وتمضي الحياة بالبشر منهم السعيد ومنهم الشقي المعذب المغبون في خضم الحياة.. لا سعادة دائمة ولا شقاء باق ودوام الحال من المحال. لاح في خاطري حين مررت في أحد شوارع حي من الأحياء منظر عامل نظافة يتحامل على نفسه من شدة التعب والإرهاق في يوم قائظ شديد الحرارة.. رباه مازال في نضال مستمر يعاني من العطش والإنهاك. هم عمال عاشوا شبابهم في الغربة والمذلة تركوا الأوطان والأهل والأبناء من أجل لقمة العيش وتوفير حياة أفضل لهم.. برواتب متدنية جدََا الذين يخضعون لشركات النظافة في المدن والمحافظات تبخسهم في رواتبهم التي لاتغطي متطلبات حياته وأبنائه.. هؤلاء العمال برواتبهم المتدنية يبعثون لذويهم وأبنائهم مصاريف تقيهم صراعات الجوع وقسوة الظروف.. ولا زالوا يعانون مرارة الحياة حياتهم رحلة من الشقاء والتعب والرضا بما قسمه الله لهم.. هكذا هي حياتهم تتأرجح بين الضحكة والدمعة.. من خلال راحة مبتورة يؤثرون على أنفسهم لأجل الأبناء ومازالوا يسيرون في دروب المعاناة إلى أن شابت أيامهم وشاخت سنوات العطاء.. وتقدم بهم العمر _ وثقلت اكتافهم بأعباء الحياة وناءت بهم قضاياها إلى أن ذوت سنوات أعمارهم.. عادوا إلى أوطانهم وهم على كف الشيخوخة. وفي المقابل يسافر الأبناء إلى بلاد الغربة من أجل لقمة العيش.. صاروا يبعثون لآبائهم مصاريف الحياة.. لم يجدوا آباءهم حولهم وهم أطفال صغار.. وكذلك لم يجد الآباء أبناءهم حولهم حين تقدم بهم العمر.. هكذا هي أحوال الكثيرين من شعوب العالم المنكسرين الذين هم في حاجة لمن يكفكف دموعهم ويمحو عهم وحشية الظلام.. ويزيل عن كاهلهم أثقال الحياة وظلم المتجبرين من البشر. مسكين أنت أيها الأب دائمََا في معاناة من أجل الأبناء.. أعانك الله وسدد خطاك.. وسلمك من غدر الدنيا.
مشاركة :