لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله والدتنا الغالية الفاضلة مضاوي عبدالرحمن الغرير وأسكنها فسيح جناته، شهر ونصف والوالدة في العناية المركزة، فترة صعبة عشناها بين الألم والأمل وحولنا أطباء وممرضات أكفاء يعملون بكل إخلاص ويحاولون أداء مهامهم الصعبة بمهنية عالية، كما يحاولون في الوقت نفسه التعامل مع عائلة المريض بتوازن لا يتخلى عن المهنية ولا يفقد الأمل بالله. في العناية المركزة كنا نفرح إذا فتحت الوالدة عيونها ونحتفل إذا تثاءبت وتغمرنا السعادة إذا حركت يدها. يا إلهي، كم في العناية المركزة من دروس وعبر، يتذكر الإنسان كم يحتاج إلى العناية بالقيم الجميلة، بالسلام والتسـامح والاعتدال والحب والعطاء والتواضع والبر بالوالدين والعناية بالصحة. نعم الله علينا كثيرة ومنها نعمة الوالدة مضاوي، حياتها إيمان وحب وعطاء ومسؤوليات، آه ما أجمل الذكريات.. لم تكن الوالدة تخترع لغة جديدة في تعاملها مع مساعدتها المنزلية (إلسي) كانت تخاطبها بعفوية وباللهجة الشعبية الجميلة وكانت النتيجة أن مساعدتها تعلمت لغتنا أو لهجتنا في مدرسة الوالدة. حين يقول أحدنا للوالدة (أحبك) كانت ترد بجملة (الله يحبك). أم منذ شبابها وهي متمكنة من مسؤولية التربية وإدارة الأسرة والقيام بكل المهام المنزلية والزوجية دون تذمر. مهام صعبة، سبعة أولاد وثلاث بنات، مسؤولية جسيمة تتقاسمها مع والدنا المحب الهادئ الحكيم الكادح من أجلنا. لم تدرس الوالدة مبادئ التربية ولم تقرأ كتب تطوير الذات لكنها كانت مدرسة ونبع حب وعطاء لا ينضب، أليس هناك فرق بين التعليم والتربية.؟ في العناية المركزة كانت تتحدث إلينا ولكن بعيونها فقط، كانت لغة عيونها أقوى من كل الكلمات، أجمل من كل اللغات، حالة تذكر فيها ابن الأخت خالد الدوسري قول الشاعر: تشكو فأفهم ما تقول بطرفها ويرد طرفي مثل ذاك فتفهم صورة معبرة عن حوارنا مع الوالدة في العناية المركزة، كانت لغة حب لا لغة إشارة ولا لغة مسموعة أو مقروءة، لا لغة عربية ولا أجنبية، كانت لغة حب. هو الحب الذي زرعته في العائلة، جعلته مبدأً وممارسة، كانت وستظل بعد رحيلها إلى رحمة الله هي عماد خيمة الحب التي نستظل بها وتحفزنا على التماسك والتعاون والالتزام بالقيم الجميلة. الله يرحم ويغفر لوالدتنا الغالية ويسكنها فسيح جناته وينعم عليها بعفوه ورضوانه ويجعل ما أصابها أجر يا رب العالمين. "إنا لله وإنا إليه راجعون"