من المقرر أن يلتقي مستشار الأمن القومي إيال حولاتا بنظيره في البيت الأبيض جيك سوليفان الثلاثاء المقبل في واشنطن لمناقشة الاتفاق النووي الإيراني، بعد أن بعث البيت برسائل مطمئنة إلى تل أبيب بأنه لن يوافق على تقديم تنازلات جديدة لطهران، ومن غير المتوقع التوصل إلى اتفاق جديد في أي وقت قريب، وفق ما أفاد موقع "والا نيوز" العبري نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين بارزين. وفي الأيام الأخيرة، أصبحت المحادثات بين إسرائيل وإدارة بايدن بشأن الملف النووي الإيراني أكثر صعوبة، إذ اتسمت النقاشات بالحدة من الجانبين. وأرسل البيت الأبيض تطمينات إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، وقال إنه لا تزال هناك فجوات في المفاوضات مع إيران وإنه من غير المتوقع التوصل إلى اتفاق نووي جديد في المستقبل القريب، فيما قال كبار المسؤولين الإسرائيليين "لم نهدأ، نحن قلقون للغاية". ومنذ أن قدمت إيران ردها على مسودة الاتفاقية التي وضعها الاتحاد الأوروبي قبل حوالي 12 يوما، زاد قلق إسرائيل بشأن إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي بشكل كبير، وأدى ذلك إلى احتكاك غير عادي مع إدارة بايدن، سواء في المحادثات المغلقة أو العلنية. وكشف مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن سعت في الأيام الأخيرة لطمأنة تل أبيب بعدم اتفاقها على تنازلات جديدة مع إيران بخصوص الملف النووي. والخميس الماضي، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، في رسالة وجهها إلى الإدارة الأميركية، أن "مسودة الاتفاقية التي سلمها الاتحاد الأوروبي لإيران، لا تفي بالخطوط الحمراء التي التزمت بها إدارة بايدن". ودفعت التقارير في وسائل الإعلام مسؤولي البيت الأبيض إلى إجراء جولة أخرى من المحادثات المهدئة مع نظرائهم الإسرائيليين مساء الخميس والجمعة، والتأكيد على أنه لا يوجد تغيير في المواقف الأميركية وأن إدارة بايدن لم تتزحزح على الإطلاق، ولكن على العكس من ذلك، فالإيرانيون هم الذين تراجعوا عندما أسقطوا مطلبهم بإخراج الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأميركية. وقال مسؤول أميركي لشبكة "سي.أن.أن" الأميركية صباح السبت إن طهران لم تطالب في ردها الاثنين على مقترح الاتحاد الأوروبي لإعادة إحياء اتفاق 2015، بإزالة الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، الذي يعد "خطا أحمر" بالنسبة إليها. وذكر المسؤول (لم تتم تسميته) للقناة أن الإيرانيين أسقطوا أيضا مطالب تتعلق بشطب العديد من الشركات المرتبطة بالحرس الثوري من القائمة نفسها. وأكد أن الرئيس الأميركي جو بايدن كان "حازما وثابتا" في عدم إزالته التصنيف الإرهابي عن الحرس الثوري. لكنه قال "في حين أن الصفقة الآن أقرب مما كانت عليه قبل أسبوعين، فإن النتيجة لا تزال غير مؤكدة، حيث لا تزال هناك بعض الفجوات. سيوافق الرئيس بايدن فقط على صفقة تلبي مصالح أمننا القومي". وتعليقا على تصريح المسؤول الأميركي، أكد مستشار الوفد الإيراني لمفاوضات فيينا محمد مرندي السبت، أن شطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأميركية "لم يكن مطلقا شرطا مسبقا" للاتفاق النووي. وقال مرندي في تغريدة "قلت أكثر من مرة خلال الأشهر القليلة الماضية إن شطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأميركية لم يكن مطلقا شرطا مسبقا أو أساسيا" للاتفاق النووي. وأضاف "إذا أرادت الولايات المتحدة التسويق للاتفاق عبر طرح هذه الادعاءات، فهذا الأمر متروك لها". وتابع "بكل بساطة، ستبقي إيران اسم القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط على قائمة الإرهاب الخاصة بها". وازدادت المخاوف داخل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي بشكل أكبر، في ضوء اللحظة الحالية في خضم الحملة الانتخابية. وسيوفر الإعلان عن اتفاق نووي جديد قبل انتخابات نوفمبر ذخيرة لزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو لمهاجمة لابيد والادعاء بأنه فشل. وأكد مسؤولون إسرائيليون كبار أن المحادثات مع الإدارة الأميركية بشأن الملف الإيراني على الرغم من أنها أصبحت أكثر صعوبة مؤخرا، إلا أن لابيد لا ينوي الانخراط في حملة عامة ضد الرئيس بايدن بشأن الاتفاق النووي مع إيران. وقال مسؤول إسرائيلي كبير "سياستنا هي عدم الدخول في مواجهة علنية مع الولايات المتحدة مثل تلك التي حدثت في عام 2015. لن ندمر العلاقات مع إدارة بايدن مثلما فعل نتنياهو مع أوباما". ونقل موقع "والا نيوز" العبري عن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض أدريان واتسون قولها إن هناك محادثات جارية مع إسرائيل في هذا الشأن. وأضافت "ستستمر عندما يزور مستشار الأمن القومي إيال حولاتا الأسبوع المقبل"، مؤكدة "لا يوجد داعم لأمن إسرائيل أكبر من الرئيس بايدن". وشهدت الأيام الماضية كما هائلا من التسريبات بشأن المطالب الإيرانية، وما وصف بالتنازلات الأميركية، إلا أن واشنطن نفت رسميا صحتها. وكانت المفاوضات النووية التي انطلقت في أبريل 2021 وامتدت أشهرا دخلت مؤخرا مرحلة حاسمة، قد تفضي قريبا إما إلى اتفاق يبصر النور، وإما إلى جولة أخرى من المماطلة. وتعكف حاليا الأطراف المعنية، خصوصا بروكسل وواشنطن، على دراسة الرد الذي تقدمت به طهران الأسبوع الماضي على مقترح الاتحاد الأوروبي، الذي يهدف إلى إنجاز تفاهم أخير. وكان الاتحاد الأوروبي، منسق مفاوضات إحياء الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديا قبل أربعة أعوام، قدم الأسبوع الماضي اقتراح تسوية "نهائيا"، داعيا طهران وواشنطن اللتين تتفاوضان بشكل غير مباشر، إلى الرد عليه أملا بتتويج مباحثات بدأت قبل عام ونصف. والثلاثاء الماضي، أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" بأن طهران قدمت "ردها خطيا على النص المقترح من قبل الاتحاد الأوروبي"، معتبرة أنه "سيتم التوصل إلى اتفاق إذا كان الرد الأميركي يتسم بالواقعية والمرونة". ويتفاوض دبلوماسيون من إيران والولايات المتحدة وخمس دول (الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) منذ شهور في فيينا، حول صفقة لإعادة التزام طهران بالقيود على برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها. وفي مايو 2018، أعاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب العقوبات على طهران، بعد إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم في عهد سلفه باراك أوباما.
مشاركة :