الرئيس التونسي يصادق على الدستور الجديد في لحظة تاريخية خالدة

  • 8/18/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد مساء الأربعاء بدء العمل بالدستور الجديد بعد إعلان النتائج الرسمية للاستفتاء عليه، في "يوم تاريخي من الأيام الخالدة" في البلاد، متعهدا بوضع سياسات جديدة وقوانين مختلفة. وصادق الرئيس سعيّد على الدستور الجديد الذي دخل حيّز التطبيق الرسمي، بمجرد إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مساء الثلاثاء اعتماده، وهو ما يعني دخول تونس مرحلة جديدة تنهي منظومة العشر سنوات الماضية، والتي حكمت خلالها حركة النهضة الإسلامية أو شاركت في الحكم استنادا إلى دستور 2014 الذي تسبب في تشتت مؤسسات الدولة وإضعافها. وقال سعيّد في كلمة بثها التلفزيون الرسمي "نعيش اليوم معا يوما من أيامنا التاريخية الخالدة وهي كثيرة ليس أقلها يوم الخامس والعشرين من يوليو من السنة الحالية، ومن السنة الماضية". وفي الخامس والعشرين من يوليو2021، بدأ سعيّد فرض إجراءات استثنائية منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتمرير دستور جديد، وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى السابع عشر من ديسمبر المقبل. وأضاف سعيّد أن هذا اليوم تجسد فيه "التطابق بين الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية"، معتبرا أنّ ما قام به هو ""تصحيح لمسار الثورة ومسار التاريخ""، بعد أن ""ساد الظلام واستفحل الظلم في كل مكان". وأشار إلى أن "الأوان آن لوضع سياسات جديدة وقوانين مختلفة في ظل مقاربة وطنية شاملة، لا في ظل مقاربات قطاعية معزولة أثبتت التجربة فشلها". ويمثل اعتماد دستور الجمهورية الثالثة انتكاسة جديدة للمعارضة، وفي مقدمتها حركة النهضة الإسلامية التي عملت على إفشاله والتشكيك في نتائجه من خلال الطعن فيه. وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس مساء الثلاثاء عن اعتماد مشروع الدستور الجديد بنسبة 94.6 في المئة من الأصوات، بعد رفض القضاء كافة الطعون في نتائج الاستفتاء الذي نُظم في الخامس والعشرين من يوليو الماضي. ورفضت المحكمة الإدارية في مرحلة الاستئناف صباح الثلاثاء الطعن الوحيد المقدم من حزب آفاق تونس، بعد أن رفضت في المرحلة الابتدائية ثلاثة طعون. وصرح رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن النتائج النهائية للاستفتاء، بقبول مشروع الدستور الجديد ليصبح دستورا نافذا للبلاد. وأضاف بوعسكر "يدخل الدستور الجديد حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ إعلان الهيئة عن النتائج النهائية وختمه من رئيس الجمهورية ونشره" في الجريدة الرسمية. ويمنح الدستور الجديد صلاحيات واسعة لرئيس الدولة قيس سعيّد، عكس النظام البرلماني المعمول به منذ عام 2014. وينصّ الدستور على أن يتولى الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعيّنه، ويمكن أن يقيله إن شاء، من دون أن يكون للبرلمان دور في ذلك. كذلك يملك الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة، ويحدد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية "أولوية النظر" من قبل نواب البرلمان. وأعلن الرئيس التونسي أنه سيتم في الفترة القادمة وضع قانون انتخابي جديد، كما سيتم إرساء المحكمة الدستورية في أقرب الآجال "للحفاظ على الدستور وخاصة حماية الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور الجديد". ويعتقد مراقبون أن تغيير القانون الانتخابي سيظهر حجم التغيير الذي يريده الناس، خاصة إذا مضى في الانتخابات على أساس الأفراد وليس على أساس القوائم، وهي خطوة تنهي عمليا ترشح الأحزاب والتحالفات الظرفية التي كانت تجرى في السابق، وقادت إلى صعود نواب إلى البرلمان لا يمتلكون وعيا سياسيا كافيا ولا ثقافة، فضلا عن أن البعض منهم كان واجهة للوبيات فاسدة. ورأى سعيّد أن "قضية الحريات محسومة، ولكن قضية العدل الاجتماعي تقتضي العناية والرعاية في المقام الأول". وقال إن "الأغلبية عانت من التفقير وآن الأوان لوضع سياسات جديدة وتشريعات مختلفة في ظل مقاربة وطنية شاملة لا في ظل مقاربات قطاعية معزولة أثبتت التجربة فشلها". وأضاف سعيّد أنّ "شباب تونس ثروة لا تنضب، ويكفي تمكينه من الوسائل القانونية حتى يصير فاعلا ويساهم في التنمية الحقيقية في كافة المجالات والجهات"، مشيرا إلى أنّ "لهذا السبب تم إنشاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم". وأنشأ الدستور التونسي الجديد غرفة برلمانية ثانية باسم "المجلس الوطني للجهات والأقاليم" يهتم خصوصا بالمسائل الاقتصادية. وأكد سعيّد أن "الشعب التونسي يريد تطهير البلاد وعلى القضاء أن يكون في الموعد لمحاسبة كل من خّرب البلاد واستولى على مقدرات الشعب المنهوبة في الداخل والخارج". وكشف عن "وجود من حاولوا بكل الطرق إفشال الاستفتاء (لم يسمهم)، بعدما حاولوا إفشال الاستشارة الوطنية التي تعرضت لأكثر من 120 ألف هجوم إلكتروني من الداخل والخارج". وأضاف أن "الكثيرين لم يتمكنوا من التنقل إلى مراكز الاقتراع يوم الاستفتاء، ليس بإرادتهم وإنما لأسباب تعلمونها". ويرى خبراء أن الناخبين الذين صوتوا بـ"نعم" على مشروع الدستور الجديد كانوا مدفوعين قبل كل شيء بالأمل في تحسين وضعهم الاقتصادي. وتمر تونس بأزمة خطيرة أبرز ملامحها انخفاض النمو الاقتصادي (أقل من 3 في المئة) وارتفاع معدلات البطالة (ما يقرب من 40 في المئة لدى الشباب) وزيادة الفقر (نحو أربعة ملايين شخص)، حيث يعتبر الكثير من الخبراء أن الأزمة من مخلفات العشرية الماضية. وتتفاوض تونس المثقلة بالديون منذ أسابيع مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة أربعة مليارات دولار، يفتح إمكانيات للحصول على قروض أخرى من السوق الدولية بنسب فائدة منخفضة. وتبقى الخطوة التالية من الخارطة السياسية التي أعلنها الرئيس سعيّد منذ إعلانه عن التدابير الاستثنائية قبل عام، وهي تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة في السابع عشر من ديسمبر المقبل. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :