حلفاء إيران في العراق يستنجدون بالسعودية للتوسط من أجل إنهاء الأزمة مع الصدر

  • 8/19/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تحمل زيارة زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم إلى المملكة العربية السعودية رسالة من الإطار التنسيقي إلى الرياض للتوسط من أجل إنهاء الأزمة السياسية التي تعصف بالعراق منذ أشهر، والتي اتخذت في الأسابيع الأخيرة منعرجا خطيرا باحتكام طرفيها الشيعيين إلى الشارع. ويرى مراقبون أن زيارة الحكيم إلى الرياض تبدو محاولة يائسة من قبل الإطار التنسيقي، الذي يمثل المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران، لإقناع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بتليين موقفه وملاقاته في منتصف طريق الحل، بعد أن أظهر الأخير صدا للمبادرات الداخلية، وآخرها الحوار الوطني الذي عقد في القصر الحكومي الأربعاء. ويعكس لجوء حلفاء إيران إلى السعودية إحدى المفارقات العجيبة في الأزمة السياسية المستفحلة في العراق منذ أكتوبر الماضي، كما هو الحال بالنسبة إلى قبولهم بالمشاركة في الحوار الذي دعا إليه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مع أنهم سبق وأن هاجموا الأخير مرارا واتهموه بالانخراط في أجندة الصدر. ويقول المراقبون إن قادة الإطار يراهنون على العلاقة الجيدة التي تربط السعودية بالصدر، والتي قد يكون لها تأثير إيجابي في حال قبلت المملكة الوساطة، خصوصا بعد أن فشلت كل مساعي طهران للضغط على زعيم التيار الصدري، الأمر الذي دفعها إلى الانكفاء خشية أن يقود المزيد من التدخل إلى نتائج عكسية. عائد الهلالي: من الممكن أن يكون للسعودية دور إيجابي في حل الأزمة ووصل الحكيم في وقت مبكر من الخميس إلى المملكة، حيث حظي باستقبال رسمي. وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن نائب وزير الخارجية وليد بن عبدالكريم الخريجي كان في استقبال زعيم تيار الحكمة في مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة. وأضافت الوكالة أنه “حضر الاستقبال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى العراق عبدالعزيز الشمري، ومدير عام فرع وزارة الخارجية بمنطقة مكة المكرمة مازن الحملي، وسفير جمهورية العراق لدى المملكة عبدالستار هادي الجنابي”. وقال القيادي في الإطار التنسيقي عائد الهلالي في وقت لاحق “إن زيارة الحكيم إلى المملكة لها علاقة بالأزمة السياسية العراقية الحالية، وربما يتم خلالها طلب وساطة سعودية لحل الخلاف ما بين الإطار والصدر، خصوصاً أن السعودية ترتبط بعلاقة جيدة مع التيار الصدري ويمكن أن تلعب دورا في حل الخلافات وتقريب وجهات النظر”. وأوضح الهلالي في تصريحات إعلامية أن “السعودية اليوم تختلف عن السعودية سابقاً، ولهذا هي ممكن أن يكون لها دور إيجابي في حل الأزمة السياسية في العراق، وتكون هي ضامنا لتنفيذ أي اتفاق سياسي بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وقوى الإطار التنسيقي، والأيام القليلة المقبلة ستكشف نتائج زيارة الحكيم إلى السعودية، من خلال تطورات المشهد العراقي”. وقوبل لجوء الإطار إلى المملكة باستخفاف من التيار الصدري؛ حيث قال صالح محمد العراقي الذي يلقب بـ”وزير الصدر”، في وقت سابق من الخميس، “من الملفت للنظر أن أحدهم توجّه إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة بعد انتهاء جلسة الحوار الوطني ببضع ساعات، ولو كنّا نحن الفاعلين لقالوا: إن جلسة الحوار كانت بضغط من الخارج وإشعار من التطبيعيين والأميركيين وما شاكل ذلك”. وتأتي زيارة الحكيم بعد اجتماع ضم الرئاسات الثلاث في العراق وعددا من القادة السياسيين من بينهم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وزعيم تحالف الفتح هادي العامري ورئيس الحشد الشعبي فالح الفياض، وبمشاركة المبعوثة الأممية للعراق جنين بلاسخارت، فيما قاطعه التيار الصدري. وخلص الحوار إلى جملة من التوصيات لعل أهمها القبول بانتخابات مبكرة على أن تجري وفق السياقات الدستورية، وتتماهى هذه التوصيات إلى حد بعيد مع المبادرة التي سبق وأن طرحها زعيم تحالف الفتح، والتي تستند إلى سحب ترشح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء، والذي هو محل اعتراض من التيار الصدري، والاتفاق بين القوى السياسية على تكليف شخصية أخرى بتشكيل حكومة تكون مهمتها التحضير لانتخابات مبكرة في أجل لا يتجاوز العام. ولم يطل رد التيار الصدري على التوصيات حيث اعتبر أنها “لا تسمن ولا تغني من جوع”، متهما أغلب المشاركين في الحوار بالسعي إلى “البقاء على الكرسي”. وقال صالح محمد العراقي في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إن “جلسة الحوار لم تسفر إلا عن بعض النقاط التي لا تسمن ولا تغني من جوع ليس فيها ما يخصّ الشعب، ولا ما يخصّ خدمته ولا كرامته ولا تطلعاته”. وأضاف أن “أغلب الحضور لا يهمّه سوى بقائه على الكرسي، ولذا حاولوا تصغير الثورة، والابتعاد عن مطالبها”، مردفا بالقول “نعم، الثورة لا تريد من أمثالكم شيئاً سوى التنحّي عن كرسي فرضتم تواجدكم عليه بغير وجه حقّ”. ومضى “وزير الصدر” في منشوره بالقول “بل كان جلّ همّه تشكيل حكومة وفق مآرب البعض لكي يزيدوا من بسطتهم وتجذّر دولتهم العميقة فيتحكّمون في مصير شعبٍ رافضٍ لتواجدهم ويزوّرون الانتخابات ويجعلونها على مقاسهم”. وتوجه إلى المشاركين في الحوار قائلا “إن كنتم تريدون ملء الكرسي الخالي فيجب أن تكون جلستكم علنية وببثّ مباشر أمام الشعب ليطّلع على ما يدور خلف الكواليس من مؤامرات ودسائس وتسريبات لم يستنكرها أحد إلى الآن، مع شديد الأسف”. وتساءل “ماذا سيستفيد الشعب من جلسات مغلقة وسرية لا تراعى فيها رغباته المشروعة في تحقيق الأمن والأمان الذي سلبتموه منه حينما بعتم ثلث العراق وفي توفير لقمة عيش رغيد قد هربتموها إلى الخارج لتدخلوا السلاح والمخدرات ليتعاطاها الشعب فتعيشون بسلام على ريش النعام وتحت هواء تبريد حُرِم منه شعب بأكمله”. واختتم المقرب من الصدر في خطاب وجهه إلى العراقيين قائلا “فيا شعب العراق لا يغرّنكم حوارهم، فهو أهون من بيت العنكبوت وإن بقاءهم لا يطول إن طالت ثورتكم”. ويرى المراقبون أن الموقف الصادر عن “وزير الصدر” يعكس أن التيار الصدري ليس في وارد القبول بأي مبادرة للتسوية، وأنه مازال يصر على نهجه لجهة الاحتكام إلى الشارع على أمل تحقيق تغيير يقول إنه ينشده الشارع العراقي لكن في الواقع هو تغيير يريده الصدر على مقاسه. ويشير المراقبون إلى أن زعيم التيار الصدري يرى أن الوقت قد حان لتغيير قواعد اللعبة السياسية في العراق بأن يكون هو الطرف المتحكم في المشهد بدل تقاسمه مع باقي الأقطاب، لافتين إلى أنه من غير المرجح أن يعدل الصدر عن مساره، وهذا سينعكس على موقف السعودية من الوساطة.

مشاركة :