خبير إستراتيجي لـ«الرياض»: تقنين الإنفاق على مشروعات البنية التحتية الطريق الأفضل للتنمية المستدامة

  • 12/29/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أكد الباحث والخبير الاقتصادي الاستراتيجي المستشار د. فهمي محمد صبحة بعد إقرار مجلس الوزراء الميزانية العامة للعام 1437/1438ه والتي تضمنت وصول الإيرادات إلى 608 مليارات ريال في 2015، وبلوغ العجز المالي المتوقع بنهاية العام الحالي إلى 367 مليار ريال، عاماً بعد عام تثبت المملكة قوة اقتصادها الوطني ومتانته وقدرته العالية على مواجهة التقلبات العالمية وبلوغ إجمالي النفقات المتوقعة بنهاية العام الجاري 975 مليار ريال، بأن أهم ما يميز عام 2015 منذ بدايته وحتى نهايته الهبوط المريع والسريع لأسعار النفط العالمية ورفع أسعار الفائدة العالمية والعجز المتوقع في عام 2015 والتطورات الجيوسياسية في المشهد اليمني والسوري والعراقي مما وضع كل الاقتصاديات العالمية برمتها في مرحلة الأزمة والركود الاقتصادي. وقال صبحة أنه من هنا ستكون البداية حيث أعلنت المملكة ميزانيتها الفعلية للعام المالي 2015 وفيها تحقيق إيرادات فعلية وقدرها 608 مليارات ريال مقارنة مع الموازنة التقديرية 2015 التي حددت بمبلغ 715 مليار بعجز فعلي قدره 370 مليار ريال بنسبة 51,7% من الموازنة ونفقات فعلية 974 مليار ريال مقارنة مع الموازنة التي قدرت 860 مليار بزيادة 114 مليار وهي ذاتها قيمة الراتبين لموظفي القطاع الحكومي، وفي نفس الوقت تعلن الموازنة العامة لها 2016 في ظل ظروف اقتصادية عالمية وإقليمية غاية في الضبابية والتقلبات وتباطؤ واضح في مؤشرات النمو للسواد الأعظم من الاقتصاديات الدولية وإنطلاقاً من مبدأ الدورة الاقتصادية المعاكسة التي تبدأمن مرحلة الإزدهار الاقتصادي من خلال إستمرار الإنفاق المقنن على مشاريع التنمية والبنى التحتية إيماناً منها بأن التنمية المستدامة هي الأساس لتنمية الإنسان، حيث تم تقدير الإيرادات بمبلغ 513 مليار ريال بإنخفاض عن العام الماضي قدره 202 مليار ريال، وقدرت النفقات التقديرية 2016 بمبلغ 840 مليار ريال بإنخفاض عن الإنفاق الفعلي 2015 بمبلغ 134 مليار بنسبة 14%، وبعجز تقديري قدره 327 مليار ريال للعام ذاته، وبعجز تراكمي قدره للعامين 697 مليار مما يعني أن الموازنة التقديرية موازنة التحديات بامتياز، حيث قدرت الإيرادات على أسعار النفط بحدود 26 دولارا. وتابع "عام بعد عام تثبت المملكة قوة اقتصادها الوطني ومتانته وقدرته العالية على مواجهة التقلبات العالمية، وما يمر به العالم من متغيرات أدت للخلل في العرض والطلب في أهم سلعة إستراتيجية وهي النفط، ليبقى الاقتصاد السعودي ماص للصدمات وكل ذلك بفضل الأصول الاحتياطية العالية للمملكة والرؤى الإستراتيجية الحديثة القائمة على الموازنة الفعلية بين الإيرادات بانواعها المختلفة وما تنفقه المملكة على مشاريع التنمية المستدامة لتثبت للعالم كله ولبيوت الخبرة الاستشارية العالمية التي شككت في الملاءة المالية للمملكة بأن اقتصاد المملكة يمرض لكنه بالتأكيد لا يموت". وقال "كما لوحظ أن الموازنة العامة 2016 ستبقى قائمة على الأسس المنظمة لها وخاصة الباب الأول المتعلق في الرواتب والبدلات والأجور، الباب الثاني المتعلق في المصروفات العامة، والثالث المرتبط في اعتمادات التشغيل والصيانة وفقاً لإستراتيجية إعادة الهيكلة والتنظيم لهذين البابين بما يحقق أعلى مؤشرات اقتصادية ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.. موازنة 2016 متوازنة في الإنفاق رغم تحدي انخفاض أسعار النفط ورفع أسعار الفائدة العالمية، الميزانية الجديدة للتوافق مع المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية لتكون التغييرات بالباب الرابع من الموازنة المتعلق في المشاريع الجديدة والإنفاق الرأسمالي للحكومة لتكون على أساس الموازنة بين العوائد والإتفاق المقنن لكل مشروع على حدة". وبين صبحة أن الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد 2016 هي موازنة التحدّيات بامتياز، تعلن في ظروف اقتصادية سلبية بكل معطياتها وظروف جيوسياسية إقليمية ودولية غاية في التعقيد، في وقت تعتمد المملكة على 90% من إيرادتها على الإيرادات النفطية لتكون الموازنة لعام 2016 ليست بالمطلق كما سبقها من موازنات كلاسيكية إقتقدت إلى الرقابة وتطبيق معايير النزاهة وقياس الأداء ليكون هذا العام هو الأساس نحو تعزيز معايير الأداء بشمولية غير مسبوقة ليستمر الإنفاق المقنن الهادف لتحقيق أعلى مؤشرات التنمية الاقتصادية المستدامة بكل أطيافها. وقال إن الموازنة الجديدة تعكس بقوة روح فريق العمل التي يتميز بالهدف المنشود المملكة 2020 (برنامج التحول الوطني) كنقلة نوعية للإقتصاد الوطني كاقتصاد ندرة قائم على موارد ناضبة والقائم على النفط إلى اقتصاد المعرفة المتجدد بمواردة المختلفة والذي يعتمد على تنمية الموارد البشرية، وعلى الرغم من التقارير الاقتصادية المتشائمة والأجواء التي تخيم على سوق النفط العالمية من إختلال واضح بقوانين العرض والطلب، إلا أن موازنة 2016 تمثل إصرارا على استمرار برنامج الإنفاقِ المقنن نحو التنمية المستدامة التي أساسها الإنسان وتحديدا قطاعات الأمن والدفاع والتعليم والصحة والبنى التحتية والإسكان، وتنمية قطاع الإيرادات غير النفطية الأرقام التي تتضمنتها الموازنة الجديدة تؤكد التوجه الإستراتيجي للمجلس الإقتصادي والتنمية، وتأتي امتدادا لنهج خادم الحرمين الشريفين الذي يدعم محاور النهضة الاقتصادية الشاملة والمتمثلة بالتنمية المستدامة وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، والحرص عل توليد مزيد من الفرص الوظيفية للمواطنين بالقطاعين العام والخاص وأهم ما يمزها تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وتقييم الأداء والرقابة على التنفيذُ الدقيق والكفء لبرامج ومشاريع الموازنة، والمحافظة على الاستمرار في ما تم إقراره من مشاريع، واستكمال ما تم تنفيذه من برامج للعام المالي الأخير والأعوام الماضية، على نحو يساهم في استدِامة التنمية المنشودة، مع توفير المحفزات التي تعطى الأولوية في العام المالي 2016 لاستكمال تنفيذ المشاريع التي أقرتها الموازنات السابقة والتي تم عمل المخصصات اللازمة لذلك. وأكد الخبير الاستراتيجي بأن التركيز على نوعية المشاريع وليس الكم منها من حيث النوع والحجم بمواردها المتاحة في الزمان والمكان المحددين في إطار خطة التطور الاقتصادي وبرنامج التحول الوطني ليكون الهدف 2020 والمتوافقة مع ذات الرؤية الحكيمة للقيادة في تحقيق النهضة والتنمية المستدامة بمفهومها الصريح، مشيراً إلى أن الموازنة بمضمونها الشامل وبحدودها تمثل مواجهة متقدمة للتحديات الاقتصادية بفكر متقدم، وتأكيد أن اقتصاد المملكة يسير بخطى ثابتة نحو إقتصاد المعرفة، وكل ذلك بتخطيط حكيم من مجلس الاقتصادي والتنمية وسياسة واعية وإرادة وطنية قوية إن إعلان المملكة استمرارها في الاستثمار في المشاريع التنموية لقطاعات التعليم والصحة والإسكان والخدمات الاجتماعية، يعكس رغبة ملكية استراتيجية في المضي بمسيرة التنمية المستدامة على أسس مهنية حديثة. وختم صبحة بأن المملكة عام 2016 تبعث رسالة مباشرة إلى مواطنيها وللعالم أجمع بأن الوضع الاقتصادي تحت السيطرة وليس هناك ما يدعو إلى القلق، على الرغم من السحب من الاحتياطي العام والاقتراض الداخلي أو الخارجي لتمويل العجز، والالتزام بتكاليف عقود التشغيل والصيانة، مع توقعات بزيادة الدين العام وهو في الإطار الصحيح في المشهد الإقتصادي الدولي، وتلك جميعها مؤشرات على أن الاقتصاد الوطني يمضي قدماً في طريقه لتحقيق التنمية ومواصلة المسيرة وفقا لخطط وسياسات تستوعب الملامح والتحديات الإستراتيجية المختلفة وتتعامل معها بخطة منهجية مهنية وعلمية دقيقة. وقال إن جميع أرقام الموازنة العامة 2016 الجديدة بأرقامها الواضحة تتفق والرؤية الملكية السامية للموازنة بين العوائد والإنفاق على أساس أسعار البترول العالمية خلال العام واستثمارات المملكة الداخلية والخارجية لتعظيم الإيرادات غير النفطية كإستراتيجية تسابق الزمن، وأن أثرهاعلى الاقتصاد يأتي ليؤكد أن المشاريع القائمة والتي تحت التنفيذ ماضية في الإنفاق المقنن والمملكة تحتفظ بأصول إحتياطية عالية تبلغ 2,454,530 ريال وصافي إحتياطي عام للدولة يبلغ 659,51 مليار ريال وكل ذلك كفيل بسد أي عجز قد يطرأ على الموازنة الحالية واللاحقة. وكانت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ونظرته الثاقبة واضحة على أرقام الموازنة الجديدة وتتفق مع تطورات الاقتصاد العالمي والمشهد الجيوسياسي الملتهب بالمنطقة ليأتي الحرص على ترشيد الانفاق المقنن الخاضع للرقابة الصارمة والمحاسبة الدائمة وتقييم الأداء أولاً بأول لتحقيق أعلى درجات التنافسية على مستوى قطاعات الدولة المختلفة. كما بين صبحه بأنه ولأول مرة في المملكة تطرح الموازنة وفقاً لرؤى واضحة المعالم والأبعاد أساسها نوع المشاريع وليس كمها وتنفيذها وفقاً لمعايير النزاهة والمحاسبة لتكون بحق موازنة النقلة النوعية للإرتقاء نحو المملكة 2020 ليكون عنوانها الوطن والمواطن وتخفيض ازمة الاسكان بنسب معقولة. سجلت هذه الموازنة أرقاما قياسية في حقول التنمية المتعلقة بالخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية وقطاع الإسكان وكافة القطاعات الاخرى ذات العلاقة في الأمن والدفاع لتكون الرد الواضح على كل الحملات التشكيكية بقدرة المملكة على مواجهة التحديات المستقبلية بشمولية غير مسبوقة. وقال: أهم ما يميز الموازنة لهذا العام تحقيق هدف تنويع مصادر الدخل والتقليل من الإعتماد على الإيرادات النفطية الكلاسيكية والبدء في تحقيق معدلات غير مسبوقة في تعظيم الإيرادات من مصادر غير مستغلة في الاقتصاد السعودي. وتبقى مشكلة الإسكان في المملكة هي التحدي الأبرز في المشهد المحلي لذا سنجد جل الإنفاق في العام الحالي سيكون في الإسكان للتقليل من حجم الفجوة السلبية بهذا القطاع على ضوء نتائج رسوم الأرضي البيضاء، لتعكس السياسة الحكيمة لمواصلة الصرف على الخطط التنموية رغم التقلبات في أسعار النفط والتي لم تؤثر على سير الخطط الموجهة للقطاعات التنموية.

مشاركة :