"مدينة الضباب".. ملاذ ممطر وبارد للسعوديين في الصيف

  • 8/25/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يرتدي السعودي عبدالله العنيزي سترة ثقيلة فوق ثوبه وهو يجلس رفقة أصدقائه تحت الضباب الكثيف ورذاذ المطر في مدينة النماص الجبلية جنوبا، التي هربوا إليها من حرارة تلامس 50 درجة مئوية في الرياض ومدن المملكة صيفا. ويقضي العنيزي (45 عاما) إجازته في النماص المعروفة بـ”مدينة الضباب” والواقعة في جنوب غرب البلاد حيث تتسبب الرياح الموسمية الرطبة في انخفاض درجات الحرارة خلال الصيف. ويقول العنيزي بينما يفترش مع أصدقائه السبعة الأرض في متنزه بين الأشجار “درجة الحرارة في الرياض 46 وهنا 20، الفرق 26 درجة”. وتبعثر نسمة هواء منعش بعض أغراضهم. ويتابع العسكري المتقاعد الذي قطع نحو 850 كيلومترا بسيارته في رحلة استغرقت 12 ساعة “نهرب من الأجواء الحارة والشمس الحارقة إلى هنا حيث الأجواء باردة والأمطار شبه مستمرة والضباب”. وترتفع النماص نحو 2800 متر عن سطح البحر، وتحجب الغيوم والضباب فيها الشمس معظم فترات النهار صيفا وكذلك تمنعان رؤية قمم جبالها الخضراء. ولا تتجاوز الحرارة 30 درجة خلال النهار في فصل الصيف فيما تهبط إلى ما دون 17 درجة ليلا. وتقصد الأسر السعودية المتنزهات ومعها أطعمة وألعاب للصغار. وحالما يبدأ المطر بالتساقط تخرج الأمهات المظلات الملوّنة وسترات بلاستيكية لمنع تبلّل الأطفال. وتقول المواطنة نوف “قبل القدوم إلى هنا نعدّ كافة أدوات الشتاء” في عزّ فصل الصيف. وشيدت السلطات “ممشى الضباب”، وهو طريق للمشاة والدراجات فوق قمة مرتفعة تمكّن من رؤية الضباب الكثيف والمناظر الجبلية الجميلة. وخصصت عربات طعام متنقلة تبيع مشروبات وأطعمة ساخنة لرواد معظمهم يرتدون معاطف وسترات ثقيلة، فيما تصدح الأغاني السعودية في الأرجاء. ويقول الموظف خلف الجهيري (33 عاما) إنه أتى برفقة زوجته وأسرته من تبوك (شمال) للاستمتاع “بالأجواء الباردة في الصيف”. ويتابع الرجل الذي ارتدى كنزة خضراء وغطى رأسه لتفادي قطرات المطر “نفتقد هذه الأجواء في مدينتنا حيث تتجاوز الحرارة 40 درجة يوميا في الصيف”. وتسجل المدن السعودية درجات حرارة مرتفعة جدا في فصل الصيف تصل إلى 50 درجة مئوية. ويشير المسؤول في مركز “وسم” للأرصاد الجوية حسن عبدالله إلى أن اعتدال الطقس في جنوب غرب السعودية يعود إلى “الرياح الموسمية العالية الرطوبة”. ويضيف “المنطقة مرتفعة عن مستوى سطح البحر بحدود 2500 إلى 3000 متر، وتتعرض لرياح موسمية عالية الرطوبة ومحملة بالغيوم الركامية الرعدية والأمطار الغزيرة التي تبرّد الطقس”. ومنذ تسلم الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد في 2017، تحاول المملكة تنويع الاقتصاد عبر دعم قطاعات الترفيه والرياضة والسياحة وغيرها، بهدف وقف الارتهان التاريخي للنفط. وأطلقت المملكة برنامجا سياحيا تحت اسم “روح السعودية” يهدف إلى جعل مواطنيها ينفقون على الترفيه في بلدهم عوضا عن السفر إلى الخارج. وصارت الكثير من الأسر السعودية تقضي إجازاتها الصيفية في المملكة على خلفية ارتفاع كلفة السفر إلى الخارج. ويقول محمد النهاري الذي ارتدى كنزة رمادية فوق ثوبه الأبيض إنّه قرر قضاء إجازة هذا الصيف في “مدينة الضباب” في السعودية. ويتابع الموظف الجامعي أنّ “مرافق السياحة باتت مهيّأة وتعطيني دافعا لعدم السفر إلى الخارج وقضاء إجازتي داخل المملكة”. ويتفق معه في ذلك المتقاعد مشبب العمري (57 عاما) الذي قال إنّ المنطقة صارت على خارطة “المنافسة السياحية” مقارنة بالأماكن التي كان يقصدها خارج البلاد صيفا. ويؤكّد أنّ السفر داخل البلاد “أفضل ماديا”. ويقول عبدالله الشهري، مالك فندق الجهوة الذي يضم 62 غرفة في النماص، “الصيف هو ذروة الموسم السياحي من مايو إلى أكتوبر”، قبل أن تبدأ درجات الحرارة بالتراجع بشكل كبير. ويشير إلى أنّ زوار المدينة تجتذبهم أنشطة تسلق الجبال وتفقّد الغابات والقرى التراثية القديمة. وفوق تل عالٍ يعلو الضباب ويطل على واد أخضر، يجلس العمري أرضا على فرشة رفقة زوجته مستندين إلى سيارته رباعية الدفع. ويقول “أنا هنا منذ ما يقارب الثلاثة أشهر ومستعدّ لأن أبقى أربعة أو خمسة أشهر إذا بقي الجو البارد والممطر هكذا”.

مشاركة :