وقضت محكمة استئناف سعودية في 9 آب/أغسطس بسجن سلمى الشهاب (34 عاما) بتهم "تقديم الإعانة" لمعارضين يسعون "لزعزعة استقرار الدولة" بسبب تغريدات وإعادة تغريدات على موقع تويتر، بموجب قانون مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله. وقال نشطاء إنهّ لا يمكن تأكيد ان اعتقالها جاء بعد وشاية للأمن، لكنهم أشاروا إلى توقيف مواطنين سابقا بسبب تغريدات على تويتر. واعتقلت الشهاب الأم لطفلين التي تدرس الدكتوراه بمنحة من جامعة الأميرة نورة السعودية في مجال طب الأسنان في جامعة ليدز في انكلترا عندما كانت في إجازة في السعودية في كانون الثاني/يناير 2021. وأفادت صديقة مقربة من الناشطة السعودية اشترطت عدم الكشف عن اسمها لوكالة فرانس برس الخميس أنّ الشهاب لم تأخذ تهديدات بإبلاغ الأمن عنها "على محمل الجد". وقالت "تناقشنا حول مضايقة بعض الاشخاص لها على تويتر آنذاك وإبلاغهم حسابات الأمن عن تغريداتها بخصوص بعض النشطاء". وتابعت "لكنها لم تأخذ الأمر على محمل الجد ولم تعتقد أنّ الأمن سيهتم بشخص لديه أقل من ألفي متابع". وكانت الصديقة تشير إلى تعليق لشخص وصف ما تنشره الشهاب ب"القمامة" مشيرا إلى أنه أرسل ما كتبته إلى حساب "كلنا أمن". و"كلنا أمن" تطبيق له حساب على تويتر يتيح للمواطنين والمقيمين في السعودية تقديم البلاغات الأمنية والجنائية والبلاغات المتعلقة بالمساس بالحياة الشخصية والتهديد والابتزاز واختراق حسابات التواصل الاجتماعي والتشهير. ويشير الحساب على تويتر إلى أن "المواطن رجل الأمن الأول"، وهو ما يدفع مواطنين لإبلاغ السلطات باستمرار عن حسابات لاشخاص ينشرون تغريدات معارضة أو أخبارا صحافية تنتقد المملكة. وأكّدت مديرة القضايا السعودية بمبادرة الحرية ومقرها واشنطن بيثاني الحيدري لفرانس برس أنّ الشهاب لم تأخذ الأمر بجدية. وقالت الحيدري التي تتابع قضية الشهاب منذ أكثر من عام "لم تعتقد (الشهاب) انها كانت تفعل أي شيء خاطئ ولم يكن لديها متابعون كثر". وأوضحت أنها "قدمت طلبا لتبني طفلة يتيمة في السعودية. هي شخص كان يجب أن يكون قصة نجاح للمملكة لكنها الآن خلف القضبان". -قمع "الكتروني"- ولا تعد الشهاب ناشطة بارزة، ويتابع حسابها على تويتر نحو 2600 متابع، وكانت تغريداتها تتعلق بالدفاع عن حقوق النساء في المملكة. وهي شيعية وتتحدر من مدينة المبرز في الإحساء في شرق البلاد. وقالت رئيسة قسم الرصد والتواصل في منظمة "القسط" لحقوق الإنسان ومقرها في لندن لينا الهذلول إنّ الإبلاغ عنها للأمن "قد يكون سببا ولكن لا يمكن تأكيد ذلك". وتابعت لفرانس برس أنّ "التطبيقات الالكترونية تستخدم بواسطة الأمن لقمع أي أصوات معارضة". وتستخدم السعودية تطبيقات الكترونية للخدمات الحكومية والعامة مثل أبشر وتوكلنا وهي تتبع تحركات مستخدميها، ويعدها نشطاء "خطرا" على أمن الأصوات المعارضة. وأعربت جامعة ليدز في بيان الخميس عن "بالغ قلقها" حيال قضية الناشطة، وأشارت الى أنها تسعى "للحصول على المشورة بشأن إذا كان هناك أي شيء يمكننا القيام به لدعمها". وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس "نحن ندرس القضية والحكم" الصادر بحق الشهاب. وتابع في إيجاز صحافي "لكن يمكنني أن أقول هذا كمسألة عامة ... لا ينبغي تجريم ممارسة حرية التعبير للدفاع عن حقوق المرأة". ويأتي الحكم على الشهاب في إطار حملة قمع واسعة تستهدف ناشطين ومدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة الخليجية بأحكام سجن ومنع من السفر لفترات طويلة. وقال نائب رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد إنّ "البلاغات (على تويتر) شائعة جدا بشكل كبير" منذ فترة، مشيرا الى توقيف اشخاص سابقا بسببها. وتابع أنّ الأمر "خطر حقيقي …الآن الاستجابة سريعة على قضايا تافهة جدا". وجاء الحكم الجديد بعد أقل من شهر من لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة في السعودية. ومثلت الخطوة تراجعا لبايدن الذي كان قد وعد خلال حملته الانتخابية بتحويل المملكة لدولة "منبوذة" على خلفية قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي وسجلها في مجال حقوق الإنسان.
مشاركة :