باشاغا يفشل للمرة الثانية في الإطاحة بالدبيبة

  • 8/28/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

طرابلس - فشل رئيس الحكومة الليبية المعين من البرلمان فتحي باشاغا في الإطاحة بحكومة منافسه عبدالحميد الدبيبة بعد أن فقدت جماعات مسلحة موالية له السيطرة على الأرض في معركة طرابلس التي انتهت بسقوط 32 قتيلا وعشرات الجرحى وهي الحصيلة الأسوأ في ثاني عملية تنفذها فصائل موالية لباشاغا. وعاد الهدوء إلى طرابلس الأحد غداة اشتباكات دامية بين مجموعات مسلحة اندلعت في العاصمة الليبية ليل الجمعة السبت، فيما سمع إطلاق نار كثيف ودوي قصف مدفعي طوال ليل الجمعة ويوم السبت حتى حلول الظلام في عدد من أحياء العاصمة وسط فوضى سياسية مع حكومتين متنافستين. وتتنافس حكومتان على السلطة منذ مارس/اذار: واحدة مقرها طرابلس ويقودها الدبيبة، والأخرى بقيادة وزير الداخلية السابق باشاغا ويدعمها المشير خليفة حفتر رجل الشرق القوي. وذكرت وسائل إعلام وخبراء أن الاشتباكات "انتهت بهزيمة محاولة باشاغا للإطاحة بحكومة منافسه"، بينما لعبت مجموعات مسلحة محايدة في هذه المواجهة السياسية لا سيما "قوة الردع" التي وقفت إلى جانب الدبيبة، دورا حاسما في نتيجة القتال. وهذه ثاني محاولة فاشلة يقوم بها باشاغا لمحاولة إزاحة منافسه من السلطة التنفيذية، حيث اضطرت مجموعات مسلحة موالية له في الأشهر الماضية للتراجع عن اقتحام طرابلس في حين كانت مجموعات موالية للدبيبة تحتشد للمواجهة وصد الهجوم. وكان باشاغا الذي اتخذ من مدينة سرت الساحلية مقرا مؤقتا لحكومته، قد أعلن في أكثر من تصريح سابق أنه لن يلجأ للسلاح لدخول العاصمة وتولي مهامه. وكان متوقعا على نطاق واسع أن تنزلق المشاحنات السياسية والتحشيد العسكري من الجانبين إلى مواجهات مسلحة وسط مخاوف من عودة ليبيا إلى مربع العنف مجددا. وجرت الاشتباكات على نطاق غير مسبوق منذ فشل محاولة المشير حفتر في يونيو/حزيران 2020 في دخول العاصمة طرابلس، في ذروة الحرب الأهلية التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي في 2011. وكانت ليبيا غارقة في أزمة سياسية كبيرة منذ نهاية حكم القذافي مع التنافس بين المناطق الرئيسية وصراعات على السلطة والتدخل الأجنبي. وشكلت حكومة مؤقتة في طرابلس مطلع 2021 في إطار عملية رعتها الأمم المتحدة ومهمتها الرئيسية تنظيم انتخابات في ديسمبر/كانون الأول الماضي. لكن الانتخابات تأجلت إلى أجل غير مسمى بسبب خلافات شديدة على الأساس القانوني للانتخابات ووجود مرشحين يسببون انقساما بينهم بالتحديد الدبيبة وباشاغا وحفتر، إلى جانب نجل القذافي المثير للجدل سيف الإسلام. ونظرا لانتهاء مدة ولايته، عيّن البرلمان الذي يتخذ من شرق البلاد مقرا، في فبراير/شباط الماضي باشاغا رئيسا للوزراء، ما دفع الدولة الواقعة في شمال إفريقيا إلى أزمة سياسية خطيرة، فيما أكد الدبيبة مرات عدة أنه لن يخضع إلا لحكومة منبثقة عن صناديق الاقتراع. ولم يرد باشاغا الذي نصب حكومته مؤقتا في سرت (وسط) ليبيا، على هذه الهزيمة الجديدة. وظهر خصمه الدبيبة في مقطع فيديو ليل السبت في أحد مقار قواته وهو يحيي المقاتلين الداعمين لحكومته. وصافح الدبيبة الذي كان محاطا بحراسه أنصاره، والتقط صورا تذكارية وتبادل بضع كلمات تشجيعية معهم. وقال لحشد من المقاتلين في تسجيل نشره على حسابه على تويتر إن "هذا البلد لن نتركه للأوغاد"، مشيرا إلى أن الهجوم مدعوم "داخليا وخارجيا". وعلت في الأثناء هتافات تأييد في صفوف المقاتلين وقادتهم المحيطين به. وسبب القتال أضرارا جسيمة في العديد من المباني، بينما احترقت عشرات السيارات وأصيبت ستة مستشفيات في إطلاق النار. وأُرجأت امتحانات المرحلة النهائية للمدارس الثانوية وأغلقت جامعة طرابلس حتى إشعار آخر. كما تم تعليق الرحلات الجوية في مطار معيتيقة الدولي، وهو الوحيد الذي يخدم طرابلس. وأمر عبدالحميد دبيبة رئيس حكومة طرابلس، باعتقال أي شخص متورط في "الهجوم على طرابلس" سواء كان "عسكريا أو مدنيا". وقالت قوة العمليات المشتركة وهي مجموعة مسلحة قوية مقرها في مصراتة داعمة للدبيبة، في بيان صحافي الأحد، إنها أوقفت العديد من "المهاجمين" المتورطين في محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها باشاغا. لكن الأزمة لم تنته بعد والوضع الأمني غير مستقر إطلاقا لا سيما في طرابلس، حيث ما زال عدد لا يحصى من المجموعات المسلحة ذات الولاءات المتغيرة "مؤثرا جدا". وقال ولفرام لاشر الخبير الدولي في شؤون ليبيا إن "المجموعات المسلحة التي وجدت نفسها في جانب واحد في قتال الأمس في طرابلس، ستشتبك غدا على الأراضي والمواقف والميزانيات". وأضاف الخبير في المعهد الألماني الدولي للشؤون الدولية والأمنية أن "الفصائل التي كانت موالية للدبيبة أمس ستتحداه غدا.. هذه قصة لا نهاية لها". وهذا الاستنتاج يستمد موثوقيته من تجارب سابقة حيث تقلب الجماعات المسلحة ولاءاتها حسب مصالحها وما أن تشعر أن مصالحها ستمس تنقلب موقفا وسلاحا وتولي وجهها لمن يدفع أكثر. وترجح مصادر أن الدعم المسلح الذي يحظى به الدبيبة هو نتاج سخائه في التعامل مع المجموعات المسلحة في طرابلس والتي يراها قوة اسناد في اي مواجهة مع خصمها. والمشهد الراهن بكل تجلياته تقريبا يكاد يكون هو ذاته الذي عاشته ليبيا خلال فترة المواجهة بين حفتر وحكومة الوفاق الوطني السابقة بقيادة فايز السراج.  

مشاركة :