أعاد اللقاء الذي جرى الأربعاء بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي ملف التشكيل الحكومي إلى الواجهة بعد فترة طويلة من الجمود أثارت مخاوف من نوايا لتأجيل هذا الملف إلى حين حسم ملف رئاسة الجمهورية الذي قد يطول. وهذا اللقاء هو الثالث الذي يجمع بين عون وميقاتي منذ تكليف الأخير في الثالث والعشرين من يونيو بتشكيل الحكومة الجديدة، وجاء بعد أن انقطعت المشاورات بين الجانبين منذ يوليو الماضي بسبب خلافات حول توزيع الحقائب الوزارية لاسيما حقيبتي الطاقة والداخلية. وأعلن رئيس الوزراء المكلف خلال مؤتمر صحافي عقده عقب لقائه بعون في قصر الرئاسة في بعبدا بالعاصمة بيروت أن “وجهات النظر بينه وبين رئيس الجمهورية متقاربة” في ما يخص تشكيل الحكومة الجديدة. أسعد درغام: خلال لقاء بعبدا تم البحث في صيغة الأربعة وعشرين وزيرا وقال ميقاتي “في التاسع والعشرين من يونيو الماضي قدمت إلى فخامة الرئيس تشكيلة للحكومة، وتم خلال لقاء اليوم البحث في هذه التشكيلة”. وأبدى رئيس الوزراء المكلف تفاؤلا بإمكانية حدوث اختراق على مستوى أزمة تشكيل الحكومة، قائلا “سنتواصل لأنني أستطيع أن أقول إن وجهات النظر متقاربة”، دون أن يقدم المزيد من التفاصيل. وفي الثالث والعشرين من يونيو كلّف عون رئيس حكومة تصريف الأعمال ميقاتي بتشكيل الحكومة بناء على استشارات نيابية نال فيها الأخير 54 صوتاً، مقابل 25 صوتاً لصالح نواف سلام سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة، وامتنع 46 نائباً عن تسمية أحد. وقدّم ميقاتي في نهاية يونيو تشكيلة وزارية لعون تتضمّن 23 وزيراً، كانت عبارة عن نسخة معدلة عن حكومة تصريف الأعمال الحالية، مع بعض التغييرات التي شملت خمس حقائب، أبرزها وزارة الطاقة التي سحبها ميقاتي من يد وليد فياض ومنحها إلى المهندس وليد سنو من الطائفة السنية، وهي خطوة استفزت التيار الوطني الحر الذي اتهم ميقاتي باستهدافه وتقديم تشكيلة الغرض منها عدم الموافقة عليها، ما يظهر “نواياه الرافضة” لتأليف حكومة جديدة. وشكلت حقيبة الطاقة على مدار السنوات الماضية أبرز العقد في التشكيل الحكومي اللبناني، على الرغم من أنها كانت في الغالب من نصيب التيار الوطني الحر، حيث تداول عليها عدد من قيادات الأخير قبل أن يجري منحها لوزراء تكنوقراط لكنهم محسوبون على التيار. ويرى محللون أن استئناف التواصل بين السراي وبعبدا لحل أزمة التشكيل الحكومي، بعد سجالات طويلة بين ميقاتي والتيار الوطني الحر الذي يقوده صهر عون جبران باسيل، يعود إلى خشية من فراغ عام، لاسيما مع عدم التوصل حتى الآن إلى توافق بين القوى السياسية حيال رئاسة الجمهورية. وأكد رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع الذي يتصدر جبهة المعارضة في البرلمان الأربعاء على أن “الدعوة إلى التفاهم أو التسوية مع محور الممانعة (تحالف يقوده حزب الله) حول ملف الرئاسة مرفوض لأنه في أحسن الأحوال سيؤدي حتما إلى تمديد الأزمات التي تعاني منها البلاد، وفي أسوأ الأحوال إلى تعميق الحفرة التي نتخبط فيها”. وأوضح جعجع خلال استقباله سفيرة السويد في لبنان آن ديسمور أن “اهتمامات ومصالح حزب الله تتنافى مع مصالح لبنان الدولة والوطن. وبالنسبة إلى القوات اللبنانية هناك طريقان يمكن سلوكهما: الأول وهو الأسهل والأسرع ويكون بتسوية مع فريق حزب الله، فيما الطريق الثاني وهو الأصح يكمن في عدم التسوية”. حقيبة الطاقة شكلت أبرز العقد في التشكيل الحكومي اللبناني، على الرغم من أنها كانت في الغالب من نصيب التيار الوطني الحر وتبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد خلفا لعون مطلع سبتمبر المقبل. وبحسب الدستور، يمكن المباشرة بعملية انتخاب رئيس جديد مع بداية الشهر المقبل، لكن بحسب المؤشرات فإن الاستحقاق قد يطول ما يهدد لبنان بشلل كامل، لاسيما مع عدم التوصل حتى الآن إلى اتفاق بشأن الحكومة الجديدة. وقال عضو “تكتل لبنان القوي” النائب أسعد درغام في تعقيب على لقاء عون - ميقاتي إن “اللقاء كان إيجابيا وتم البحث في الصيغة التي طرحها ميقاتي سابقا وبعض التعديلات الطفيفة التي يمكن إنجازها للوصول إلى حكومة”. وأوضح درغام أن “صيغة الأربعة وعشرين وزيرا تم بحثها، ونحن بحاجة إلى جو جديد وبداية حلول للأزمات المتراكمة في البلد، وهناك نية جدية لعملية تأليف حكومة وعلى الجميع التشجيع للوصول إلى حكومة فاعلة في أقرب وقت وعدم الخوض في التفاصيل الخلافية”. وبالرغم من الأصداء الإيجابية التي خلفها لقاء عون – ميقاتي، يجمع المحللون على أن عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة ستكون صعبة، نظراً إلى التعقيدات السياسية التي تشهدها البلاد. وتتوالى التحذيرات من تأثير إطالة أمد التشكيل الحكومي على خطة الإصلاح الاقتصادي التي يطالب بها المانحون للإفراج عن الأموال المخصصة لدعم لبنان.
مشاركة :