لتوفير العملات الصعبة عبر صادرات الغاز .. مصر تخفض إنارة شوارعها وميادينها

  • 8/28/2022
  • 21:36
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في مواجهة تراجع احتياطياتها من العملات الصعبة، وجدت مصر حلا يتمثل في خفض إضاءة الساحات العامة في البلاد، في إطار إجراءات لترشيد الطاقة محليا وتصديرها، بينما يصر خبراء اقتصاد على أنه لا مفر من قرض من صندوق النقد الدولي، لتجاوز الأزمة. وأوضحت الحكومة في بيانها حول ترشيد استهلاك الكهرباء أن الهدف هو "تحقيق فائض إضافي متوسطه نحو 15 في المائة من حجم الغاز الطبيعي الذي يضخ لمحطات الكهرباء، على مدار العام، بغرض تصديره والاستفادة من العملة الصعبة". وشددت على تخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية، وعلى رأسها ميدان التحرير الذي بلغت تكلفة إضاءته أثناء تطويره نحو أربعة ملايين دولار. وتفيد بيانات البنك المركزي المصري بأن قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي ارتفعت إلى 5.6 مليار دولار في الفترة بين تشرين الأول (أكتوبر) 2021 وآذار (مارس) الماضي. ووقعت مصر في يونيو مع الاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم تهدف الى تصدير الغاز إلى أوروبا، في محاولة لإيجاد بدائل للطاقة الروسية. وأعلنت مصر في 2018 تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي خصوصا بعد دخول حقل ظهر العملاق على خريطة الإنتاج، ليصل معدل الإنتاج إلى نحو سبعة مليارات قدم مكعبة يوميا. لذلك يبدو هذا القطاع واعدا في إطار الجهود لتجاوز الأزمة. وبحسب "الفرنسية"، تحاول مصر من جهة ضبط ارتفاع الأسعار بعد أن وصل معدل التضخم السنوي إلى نحو 15 في المائة، وتسعى من جهة أخرى إلى توفير النقد الأجنبي للخروج من نفق تبعات الحرب الروسية - الأوكرانية. في الوقت نفسه، تتفاوض حاليا مع صندوق النقد الدولي من أجل قرض جديد لدعم الدولة التي تصل فيها نسبة الفقر إلى نحو 30 في المائة من مجمل السكان الذين يتجاوز عددهم 103 ملايين نسمة. واتخذت مصر في الواقع إجراءات عدة تتوقع أن يسمح تطبيقها بتوفير العملة الصعبة، بدءا بتخفيض قيمة الجنيه في آذار (مارس) الماضي بنحو 17 في المائة أمام الدولار ليتجاوز سعر بيع العملة الأمريكية 18 جنيها آنذاك. كما وافقت الحكومة - بحسب بيان رسمي أخيرا - على مشروع قرار لترشيد استهلاك الكهرباء بما في ذلك "تخفيض إنارة الشوارع والميادين العمومية"، من أجل توفير كميات من الغاز الطبيعي لتصديرها. من جهته، يرى هاني جنينة المحاضر في الجامعة الأمريكية في القاهرة والاقتصادي المصري أن الحكومة المصرية تحتاج خلال الشهر المقبل ونصف الشهر إلى القيام بـ"إجراءات إصلاحية نتجرع منها جرعة سريعة في الأمد القصير، حتى نتمكن من توفير الدولار"، على رأسها تحرير سعر الصرف بشكل كامل. وبعدما أشار إلى أن "المشكلة تكمن في السياسة النقدية نفسها"، قال جنينة "إنه من الأسباب الكلاسيكية لتعرض بعض الدول الناشئة لأزمات اقتصادية تثبيت سعر الصرف بشكل وهمي". وأوضح أن ذلك "يشجع المقترض الحكومي على الاقتراض من الخارج، ما يعرض الدولة لمأزق حال طلب السداد". وتابع جنينة "منذ الأسبوع الماضي وهناك نقص في توفير الدولار للمستوردين من قبل البنوك في مختلف القطاعات"، معتبرا الحل يكمن في "تسريع وتيرة التفاوض مع صندوق النقد". وكانت مصر حصلت سابقا على قرض قيمته 12 مليار دولار من الصندوق بموجب اتفاق تم توقيعه نهاية 2016، وقرضين آخرين في 2020 بقيمة 5.4 مليار دولار لتطبيق برنامج اقتصادي، و2.8 مليار دولار لمواجهة وباء كوفيد - 19". في هذا الإطار، قرر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأسبوع الماضي تعيين المصرفي المعروف حسن عبدالله، الذي كان عضوا في أمانة سياسات الحزب الوطني في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، قائما بأعمال محافظ البنك المركزي خلفا لطارق عامر الذي عين مستشارا للرئيس. لم تعرف أسباب رحيل عامر رسميا، لكن بعض وسائل الإعلام المحلية ذكرت أن أحد الأسباب هو "عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي". ويرى جنينة أن "خلاف وجهات النظر داخل الحكومة مبني على سرعة تنفيذ الإجراءات، لكن هناك اتفاقا على المستهدفات"، مشيرا إلى أن صندوق النقد قد يطلب تطبيقا عاجلا في بعض الملفات مثل الدعم وسعر الصرف، بينما تفضل الحكومة القيام بذلك تدريجيا. ويرى جيمس سوانستون الاقتصادي في "كابيتال إيكونوميكس" أن قيمة "العملة المصرية بحاجة إلى أن تخفض مرة أخرى ليبلغ سعر الدولار 25 جنيها بنهاية 2024، لتجنب التعرض لاختلالات خارجية" أي نقص النقد الأجنبي. وأضاف أن ذلك "يتطلب من صانعي السياسة التمسك بهذا التغيير". ويتوقع سوانستون أن يمهل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مصر "فترة راحة من بعض الضغوط الخارجية وسيسمح خصوصا بطمأنة المستثمرين، ويفترض أن يسهم في جذب الاستثمار مرة أخرى". وتفيد بيانات المصرف المركزي بأن مصر شهدت خروج 14.6 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، "ما يعكس قلق المستثمرين على أثر اندلاع الصراع الروسي - الأوكراني"، كما يقول. يذكر أن وزارة التخطيط المصرية أعلنت الأسبوع الماضي تحقيق معدل نمو اقتصادي للعام المالي 2021/22 نسبته 6.6 في المائة "مدفوعا بطفرة نمو محققة في الأشهر التسعة الأولى"، قبل أن يبدأ ظهور انعكاسات الحرب الروسية - الأوكرانية. وكانت نسبة النمو بلغت في العام المالي الذي سبقه 3.3 في المائة.

مشاركة :