا المعسكرات والمواقع التابعة لقوات الأمن الخاصة وبعض الوحدات العسكرية، التي أعلنت تمردها على قرارات المحافظ عوض الوزير العولقي ومجلس القيادة الرئاسي. ومساء الأربعاء الماضي، أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي تشكيل لجنة بقيادة وزير الدفاع محسن الداعري، لتقصي حقائق المعارك التي دارت في شبوة. ومنذ فجر الاثنين الماضي قادت تشكيلات أمنية وعسكرية تمردا على الشرعية على خلفية قرارات المحافظ العولقي ومجلس القيادة الرئاسي بإقالة قائد قوات الأمن الخاصة في شبوة عبدربه لعكب وقائد معسكر قوات الأمن الخاصة أحمد درعان، لتندلع إثر ذلك اشتباكات عنيفة بينها وبين قوات ألوية العمالقة وقوات دفاع شبوة، استخدمت خلالها الأسلحة الخفيفة والثقيلة. وعلى وقع هذه الأحداث، اتخذ المجلس الرئاسي إجراءات حاسمة، في مقدمتها تعيين ثلاثة قيادات عسكرية وأمنية في شبوة بعد إقالته للقيادات المتمردة، قبل أن يعلن محافظ شبوة عوض بن الوزير العولقي في وقت متأخر من مساء الثلاثاء عن إطلاق عملية عسكرية لتعقب وملاحقة القوات المتمردة التابعة لحزب الإصلاح، بعد ما اعتبره استنفادا لكل الفرص التي تم منحها للمتمردين للتراجع عن خيار العنف والقبول بقرارات مجلس القيادة الرئاسي.
مشاركة :