مصيدة التشتت.. هل نعيشها الآن؟

  • 8/25/2022
  • 23:07
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

وقع بين يدي كتاب «مصيدة التشتت» كيف تركز في فوضى العالم الرقمي، للكاتبة فرانسيس بوث، وإذ بها تتحدث عن واقع أعيشه وقد يشاركني الكثير، إنه تشتت رقمي أكبر مما نتوقع! توقفت أسأل نفسي والكتاب بين يدي، هل أنا قادر على التركيز والانتباه مع كل هذا العالم الرقمي؟ أم لا؟هاتفي أمامي أترقب أن يأتيني بريد الكتروني أو رسالة مهمة من صديق أو أخرى من مصرف، وثالثة تصل من تطبيقات التواصل، وأخرى تنبه لموعد نسيته، وكأني في طول انتظار لقائمة لن تنتهي! حتى وقت نومي يسكن هاتفي بجواري!هل تغير هذه الفوضى الرقمية كما سمتها الكاتبة عقولنا، وقابليتها للتفكير والتعلم المركز، حيث بينت دراسة أوردتها في ثنايا الكتاب أن الناس يتفقدون هواتفهم أكثر من مرة كل 15 دقيقة بحيث لا تترك تلك المقاطعات مجالا للتفكير ليأخذ وقته بتركيز وهدوء.لقد أسهمت هذه المشتتات الرقمية في التأثير بشكل أو بآخر على كثير من المهارات البشرية مثل القراءة والجلوس مع النفس والدراسة والتعلم والمذاكرة والنوم والإبداع والعلاقات الاجتماعية والزيارات والاستمتاع باللحظة، ناهيك عن آثارها النفسية والاجتماعية والفكرية، وقد يبدو واضحا أحيانا أثرها على بعض الأطفال الغارقين في تصفح الأجهزة الذكية، والغربة الثقافية أحيانا لأسرة تعيش تحت سقف واحد.وبعد طرحها لمسببات وآثار المشكلة عرجت الكاتبة على بعض المهارات التي يمكن أن تزيد من التركيز وتحد من أثر التشتت مركزة على الأوليات وتحديدها والتخلص من كل ما يضيع الوقت دون أن يكون أثره إيجابيا على الحياة، حيث يستطيع الإنسان أن يقيم مقدار تشتته وفق مقياس من الأسئلة، ثم يتبع مجموعة من الخطوات لزيادة التركيز.وقد يقول قائل إن العالم الرقمي أصبح أمرا لا مناص منه، وبدونه لن نستطيع العيش! وأقول لهم نعم هي نعمة حبانا الله بها لتحسين جودة الحياة إذا استخدمناها الاستخدام الأمثل في حياتنا، ولم نكن أسرى في عوالمها المتشعبة، وننسى أننا بشر لن نشعر بطعم الحياة إلا إذا تأملنا في اللحظة وركزنا في الفكرة، وأنصتنا باهتمام، وقدنا سياراتنا بعقل غير مشتت، وتناولنا قهوتنا في لحظة صفاء، وهذا لا يحتاج منا الكثير، بل شيئا من الوعي بأهمية ذلك، ثم ترتيب الأولويات ووضوح الأهداف، وضبط المشتتات، ومراقبة كل ما يسرق الوقت، والتوازن بين حاجة الإنسان للحظات الصفاء الذهني وبين متطلبات العمل والحياة الاجتماعية، وبين ما قد يستهوي الإنسان من الإنتاج المتجدد والضخم في عالم الإنترنت.وأخيرا لا ننكر أن عالم الإنترنت أصبح يعطي مزيدا من الرفاهية والتطور للمجتمعات ويشكل ضرورة من ضروريات الحياة، بل أصبح مدى تقدم المجتمعات في البنية الرقمية درعا لها في مواجهة الأزمات وما أزمة «كوفيد- 19» منا ببعيد، فقد كانت السعودية ولله الحمد مثالا لذلك في مجالات متعددة ومنها مجال التعلم والتواصل الرقمي، والمستوى المميز في تقنية الإنترنت، فلا نحتاج فقط إلا أن نسخر هذه التقنية في خدمتنا وتطوير مهاراتنا بأسلوب متوازن متجنبين أضرارها وتأثيرها على عقولنا وحياتنا الاجتماعية والأسرية والثقافية.

مشاركة :