فقير: أصعب لحظات حياتي هي اختياري تمثيل فرنسا دون الجزائر

  • 8/21/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

من بين جميع لاعبي الدوري الإسباني الممتاز، بل ومن بين جميع اللاعبين في كل الدوريات الـ5 الكبرى بأوروبا، كان النجم الفرنسي نبيل فقير هو الأكثر حصولاً على الأخطاء الموسم الماضي. ومع ذلك، لم يخرج اللاعب ذو الأصول الجزائرية ليشتكي أو يتذمر يوماً ما أو يطالب بالحماية، لكنه على العكس تماماً يظهر مبتسماً طوال الوقت، ويقول: «لم يحدث شيء على الإطلاق». ويضيف: «في بعض الأحيان يكون من الصعب أن تظل هادئاً، على الرغم من أن ذلك يعد جزءاً من وظيفتك». وما يؤكد أن الأمر ليس سهلاً دائماً هو أن فقير قد حصل على أربع بطاقات حمراء منذ انضمامه إلى ريال بيتيس في عام 2019. وأكد مديره الفني في ريال بيتيس، مانويل بيليغريني، أنه طالبه بأن يمرر الكرة بشكل أسرع «لأنه إذا لم يحدث ذلك، فسيتعرض للضرب في 8 من كل 10 حركات». لكن بيليغريني يقول: «لديه أسلوب معين: إنه يحب اللعب ويستمتع بالاحتفاظ بالكرة». أما بالنسبة للاعب الفرنسي، فيقول: «هذه هي الطريقة التي ألعب بها، فأنا أحب المراوغة، وأحتاج لأن تكون الكرة بين قدمي، لذلك يرتكب كثير من الأخطاء ضدي، وليست لدي مشكلة في ذلك». وهناك سبب يجعل المدير الفني يمنحه كثيراً من الحرية داخل المستطيل الأخضر، فمنذ انضمامه إلى ريال بيتيس سجل وصنع 50 هدفاً، كما سجل أكثر من عشرة أهداف وصنع أكثر من عشرة أهداف الموسم الماضي، وهو الموسم الذي تفوق عليه فيه ثلاثة لاعبين فقط في أوروبا من حيث عدد «التمريرات التي تسبق صناعة الأهداف». وفي الدوري الإسباني الممتاز، كان إيكر مونياين هو الوحيد الذي تفوق عليه في صناعة فرص التهديف، كما كان روبين غارسيا هو الوحيد الذي تفوق عليه فيما يتعلق بأكبر عدد من التمريرات الصحيحة داخل الجزاء. وفي جميع المسابقات، كان فقير هو أفضل لاعب في أوروبا من حيث عدد المراوغات الصحيحة. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قاد فقير نادي ريال بيتيس للحصول على لقب كأس ملك إسبانيا لأول مرة منذ 17 عاماً، وهي رابع بطولة يحصل عليها النادي في تاريخه، كما سجل هدفاً من ركلة ركنية ضد إشبيلية - وكان يقصد ذلك تماماً - لكنه لم يحتسب لأن المباراة لم تستكمل. وقال بيليغريني عن فقير عندما كان الفريق يستعد لخوض هذه المباراة النهائية: «لديه شخصية مميزة. إنه رجل بسيط لا يتصرف على أنه نجم لامع. وأهم ما يميزه هو أنه يلعب كرة القدم بشكل سهل وبسيط. إنه لمن دواعي سروري أن أكون مدرباً له، ولا أفهم لماذا لا يلعب في نادٍ عملاق لأنه يستحق ذلك بالتأكيد». في الحقيقة، تثير هذه التصريحات سؤالاً واضحاً، وبالتالي تتطلب رداً واضحاً بالقدر نفسه، فهل يخبره بيليغريني بذلك؟ وهل يقول له إنه يجب أن يلعب في برشلونة أو بايرن ميونيخ أو مانشستر سيتي أو في نادٍ آخر؟ يقول المدير الفني التشيلي: «لا، لأنني لا أريده أن يرحل عن ريال بيتيس». هناك شيء مختلف في شخصية فقير، لكنه يتناسب مع فلسفة نادي ريال بيتيس الذي يلعب دائماً من أجل المتعة، حيث تصبح كرة القدم أكثر إثارة وإمتاعاً عندما تكون بين قدميه، وهذا أمر مؤكد، لكن ماذا عنه، وهل يشعر بالضغوط في بعض الأحيان. يقول فقير: «أنا ألعب دائماً من أجل المتعة. هناك ضغوط بالطبع، ويتوقف الأمر على اللحظات التي تمر، لكن لا يمكنني أن ألعب من دون أن أستمتع باللعب». أجريت هذا الحوار مع فقير بينما كان يجلس في شرفة خارج ملعب «سانت جورج بارك»، بينما كان ريال بيتيس يُكمل استعداداته للموسم الجديد في صباح اليوم التالي للفوز على مرسيليا في مباراة ودية. يقول فقير: «انظر، لست بحاجة للعب. بالنسبة لي، أنا أبحث دائماً عن المتعة، وآمل في أن أستمر على هذا النحو دائماً. أنا ألعب الآن كما كنت ألعب وأنا طفل. الشيء الوحيد الذي يتغير هو الخبرات: أبلغ من العمر 29 عاماً، وبالتالي لن ألعب كما كنت ألعب وأنا في التاسعة عشرة من عمري. أصبحت أفكر بشكل أسرع، لكنني لم أتغير من حيث الجوهر». يلعب اثنان من إخوة فقير كرة القدم على مستوى الهواة، بينما يلعب ياسين، الذي يصغره بأربع سنوات، في فريق الرديف بنادي ريال بيتيس. يقول فقير: «أعتقد أنه جيد جداً في حقيقة الأمر. لا أعرف ما إذا كنت موضوعياً أم لا حيال ذلك، لكنه جيد للغاية. إنه يلعب مثلي، لكن بقدمه اليمنى. كان والدي يعمل في مصنع للمعادن، وكانت أمي تعمل في إحدى دور الحضانة وترعى الأطفال. كانا يعملان بكل قوة من أجل أن ألتحق بالمدرسة، لكن كرة القدم كانت تسيطر على تفكيري تماماً. والحمد لله أنني حققت ما كنت أحلم به». لكن ما الذي كان سيحدث لو لم يحقق فقير حلمه ويلعب كرة القدم على المستوى الاحترافي؟ يقول النجم الفرنسي: «لا أعرف، فكل ما كنت أفكر به هو أن أكون لاعب كرة قدم. وبعد اعتزالي، فإنني لا أعرف ماذا سأفعل أيضاً. لا أرى نفسي كمدير فني، لكن اللاعبين دائماً ما يقولون ذلك، ثم تجدهم يعملون مديرين فنيين في نهاية المطاف! يعود السبب في ذلك إلى أننا نعشق كرة القدم. لقد قضينا حياتنا بالكامل في كرة القدم، وبالتالي فإننا لا نعرف ما الذي يتعين عليه القيام به بعد الاعتزال. لا أعرف ما إذا كنت سأستمر في اللعب حتى سن الحادية والأربعين، مثل خواكين، لكني أرغب في ذلك، وكل اللاعبين يرغبون في ذلك. وفي الوقت الحالي، فإنني أستمتع باللعب، لكن يوم الاعتزال سيأتي لا محالة». ويضيف: «كنت طفلاً متواضعاً في ليون لا أفكر إلا في قضاء وقت ممتع داخل الملعب مع أصدقائي. كنت أرغب في تحقيق الفوز، لكن دون طرح الأسئلة أو التساؤل عما سيحدث لي. لقد لعبنا في الحي - وأعتقد أن هذا هو السبب في أنني ألعب ما يصفه البعض بكرة الشوارع». لكن هذه النوعية من اللاعبين كادت تختفي من كرة القدم، أليس كذلك؟ يرد فقير قائلاً: «نعم، يمكن أن يكون الأمر كذلك. عندما تنضم إلى أكاديمية للناشئين، يكون هناك كثير من النظام. لقد لعبت أكثر في فرق محلية حيث يسمح لك المديرون الفنيون بأن تفعل ما تريد، وهذا يمنحك اللعب الحرية، وهو ما كان مهماً جداً بالنسبة لي». انضم فقير إلى أكاديمية ليون للناشئين وهو في الثانية عشرة من عمره، ويقول عن ذلك: «كان الأمر صعباً جداً في البداية». لكن رحل مرة أخرى بعد عامين، ويقول عن ذلك: «لا أتذكر السبب، فلم يكن هناك سبب محدد. وبعد أربع سنوات اتصلوا بي مرة أخرى. لا أعرف ما الذي تغير، لكن ربما أدركوا أنهم ارتكبوا خطأ عندما تخلوا عن خدماتي. لقد رحلت ولعبت لبعض الفرق المحلية، وكان كل شيء يسير على ما يرام. لم أشعر بالغضب بعد رحيلي، لأنني أحب كرة القدم، وبالتالي كان اهتمامي الأكبر ينصب على ممارسة كرة القدم، سواء في ليون أو في أي فريق آخر. ذهبت إلى نادٍ محلي واستمتعت كثيراً باللعب هناك». انتهى الأمر بفقير بأن أصبح قائداً لفريق ليون الذي كان يضم كوكبة من النجوم الصاعدة المميزة للغاية - ممفيس ديباي، وصامويل أومتيتي، وأنتوني مارسيال - وتلقى مكالمة هاتفية من مسؤولي المنتخب الفرنسي الأول في نفس فترة التوقف الدولية التي اختير فيها لأول مرة لتمثيل منتخب الجزائر. يقول فقير: «كان ذلك صعباً جداً بالنسبة لي. انتقل والدي إلى فرنسا قبل عام من ولادتي. أمي جزائرية لكنها عاشت هنا لفترة أطول مما عاشتها في الجزائر. وأسافر إلى الجزائر كل عام أو نحو ذلك، وبالتالي فأنا أشعر بأنني فرنسي وجزائري». لكن هل هناك من لا يفهم ذلك؟ يرد فقير قائلاً: «نعم، وهذا هو ما عقد الأمور. بعض الناس لا يفهمون أنه يمكن أن تكون لديك جنسية مزدوجة، وأنه يمكنك أن تحب بلدين في وقت واحد، كما تعلم! كان الأمر صعباً جداً بالنسبة لي. كنت صغيراً، وكان كثير من الناس يقولون إنه يتعين علي أن ألعب لمنتخب فرنسا، كما كان الكثيرون يقولون إنه يجب أن ألعب لمنتخب الجزائر، لكنني في النهاية اخترت اللعب لفرنسا، لكن هذه اللحظات كانت صعبة للغاية. هذه هي الحياة، ولست نادماً على أي شيء فعلته». وكان أول شخص أخبره فقير بقراره النهائي هو والده. يقول عن ذلك: «لم يكن يريد أن ألعب لمنتخب فرنسا. هذا أمر عادي، وأنا أتفهم ذلك تماماً، نظراً لأن عائلته تعيش في الجزائر، وهو شخصياً نشأ هناك، وحياته كلها هناك. لقد شعر بالألم قليلاً عندما اخترت اللعب لمنتخب فرنسا. لكن هذه هي الحياة: هناك قرارات يتعين عليك اتخاذها، وكان هذا هو قراري، وأنا أتحمل المسؤولية». وقد ساعده هذا الاختيار في أن يحصل على لقب كأس العالم مع منتخب فرنسا. يقول فقير مبتسماً: «هذا ليس بالأمر السيئ». ويضيف: «الإيمان مهم جداً بالنسبة لي: كل شيء بيد الله، فلا داعي للقلق. أنا لا أشعر بالقلق حيال أي شيء». لكن ماذا عن فشل انتقاله إلى ليفربول في صيف عام 2018؟ أشار بعض التقارير في ذلك الوقت إلى أن الصفقة قد فشلت بسبب عدم اجتياز اللاعب للفحص الطبي بسبب مشكلة في الركبة، لكن فقير يقول إن هذا ليس صحيحاً، كما يرفض اتهامات وكيل أعمال اللاعبين، جان بيير بيرنيز، بانهيار الصفقة بسبب تدخل عائلته. يقول فقير: «كانت لدي مشكلة مع وكيل أعمالي، وهذا هو كل شيء بكل بساطة. لم تكن الأمور واضحة بيني وبينه، كما تعلم. لا أريد الخوض في التفاصيل، لكن كانت هناك مشكلة بيني وبين وكيل أعمالي. قال الناس آنذاك إن الصفقة فشلت بسبب إصابتي في الركبة، أو بسبب أشياء أخرى، لكن كان هذا مجرد عذر. أنا أعرف ما حدث حقاً». ويضيف فقير بابتسامة أخرى: «لم يعد وكيل أعمالي». ويتابع: «أنا أؤمن بالقدر. إذا لم أنتقل إلى ليفربول، فذلك لأن ريال بيتيس كان ينتظرني هنا. إنها مدينة جميلة، بهذه الروح العربية، وهذا نادٍ استثنائي يشع بالحياة. أنا لست نادماً على أي شيء، ولا أفكر في المستقبل كثيراً. أنا أعيش كل يوم كما هو وأحاول الاستمتاع به وباللعب».

مشاركة :