أعلنت السعودية عن ميزانيتها العامة للعام المالي الجديد 2016م، التي بلغت إيراداتها 513 مليار ريال ومصروفات قدرت بـ840 مليار ريال، بينما بلغ العجز المتوقع 326 مليار ريال. وشدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، على أن ميزانية بلاده لهذا العام تأتي في ظل ظروف انخفاض أسعار البترول العالمية، ووسط تحديات اقتصادية ومالية إقليمية ودولية. وكشف الملك سلمان، لدى ترؤسه أمس (الاثنين)، جلسة مجلس الوزراء الخاصة بإعلان وإقرار الميزانية، التي عقدت في الرياض، عن توجيهه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بالعمل على إطلاق برنامج إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية شاملة، مشيرًا إلى أن الميزانية «تمثل بداية برنامج عمل متكامل وشامل لبناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة تتعدد فيه مصادر الدخل، وتنمو من خلاله المدخرات وتكثر فرص العمل، وتقوى الشراكة بين القطاعين العام والخاص»، معلنًا عن أوامره للمعنيين، بأن تُعطى الأولوية لاستكمال تنفيذ المشاريع المقررة في الميزانيات السابقة التي دخل كثير منها حيز التنفيذ. وأكد خادم الحرمين الشريفين، أنه وجه المسؤولين بتنفيذ مهامهم على أكمل وجه وخدمة المواطن «الذي هو محور اهتمامنا، ولن نقبل أي تهاون في ذلك»، وأضاف: «وقد وجهنا بالاستمرار في مراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية، بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها، وبما يحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين»، وفيما يلي نص الكلمة الملكية: «بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.. إخواني وأخواتي المواطنين والمواطنات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بعون الله وتوفيقه نعلن هذا اليوم ميزانية السنة المالية 1437 - 1438هـ، التي تأتي في ظل انخفاض أسعار البترول، وتحديات اقتصادية ومالية إقليمية ودولية، حيث تراجع النمو الاقتصادي العالمي عن مستوياته السابقة، وغياب الاستقرار في بعض الدول المجاورة، وقد وجهنا المسؤولين بأخذ ذلك في الاعتبار، وأن تُعطى الأولوية لاستكمال تنفيذ المشاريع المقررة في الميزانيات السابقة التي دخل كثير منها حيز التنفيذ. أيها الإخوة والأخوات.. نحمد الله على ما تحقق خلال السنوات الماضية من بناء وتنمية، وطموحاتنا كبيرة، واقتصادنا، بفضل الله، يملك من المقومات والإمكانات ما يمكنه من مواجهة التحديات. وقد وجهنا مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بالعمل على إطلاق برنامج إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية شاملة، وهذه الميزانية تمثل بداية برنامج عمل متكامل وشامل لبناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة تتعدد فيه مصادر الدخل، وتنمو من خلاله المدخرات وتكثر فرص العمل، وتقوى الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع مواصلة تنفيذ المشاريع التنموية والخدمية، وتطوير الخدمات الحكومية المختلفة، ورفع كفاءة الإنفاق العام، ومراجعة منظومة الدعم الحكومي، مع التدرج في التنفيذ لتحقيق الكفاءة في استخدام الموارد والحد من الهدر، مع مراعاة تقليل الآثار السلبية على المواطنين متوسطي ومحدودي الدخل، وتنافسية قطاع الأعمال. كما وجهنا المسؤولين عن إعداد هذه الميزانية أن يضعوا نصب أعينهم مواصلة العمل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة، ولقد أكدنا على المسؤولين بتنفيذ مهامهم على أكمل وجه وخدمة المواطن الذي هو محور اهتمامنا، ولن نقبل أي تهاون في ذلك، وقد وجهنا بالاستمرار في مراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها، وبما يحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين. إن مسؤوليتنا جمعيًا المحافظة على ما تنعم به بلادنا بحمد الله، من الأمن والاستقرار لمواصلة مسيرة النمو والتنمية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته». في حين تلا عبد الرحمن بن محمد السدحان، الأمين العام لمجلس الوزراء، المراسيم الخاصة بالميزانية، بينما أوضح الدكتور عادل بن زيد الطريفي، وزير الثقافة والإعلام، لوكالة الأنباء السعودية، عقب الجلسة، أن وزير المالية وبتوجيه ملكي قدم عرضًا موجزًا عن الميزانية العامة للدولة، أوضح خلاله النتائج المالية للعام المالي الحالي 1436 - 1437هـ (2015م)، واستعرض الملامح الرئيسية للميزانية العامة للدولة لهذا العام المالي الجديد. وقال إن النتائج المالية للعام المالي الحالي 2015م يتوقع أن تبلغ الإيرادات الفعلية في نهاية العام المالي الحالي 608 مليارات ريال، بانخفاض قدره 15 في المائة عن المقدر لها بالميزانية، وتمثل الإيرادات البترولية 73 في المائة منها، والتي من المتوقع أن تبلغ 444 مليارًا و500 مليون ريال، بانخفاض نسبته 23 في المائة عن المقدر في العام المالي السابق 1435 - 1436هـ (2014م)، ولذلك سعت الدولة لزيادة الإيرادات غير البترولية، فحققت زيادة ملحوظة هذا العام، حيث بلغت هذه الإيرادات 163 مليارا و500 مليون ريال، مقارنة بما سجلته في العام المالي السابق 126 مليارا و800 مليون ريال، بزيادة قدرها 36 مليارا و700 مليون ريال، وبنسبة نمو تعادل 29 في المائة. وبيّن، أن المصروفات الفعلية للعام المالي الحالي يتوقع أن تبلغ 975 مليار ريال مقارنة بتقديرات الميزانية البالغة 860 مليار ريال، بزيادة قدرها 115 مليار ريال، وبنسبة 13 في المائة، بعجز متوقع قدره 367 مليار ريال، وأن الزيادة جاءت في المصروفات بشكل رئيسي، نتيجة صرف رواتب إضافية لموظفي الدولة السعوديين المدنيين والعسكريين والمستفيدين من الضمان الاجتماعي والمتقاعدين، التي بلغت 88 مليار ريال، وتمثل ما نسبته 77 في المائة من الزيادة في المصروفات بناء على الأوامر الملكية الكريمة خلال العام المالي الحالي، بالإضافة إلى ما تم صرفه على المشاريع الأمنية والعسكرية، والبالغ نحو 20 مليار ريال، وهو ما نسبته 17 في المائة من مبلغ الزيادة، وما تبقى، وهو سبعة مليارات، تم صرفه على مشاريع ونفقات أخرى متنوعة. تشمل المصروفات مبلغ 44 مليار ريال تقريبًا للأعمال التنفيذية وتعويضات نزع ملكية العقارات لمشروعي توسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف. ولا تشمل المصروفات ما يخص مشاريع البرامج الإضافية (تشمل الإسكان، والنقل العام، والبنية التحتية) الممولة من فائض إيرادات الموازنات السابقة التي يقدر أن يبلغ المنصرف عليها في نهاية العام المالي الحالي 22 مليار ريال التي يتم الصرف عليها من الحسابات المخصصة لهذا الغرض في «مؤسسة النقد العربي السعودي». وبلغ عدد عقود المشاريع التي تم إجازتها خلال العام المالي الحالي من قبل الوزارة، بما فيها المشاريع الممولة من فوائض إيرادات الميزانيات السابقة، نحو 2650 عقدًا، تبلغ تكلفتها الإجمالية 118 مليار ريال. وتحدث وزير المالية عن عناصر الميزانية العامة للدولة للعام المالي المقبل 1437 - 1438 (2016م)؛ حيث بيّن أن الإيرادات العامة قدرت بمبلغ 513 مليارا و800 مليون ريال، وحددت المصروفات العامة بمبلغ 840 مليار ريال، وقدر العجز في الميزانية بمبلغ 326 مليارا و200 مليون ريال. وقال إنه «سيتم تمويل العجز وفق خطة تراعي أفضل خيارات التمويل المتاحة، ومن ذلك الاقتراض المحلي والخارجي، وبما لا يؤثر سلبًا على السيولة لدى القطاع المصرفي المحلي لضمان نمو تمويل أنشطة القطاع الخاص». وأشار وزير المالية إلى أنه نظرًا للتقلبات الحادة في أسعار البترول في الفترة الأخيرة، فقد تم تأسيس مخصص دعم الميزانية العامة بمبلغ مليار ريال لمواجهة النقص المحتمل في الإيرادات، ليمنح مزيدًا من المرونة لإعادة توجيه الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي على المشاريع القائمة والجديدة، وفقًا للأولويات التنموية الوطنية، ولمقابلة أي تطورات في متطلبات الإنفاق وفق الآليات والإجراءات التي نصت عليها المراسيم الملكية المنظمة لهذه الميزانية. ويتوقع أن تواصل صناديق التنمية الحكومية (صندوق التنمية الصناعية السعودي، وصندوق التنمية الزراعية السعودي، وصندوق التنمية العقارية، وبنك التسليف والادخار) ممارسة مهامها في تمويل المشاريع التنموية المختلفة بأكثر من 49 مليارا و900 مليون ريال. وأفاد بأن ميزانية العام المالي المقبل اعتمدت في ظل الانخفاض الشديد لأسعار البترول، حيث تراجع متوسط هذه الأسعار لعام 2015م بما يزيد على 45 في المائة عن معدلها عام 2014م، وشهدت الأسعار في الأسابيع الأخيرة من هذا العام أدنى مستوياتها منذ أحد عشر عامًا، كما يأتي اعتماد هذه الميزانية في ظل ظروف اقتصادية ومالية إقليمية ودولية تتسم بالتحدي، حيث تراجع النمو الاقتصادي العالمي عن مستوياته السابقة. وأشار وزير المالية إلى تطورات الاقتصاد الوطني، حيث من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام، وفقًا لتقديرات «الهيئة العامة للإحصاء» 2.450 مليار ريال بالأسعار الحالية، بانخفاض نسبته 13.35 في المائة، مقارنة بالعام المالي السابق. ويتوقع أن يحقق الناتج المحلي للقطاع غير النفطي بشقيه الحكومي والخاص نموًا بنسبة 8.37 في المائة، حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة 14.57 في المائة، والقطاع الخاص بنسبة 5.83 في المائة، أما القطاع النفطي فمن المتوقع أن يشهد انخفاضًا في قيمته بنسبة 42.78 في المائة بالأسعار الحالية. وبالأسعار الثابتة لعام (2010م) فمن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.35 في المائة، وأن ينمو القطاع النفطي بنسبة 3.06 في المائة، والقطاع الحكومي بنسبة 3.34 في المائة، والقطاع الخاص بنسبة 3.74 في المائة، وقد حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص غير النفطي نموًا إيجابيًا، إذ يقدر أن يصل النمو الحقيقي في نشاط الاتصالات والنقل والتخزين إلى 6.10 في المائة، وفي نشاط التشييد والبناء إلى 5.60 في المائة، وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق إلى 3.86 في المائة، وفي نشاط الصناعات التحويلية غير النفطية إلى 3.23 في المائة، وفي نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال إلى 2.55 في المائة، بينما ارتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة خلال عام 2015م بنسبة 2.2 في المائة عما كان عليه في العام السابق، طبقا لسنة الأساس 2007م. أما معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص غير النفطي الذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل، فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعًا نسبته 2.02 في المائة في عام 2015م، مقارنة بما كان عليه في العام السابق، وذلك وفقًا لتقديرات «الهيئة العامة للإحصاء». وعرض وزير المالية أهم التطورات التنظيمية والإدارية، وبيّن أنه إثر تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم، أصدر جملة من القرارات والأوامر، منها إلغاء 12 من اللجان والهيئات والمجالس العليا وإنشاء مجلسي: الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية، بهدف رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق، وتسريع آلية اتخاذ القرارات ومتابعة تنفيذها، ورسم الاتجاهات المستقبلية. وقد عمل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية خلال الفترة الماضية على مناقشة توجهات ورؤى وأهداف 46 وزارة وجهازًا حكوميًا، وإقرارها من أجل وضع خطط وأهداف عملية قابلة للقياس والمتابعة لإحداث تنويع ونمو اقتصادي وتنمية مستدامة.
مشاركة :