«ومنْ يصنع المعروفَ في غير أهله»

  • 8/26/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وأنا أقلب صفحات كتاب (لا تكن لطيفا أكثر من اللازم) لديوك روبنسون، تذكرت قول خلوج ابن رومي: ومنْ يصنع المعروفَ في غير أهلهيلاقي الذي لاقـَى مجيرُ أمِّ عامرِأدام لها حين استجارت بقـــــــربهِطعاماً وألبان اللـــقاح الدرائـــــــرأخبار متعلقةعلم الفلك وعلمائه ومن الأحساءمدخلات الحواس السينمائيةوسمـَّـنها حتى إذا مـــــا تكاملــــتْفـَـرَتـْهُ بأنيابٍ لها وأظافــــــــــرفقلْ لذوي المعروفِ هذا جزاء منْبدا يصنعُ المعروفَ في غير شــاكر ِوبعد أبيات قصيدة خلوج، توقفت أمام قول ديوك: «لطالما تخدعنا لطافتنا بطريقة حزينة وساخرة، ونحن نريد بصدق أن نأخذ قدر ما نستطيع من حياتنا، وأن نقترب من الأشخاص المهمين لنا، وأن نشعر بالرضا عندما نحاول مساعدة الآخرين، إننا نذخر بالنوايا الحسنة، ومع ذلك كلما تحدثنا وتصرفنا بالطرق اللطيفة التي تعلمناها، والتي يتقبلها الجميع تقريبا على أنها طبيعية، ينتابنا شعور بالإرهاق والإحباط وعدم الثقة في أنفسنا»، فأوقفتني كلماته، لكنني عدت مجددا لأقرأ قوله: «يجب علينا أولا أن نعرف بأن ليس شيء سيئ في كوننا لطفاء، فمن جانب، فهذا يعنى أننا حساسون لاحتياجات الأسرة والأصدقاء، وعلماء النفس يؤكدون أن الذين يراعون مشاعر الآخرين يكونون في صحة جيدة، وسعادة أكبر من الأنانيين، ومن جانب آخر، تحمينا اللطافة من النقد والإحراج والرفض.ومشكلة اللطف أن له نتائج سلبية وتكلفنا أكثر مما ننتظر، فمحاولة أن نكون كاملين وأن نتحمل ما لا نطيق يؤديان بنا إلى الإنهاك، ويثقلان كاهلنا حتى نشعر أننا كالسفن المحملة بأكثر من طاقتها فتميل وتغرق».وإن كان كتاب (لا تكن طيبا فتندم) قد جذبني بما ضمه من نصائح وعبر، فإنه أوقفني أمام تساؤل يطرحه كل من أسدى معروفا للآخرين وتنكر له، و«هل من القيم أن يكون جزاء المعروف والجميل النكران والجحود»؟إن ما نراه اليوم من نكران المعروف من قبل البعض لم ينحصر على فئة الشباب، بحجة عدم امتلاكهم للخبرة في الحياة، بل غدا منتشرا أيضا بين الكبار رجالا ونساء، والذين يرون أن إسداء المعروف لهم واجب على الشخص القيام به، وليس تطوعا وكرما منه، فعليهم أن يراجعوا أنفسهم، ويدركوا أن من ساعدهم وأوصلهم لسلم النجاح، وصعدوا للأعلى، ينبغي أن يشكروه، لا أن يتنكروا له ولكل عمل قدمه لهم!وختاما أقول ليس عيبا أن تكون شخصا غير محبوب لدى البعض، لأنك لم تساعدهم، وتذكر دوما أن «رضا الناس غاية لا تدرك، ورضا الله غاية لا تترك، فاترك ما لا يدرك، وأدرك ما لا يترك»، وإن «أكبر الخاسرين من يمضي حياته وهو يحاول أن يكون كما يريده الناس».@ashalabi1380

مشاركة :