واشنطن - قالت الولايات المتحدة إنها لا تزال قلقة من الرقابة التركية على حرية التعبير، في الوقت الذي نظمت فيه جماعات نسوية احتجاجا في إسطنبول السبت في أعقاب اعتقال نجمة البوب التركية جولشان بعد تعليق ساخر لها عن المدارس الدينية. وسُجنت المغنية وكاتبة الأغاني جولشان الخميس بانتظار المحاكمة بتهمة التحريض على الكراهية بعد أن بثت وسيلة إعلامية موالية للحكومة مقطع فيديو تضمن إدلاءها بالتعليق في أبريل. وبينما ندد عدد من وزراء الدولة بتعليق جولشان، أثار اعتقالها رد فعل عنيفا من المنتقدين الذين يرون أن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان عازمة على معاقبة أولئك الذين يعارضون آراءها المحافظة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة لا تزال تشعر بالقلق من الجهود واسعة النطاق في تركيا لتقييد حرية التعبير عن طريق الرقابة والمضايقات القضائية، وذلك بعد اعتقال جولشان. وانتقد المحتجون في إسطنبول ما وصفوه بالتناقض بين تقاعس القضاء في ما يتعلق بالعنف ضد المرأة وسرعة التحقيق واعتقال الفنانة. حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان عازمة على معاقبة أولئك الذين يعارضون آراءها المحافظة ويعارضون سياساتها الاستبدادية ويقول كثيرون إن جولشان استُهدفت بسبب آرائها الليبرالية ودعمها لحقوق ما يعرف بمجتمع الميم. وقال منظمو احتجاج إسطنبول للمتظاهرين عبر مكبر الصوت “لو أن إلقاء القبض على الرجال الذين يعتدون على النساء يتم بالسرعة التي جرى بها اعتقال جولشان، لكانت المئات من النساء اليوم على قيد الحياة”. وأضافوا أن اعتقالها هو أحدث وقائع الظلم بحق “النساء اللواتي لا يتناسبن مع القالب (المجتمعي)… أو لسن من نوع النساء الذي تريده الحكومة”. وقالت جولشان بمزاح في المقطع المصور الذي يتضمن التعليق، مشيرة إلى أحد العازفين في فرقتها، إنه “درس سابقا في مدرسة إمام خطيب. هذا هو المكان الذي يأتي منه انحرافه”. ودرس أردوغان، الذي وصل حزبه (العدالة والتنمية) ذو الجذور الإسلامية إلى الحكم قبل نحو 20 عاما، في واحدة من أولى مدارس إمام خطيب في البلاد. وأسست الدولة تلك المدارس لتخريج الأئمة والوعاظ. وقال إيميك إيمري محامي جولشان إن فريق الدفاع عنها قدم طلبا لإلغاء قرار حبسها، مضيفا أن إلقاء القبض عليها غير قانوني. وقال فيصل أوك وهو محام ومدير مناوب لرابطة دراسات وسائل الإعلام والقانون “أعتقد أنها رهن الحجز لأنها شخصية تمثل تركيا العلمانية وفنانة تشعر بأن من واجبها دعم حركة المثليين”. واستهدفت مجموعات دينية جولشان في الأشهر القليلة الماضية بسبب أزيائها على المسرح ودعمها لحقوق المرأة وحقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسيا. وطالب زعماء المعارضة وفنانون بالإفراج عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشاركوا رسائل للتضامن معها. مجموعات دينية استهدفت جولشان في الأشهر القليلة الماضية بسبب أزيائها على المسرح ودعمها لحقوق المرأة وحقوق المثليات والمثليين وتراجعت حقوق المرأة التركية منذ وصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلى الحكم في تركيا منذ تسعة عشر عاما، لكن انسحاب أنقرة مؤخرا من أول اتفاق في العالم لمكافحة العنف ضد المرأة (معاهدة إسطنبول) فاقم المخاوف من انتهاك المبادئ العلمانية لتركيا وتقييد الحريات المدنية للمرأة. وترى آزاده كيان الباحثة في علم الاجتماع بجامعة باريس السابعة ومديرة مركز التدريس والتوثيق والبحث للدراسات النسوية أنّ مواقف أردوغان ضد المرأة تدعو للقلق. وقالت مؤلفة كتاب النساء والقوة في الإسلام، إنه في تركيا “تشهد حقوق المرأة تراجعا حادا”، مشيرة إلى أن العديد من النساء في تركيا يشعرن بالحنين إلى القرن الماضي. وذكرت كيان أنه عندما تولى مصطفى كمال أتاتورك السلطة في عام 1923، بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، أرادت الأيديولوجيا القومية للجمهورية التركية الجديدة أن تجعل المرأة ضمن إصلاحاتها، وذلك عبر إلغاء تعدد الزوجات في القانون المدني، والحق في التصويت (1934)، والتخلي عن الحجاب، في إشارة إلى رغبة العديد من النساء في تركيا بالعودة إلى الماضي الذي كان يُتيح لهنّ حرية أكبر بكثير. وتخشى النساء التركيات من أن تسوء أحوالهنّ، منذ انسحاب بلادهن من اتفاقية إسطنبول في يوليو 2021، وهي معاهدة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان ضد العنف ضد المرأة، إذ يشعرن بأنهن أكثر ضعفا وبأنهن غير محميات قانونيا منذ الانسحاب. والعام الماضي سحب أردوغان تركيا من اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي، المعروفة باسم اتفاقية إسطنبول.
مشاركة :