لا خوف من حرب عالمية ثالثة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا

  • 8/29/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن – لا تزال حرب روسيا على أوكرانيا مستمرة بدون أفق واضح لنهايتها، وبلا سقف توقعات يمكن من خلاله استنتاج ما ستؤول إليه نتائجها في نهاية المطاف، ما حدا بالبعض إلى التكهن بإمكانية أن يؤدي حدوث تصعيد في مرحلة ما بين القوى الكبرى إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة، لكن هذا التكهن قوبل بتشكيك من بعض المحللين. ويقول جيسون ديفيدسون أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماري واشنطن في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنترست إن هناك قلقا متزايدا من أن تقع سياسة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في أوكرانيا في دوامة تصعيد يمكن أن تؤدي في النهاية إلى حرب عالمية ثالثة. ويرى ديفيدسون أنه للوهلة الأولى يبدو أن تاريخ دخول الولايات المتحدة في الحربين العالميتين الأولى والثانية بمثابة حكاية تحذيرية مثالية لدعم أولئك القلقين من مخاطر التصعيد. واتخذت الحكومة الأميركية في عامي 1914 و1940 موقفا حازما في معارضة الدخول في الحرب. وفي كلتا الحالتين التاريخيتين، أثارت زيادة المساعدات الأميركية لجانب واحد من المتحاربين ردود فعل معادية وساهمت في دوامة أمنية، مما جعل دخول الولايات المتحدة في كلتا الحربين أكثر احتمالا. وبحسب ديفيدسون هناك اختلافان بارزان بين الحربين العالميتين والحالة الحالية التي توفر سببا للتفاؤل في هذه الحالة. أولا، مع تكشف السنوات الأولى من الحربين العالميتين، تعززت تصورات الحكومة الأميركية للتهديد نتيجة لنجاحات العدو الرئيسي في ساحة المعركة والإجراءات التي تستهدف الولايات المتحدة. الولايات المتحدة كانت حذرة بشأن نوع المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا في مواجهة روسيا ودفعت هذه التصورات المتزايدة للتهديد الولايات المتحدة إلى التصعيد، وهو ما كان عاملا حاسما في دوامة الأمن. وفي كلتا الحالتين، راقب الشعب الأميركي والكونغرس المذبحة التي تتكشف في أوروبا برعب. والشيء الوحيد الذي تغلب على ترددهم في دفع تكاليف الدخول في الحرب هو التصور المتزايد بأن ألمانيا الإمبراطورية وألمانيا النازية كانتا تهديدين للمصالح الأميركية. وخفض صناع السياسة الأميركيون تقييمهم للقوة العسكرية الروسية منذ غزو أوكرانيا في الرابع والعشرين فبراير، ولم تتخذ موسكو أي إجراء جديد مهم لتهديد المصالح الأميركية، لذلك لا يوجد سبب يدعو الولايات المتحدة إلى المخاطرة بالحرب عن طريق التصعيد. وتشكل الترسانات النووية على كلا الجانبين عاملا جديدا ثانيا في هذه الحالة. أما اليوم، فلا تنذر الحرب مع روسيا بالمذابح فحسب، بل بمعركة نهاية العالم أيضا، ويفرض خطر هذه المعركة مستوى استثنائيا من الحذر، وهو ما نراه واضحا في القلق الحقيقي لدى الرأي العام الأميركي والكونغرس بشأن خطر الحرب مع روسيا. ومارست إدارة بايدن أيضا حرصا كبيرا لتجنب أي تصعيد خطير قد يؤدي إلى صراع مباشر بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) وروسيا. ورفضت الإدارة الأميركية باستمرار الدعوات إلى فرض منطقة حظر جوي أو أي إجراء آخر يمكن أن يخاطر بصدام عسكري مباشر مع روسيا. وقال الرئيس جو بايدن في مارس “لن نخوض حربا ضد روسيا في أوكرانيا”. كما كانت الإدارة الأميركية حذرة بشأن نوع المساعدات العسكرية المقدمة. فعلى سبيل المثال، قاومت تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة يمكن استخدامها لمهاجمة الأراضي الروسية. وأخيرا، طلبت الولايات المتحدة من أوكرانيا عدم استخدام الأسلحة التي قدمتها لها لمهاجمة الأراضي الروسية (وحتى الآن، يبدو أن أوكرانيا تمتثل لذلك) حتى في الوقت الذي تدعم فيه واشنطن كييف في استعادة الأراضي التي فقدتها سابقا لصالح روسيا. وفي حين تكبد الجانبان خسائر فادحة، فإن أوكرانيا هي التي أمسكت بزمام المبادرة. وتكشف هذه النكسات عن نقاط الضعف الروسية التي كانت موجودة قبل الحرب. وكما قالت السفيرة الأميركية لدى حلف شمال الأطلسي جوليان سميث في مقابلة أجريت معها في يوليو، فقد اعتقد كثيرون أن التحديث العسكري الروسي بعد عام 2008 كان ناجحا. وبدلا من ذلك، قالت إن الحرب كشفت أنه على الرغم من الاستثمارات “لم يتمكنوا (الروس) من القضاء على بعض التحديات الأساسية” التي كانت موجودة سابقا في مجال الخدمات اللوجستية والقيادة والسيطرة والروح المعنوية. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الحرب نفسها في المزيد من الخسائر في القوة الروسية. إدارة بايدن مارست حرصا كبيرا لتجنب أي تصعيد خطير قد يؤدي إلى صراع مباشر بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) وروسيا وأخيرا، وعلى النقيض من حالتي الحربين العالميتين، لم تصعد روسيا من إجراءاتها ضد الولايات المتحدة أو المصالح الأميركية منذ بدء الحرب. وأدرك المسؤولون في إدارة بايدن ضرورة تجنب أي سيناريو يمكن أن يؤدي إلى تبادل نووي في الحرب العالمية الثالثة مع روسيا. وفي أبريل حذر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز من أنه “لا يمكن لأي منا أن يستخف” بالتهديد الذي يشكله اللجوء المحتمل إلى الأسلحة النووية. وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان عندما سئل عن تزويد أوكرانيا بأنظمة الصواريخ التكتيكية إن “الهدف الرئيسي هو ضمان ألا ينتهي بنا المطاف في ظرف نتجه فيه على الطريق نحو حرب عالمية ثالثة”. وعلى الرغم من أسباب التفاؤل هذه، فإن المخاطر تتطلب يقظة مستمرة. ويجب على إدارة بايدن الاستمرار في إيلاء اهتمام وثيق للإشارات التي ترسلها روسيا كرد فعل على نجاحات أوكرانيا في ساحة المعركة أو أي مساعدات عسكرية غربية جديدة لكييف. ولا ينبغي للمسؤولين الأميركيين أن يفترضوا أنهم قادرون على إبقاء أي أسلحة يزودون بها أوكرانيا سرية. وأخيرا، تحتاج الولايات المتحدة أيضا إلى مواصلة الضغط على أوكرانيا لعدم استخدام المساعدات العسكرية الغربية بطرق من المرجح أن تؤدي إلى تصعيد من موسكو.

مشاركة :