ماكرون يشير إلى نهاية زمن الوفرة ويحذر الفرنسيين من أوقات صعبة

  • 8/26/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بينما تواجه العائلات الفرنسية ضغوطا بسبب اضطراب سلسلة الإنتاج وارتفاع أسعار الطاقة ومعدلات الفائدة من دون أن تلوح في الأفق بوادر تحسن، سعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى إعداد مواطنيه لأوقات أصعب نتيجة تبعات الجائحة والحرب في أوكرانيا. وقال ماكرون، الذي اكتسبت بشرته سمرة وبدت نبرته حازمة، مخاطبا وزراءه في أول اجتماع للحكومة بعد عطلة الصيف إن العالم شهد نهاية المُسلَّمات، والوفرة اليسيرة للبضائع والموارد، و"راحة البال الأكيدة". وخطاب ماكرون الذي جاء خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء وبثّ مباشرة بشكل استثنائي، أثار انتقادات من المعارضة اليسارية والنقابات، بينما دعت منظمات عدة إلى تعبئة وإضراب في 29 سبتمبر. وقال ماكرون الذي أعيد انتخابه في أبريل الماضي لكنه حرم من الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية في انتخابات يونيو "قد تبدو اللحظة التي نعيشها وكأنها قائمة على سلسلة من الأزمات الخطيرة (..) لكن أعتقد أن ما نمر به هو تغيير كبير أو تحول كبير". وتحدث عن آثار الحرب في أوكرانيا التي بدأت قبل ستة أشهر وأزمة المناخ، مشددا على "نهاية الوفرة" سواء كانت "نقدية" أو "منتجات تقنية" أو مواد أولية أو مياه. إغراءات الغوغائية وتابع "ما آمل أن نتمكن من القيام به في الأسابيع والأشهر المقبلة هو إعادة التأكيد على وحدة الحكومة، لقوى الأغلبية حول المسار الذي سيسمح لنا بتعزيز سيادتنا واستقلالنا الفرنسي والأوروبي". وأمام "صعود الأنظمة غير الليبرالية" و"تعزيز الأنظمة الاستبدادية"، دعا الرئيس وزراءه إلى التحلي بـ"الجدية" و"المصداقية" وعدم الانصياع لإغراء "الغوغائية". وأشار إلى أنه "من السهل أن تعد بأي شيء وبكل شيء، وأحيانًا قول كل شيء وأي شيء. دعونا لا نستسلم لهذه الإغراءات، إنها غوغائية. إنها تزدهر في جميع ديمقراطيات العالم الآن، في عالم معقد يثير الخوف". وأضاف “قد يبدو قول ما يريد الناس سماعه أمرا جذابا (..) لكن يتعين أولاً التفكير في ما إذا كان ذلك فعالاً ومفيدا" دون الاستشهاد بأمثلة ملموسة. وإلى جانب تعطل سلسلة الإنتاج بسبب الوباء وارتفاع التضخم مع زيادة أسعار الطاقة والغذاء بسبب الحرب في أوكرانيا، وارتفاع معدلات الفائدة الذي يزيد كلفة الاقتراض، تعيش الأسر الفرنسية تحت الضغط. الأسوأ من ذلك، يهدد احتمال حدوث انفجار في أسعار الطاقة خلال فصل الشتاء بالحد من قدرة فرنسا على تأمين تدفئة. وقد خفّضت هوامش ميزانية الحكومة لمساعدتها في الإنفاق خلال العامين الماضيين للتخفيف من تأثير كوفيد – 19 على النشاط. وكان الرئيس الفرنسي قد أعلن في يوليو الماضي أنه يريد إعداد "خطة تقشف" للطاقة لفرنسا. في الوقت نفسه شهد الفرنسيون هذا العام صيفا اتسم بموجتي حر وجفاف تاريخيتين تعكسان تأثير الاحترار المناخي. من جهته، صرح وزير الاقتصاد برونو لومير لقناة "فرانس 5" مساء الأربعاء بأنه لا يتوقع حدوث “تحسن على جبهة التضخم" قبل بداية 2023. وقال لومير "في الأسابيع والأشهر المقبلة حتى نهاية 2022 سنواصل رؤية أسعار مرتفعة جدا. بعد ذلك، في بداية 2023، وعلى كل حال هذا ما نتوقعه، في الربع الأول من 2023، يفترض أن نرى الأسعار والتضخم يتراجعان. سيحدث ذلك تدريجيا". لكنه أوضح أيضا أنه "ليس لدينا سيناريو مطروح على الطاولة اليوم يتوقع تضخما من رقمين في فرنسا" حيث بلغ ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية 6,1 في المئة في يوليو على مدى عام، حسب المكتب الوطني للإحصاء. رد فعل الشعب أحداث مطبوعة بذاكرة التونسيين أحداث لا تزال مطبوعة بذاكرة الفرنسيين في مواجهة هذا التحول وبينما تتذكر فرنسا حركة السترات الصفراء التي عكست غضب جزء من السكان منذ خريف 2018 وتخللت تظاهراتها أعمال عنف، قال ماكرون إن "مواطنينا قد يردون بقلق شديد". لذلك دعا فريق حكومته إلى "احترام الوعد والتعهدات التي تقدم". وكان الخبير الاقتصادي فيليب مواتي قد حذر الاثنين من أن "الاستياء موجود"، مشيرا إلى أن نسبة الفرنسيين المؤيدين لحركة السترات الصفراء ارتفعت إلى 60 في المئة بحسب استطلاع أجراه معهد "أوبسوكو" في يونيو الماضي. وفي هذه الأجواء انتقدت المعارضة اليسارية والنقابات تصريحات ماكرون. وقال رئيس "الكونفدرالية العامة للعمل" (سي جي تي) فيليب مارتينيز لقناة "بي أف أم تي في" إن تصريحات ماكرون "رسالة بعيدة عن التوقعات”. وأضاف "عندما نتحدث عن نهاية الوفرة أفكر في الملايين من العاطلين عن العمل والملايين الذي يعيشون في وضع هش". وتساءل محذرا "هل يطلبون تضحيات جديدة؟ سيطلبها. سنعارضها". ◙ 60 في المئة ارتفاع عدد الفرنسيين المؤيدين لحركة السترات الصفراء بسبب الاستياء من جهته، كتب الأمين العام للحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل في تغريدة على تويتر "وكأن الفرنسيين كانوا دون أي هموم ولديهم فائض في الاستهلاك (..) عشرة ملايين فقير فرنسي بسبب لامبالاة الرئيس ماكرون ونهب الأغنياء". وذكر الرئيس الفرنسي التهديد المعلوماتي في أجواء تتزايد فيها الهجمات وقد تتصاعد هذا الخريف، بحسب بعض المراقبين. وبينما ستجري بعض الدول الأوروبية الكبرى مثل إيطاليا وإسبانيا انتخابات عامة قريبا، حذر إيمانويل ماكرون أيضا من "نهاية المسلّمات" مثل "الديمقراطية وحقوق الإنسان". ويبدو أن الحكم الديمقراطي الليبرالي يتآكل في مواجهة النماذج غير الليبرالية وبعض الحركات السياسية في شعوبها. ويواجه ماكرون، الذي فاز بفترة رئاسية ثانية في أبريل ولكنه خسر الأغلبية المطلقة في البرلمان، عددا من التحديات في الأشهر القليلة المقبلة، بما يشمل إقناع المشرعين الممانعين بتمرير ميزانية عام 2023. وهناك مسألة مهمة أخرى هي ما إذا كان سيمدد العمل بالحد الأقصى لأسعار الكهرباء والغاز الطبيعي الذي ينقضي بنهاية العام الجاري وتقديم خصومات على سعر الوقود، وهما أمران ساهما في إبقاء معدل التضخم الفرنسي أقل من دول كثيرة في الاتحاد الأوروبي، ولكنهما يثقلان كاهل مالية الحكومة بشدة. ويجري أيضا العمل على إصلاحات في برامج المعاشات وإعانات البطالة وقد تثير احتجاجات في الشوارع. وقال ماكرون مخاطبا وزراءه "أتوقع أيضا التحلي بالجدية والمصداقية في مواجهة هذه الصعوبات، وهذه التحديات". واستطرد قائلا "قد يكون أمرا مغريا قول ما يريد الناس سماعه.. ولكن عليكم أولا أن تتساءلوا إن كنتم تتمتعون بالكفاءة". ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :