أوعزت وزارة الداخلية اللبنانية للجهات المختصة بإجراء تحقيق في تسجيل صوتي تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي، يهدد بمهاجمة السفارة السعودية في بيروت. وجاء في بيان الوزارة “وجّه وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، وبصفته رئيس مجلس الأمن الداخلي المركزي، كتابين إلى كل من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات، طالبا إجراء الاستقصاءات اللازمة والعمل على توقيف من يثبت تورطه وإحالته أمام القضاء”. وأوضحت الوزارة أن التوجيهات أعطيت “إثر انتشار تسجيل صوتي بتاريخ الثالث والعشرين من أغسطس 2022 لأحد الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي، يتوعد فيه سفارة المملكة العربية السعودية في بيروت بعمل إرهابي”. وانتشر مقطع صوتي مسجل لمواطن سعودي في لبنان يتوعد بلاده بأنه إذا حدث أي شيء لأي فرد من عائلته “فلن يبقى أي موظف في السفارة السعودية على قيد الحياة”، مهددا بأنه “سيبيد كل من في السفارة السعودية وكل من له صلة بها”. المشتبه به يدعى علي بن هاشم بن سلمان الحاجي، وهو مطلوب لدى السعودية بجرائم إرهاب ويقيم الآن في سوريا وأشار البيان إلى توفر معلومات للوزارة “ترجح أن المدعو علي بن هاشم بن سلمان الحاجي من الجنسية السعودية، هو صاحب التسجيل الصوتي المتداول ومطلوب للسلطات السعودية بجرائم إرهاب”. وأفاد مصدر أمني بأن الحاجي يقيم في لبنان منذ سنوات و”شارك في العديد من المؤتمرات المعارضة للنظام السعودي”، حضرها مسؤولون كبار في حزب الله، المدعوم من إيران. والحاجي في سوريا حاليا، بحسب المصدر. وبعد قطيعة استمرت أشهرا عدة على خلفية تصريحات لوزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي المسيئة للرياض دفعت السعودية إلى استدعاء سفيرها، استأنفت السعودية في أبريل علاقاتها الدبلوماسية مع لبنان. وعلّقت السعودية في أبريل 2021 استيراد الفاكهة والخضار من لبنان أو السماح بمرورها على أراضيها، بعد ضبط شحنة ضخمة من حبوب الكبتاغون المخدرة مخبأة ضمن شحنة من الرمان. وعاد السفير في وقت سابق من هذا العام، وتعهدت السعودية منذ ذلك الحين بتقديم دعم مالي محدود للقطاع الصحي في لبنان جنبا إلى جنب مع فرنسا، التي قادت الجهود الدولية لإعادة التواصل السعودي مع لبنان. وتتمتع السعودية وفرنسا بعلاقة جيدة بينهما تقوم على مصالح إستراتيجية مشتركة، وتتمثل تلك المصالح في حفظ الأمن في المنطقة، لاسيما في الدول التي تشهد اضطرابات أمنية وسياسية. والشهر الماضي قُتل مواطن سعودي في الضاحية الجنوبية لبيروت وأوقف شقيقاه على خلفية الواقعة. الحاجي يقيم في لبنان منذ سنوات وشارك في العديد من المؤتمرات المعارضة للنظام السعودي وتعد السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الإقليمية. وكانت السعودية قبل تفجر الأزمة الدبلوماسية مانحا رئيسيا للبنان، إلا أن تنامي نفوذ جماعة حزب الله، التي تصنفها الرياض والولايات المتحدة جماعة إرهابية، تسبب في انكفاء الرياض. وبذلت الرياض كل ما في وسعها على مدى سنوات مضت لدعم لبنان وحث الفرقاء على منع ارتهانه إلى أيّ جهة خارجية، لكن اللبنانيين ظلوا ينظرون إلى المملكة كجهة مهمتها ضخ الأموال وتحريك الاقتصاد والسياحة دون أيّ التزام سياسي تجاهها، وهو خيار لم يعد يتماشى مع سياستها الجديدة. وقدّمت المملكة المليارات من الدولارات في سبيل إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية (1975 – 1990)، لكنّها بدت في السنوات الماضية غاضبة جراء فشل السياسيين اللبنانيين في كبح جماح حزب الله المسلّح والنافذ والمدعوم من إيران. وشهدت العلاقات السعودية – اللبنانية منذ العام 2016 فتورا غلب عليه التوتر، في ظل هيمنة حزب الله المدعوم من إيران وحلفائه على القرار اللبناني، واتخاذ الخارجية اللبنانية سلسلة من المواقف بدت مناوئة للرياض. وسجلت في الأشهر الأخيرة عودة الاهتمام السعودي بلبنان، لكن لم يصل في واقع الأمر إلى تغيير حقيقي في الموقف، فالرياض لا تزال تصر على ضرورة تحجيم نفوذ حزب الله كخطوة أساسية لاستئناف الدعم لهذا البلد، وهو شرط لم يلتزم به رؤساء الحكومات السابقون. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :